0 / 0
25/شعبان/1446 الموافق 24/فبراير/2025

كيف تتعامل مع تضايق زوجها من كثرة ضيافة أهلها؟

السؤال: 540696

متزوجة، أسكن في ديار الغربة، ولدي اختان في نفس البلد، واحدة تجاورني، والأخرى بمدينة أخرى، وأهلي يسكنون في تونس، ويملكون بيتا فارغا بالجوار أيضاً هنا في إيطاليا، المشكلة هي: أنه كلما يأتي أحد إلى إيطاليا البيت الفاضي ينامون فيه فقط، ويضيفون عندي أو عند أختي؛ لأنه ما فيه أحد يطبخ بالبيت عندهم، ويفعلون هذا باستمرار مرات لمدة طويلة: شهر، مراتٍ أقل، مرات أكثر، وهذا على طول السنة، يعني كل 3 شهور 4 شهور يأتون إلى إيطاليا، زوجي أصبح يتضايق من هذا التصرف؛ بحكم أنه لا يأخذ راحته بالبيت، وأنه لا أحد يشاركه بمصروف البيت، هم فقط يستهلكون ويذهبون، وأنا مراتٍ أتفهم ذلك ومرات لا، وأصبح هذا الموضوع موضوع خناق بيننا على طول، هو يغضب ويقول لي هذا الكلام، وأنا لا أرضى؛ بحكم أني لا أستطيع الامتناع عن ضيافة أبي، أخاف أن يغضب علي، ويكون ذلك من العقوق، أصبحت أعيش ضغطا كل ما أتى إلى هنا، وعلاقتي توترت مع زوجي، وأبي أحس تغيراً في مزاجي.
السؤال هو:
أنا بين نارين: لا أريد خسارة زوجي، ولا أريد أن أقع في عقوق والدي، فما الحل؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:

يبدو من السؤال أنك تنتمين إلى عائلة كريمة وسخية، وتهتم ببر الوالدين، ولمّ الأسرة والاجتماع، وذلك لاعتياد والدك على الاستضافة، وقيامك المستمر بالطبخ والإطعام، ومراعاة حق الزوج. اللهم بارك.

ثانياً:

لا يخفى عليك حق الزوج، وأن حقه عظيم، ومن حق الزوج على زوجته ألا تدخل بيته أحداً يكره دخوله.

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال : (لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه ، ....) رواه البخاري (4899)، ومسلم (1026) .

وعن جابر رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: (فَاتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ؛ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ، ‌وَاسْتَحْلَلْتُمْ ‌فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ، فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ، وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) رواه مسلم (1218)، انظر: إجابة سؤال: (10680).

"قال الإمام أحمد رحمه الله، في امرأة لها زوج وأم مريضة: طاعة زوجها أوجب عليها من أمها، إلا أن يأذن لها". "المغني" لابن قدامة (7/224).

وقال ابن تيمية رحمه الله: "المرأة إذا تزوجت كان زوجها أملك بها من أبويها وطاعة زوجها عليها أوجب" انتهى من "مجموع الفتاوى" (32/261). وانظر: فتوى: (43123).

ثالثاً:

للمساعدة في ايجاد حلول لمشكلتك، وكيفية التوفيق بين حق الزوج وحق الوالد، فإليك هذه الوصايا:

1- الدعاء: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليس شيء أكرم على الله من الدعاء) رواه البخاري في "الأدب المفرد"(712)، وابن حبان في صحيحه (867)، وحسنه الألباني.

2- التوكل على الله تعالى، وهو الاعتماد على الله، بحيث ألا ترتابي ولا تشكي أن الله تعالى سيحل مشكلتك، وتحسنين الظن بالله بأنه على كل شيء قدير، وأنه مدبّر الكون. (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) الطلاق/3، قال ابن عباس رضي الله عنهما: "التوكل هو الثقة بالله". "زاد المسير"(1/ 320)، وقال عَبْدَ اللهِ بْنَ دَاوُدَ الْخُرَيْبِيَّ رحمه الله: " أَرَى التَّوَكُّلَ حُسْنَ الظَّنِّ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ". "شعب الإيمان" (2/ 456).

3- لا تجادلي زوجك، ولا تعارضيه، بل وافقيه، ثم اجتهدي معه في الحلول المتاحة.

فإذا كان مقتدراً، فقد تخففين عليه الغضب والضغط النفسي بتذكيره، ولو بطريقة غير مباشرة ببعض النصوص والقصص التي فيها فضائل الكرم، لا سيما إكرام الضيف. وأن الله جواد كريم، فنرجو بكرمه أن يكرمه الله ويجود عليه، وكذلك فضل صلة الرحم إن كانوا من الأرحام. وفضل الصدقات والإكرام عموماً؛ ومنه قول الله تعالى: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} سبأ/ 39. وقوله صلى الله عليه وسلم : "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ" متفق عليه. وما رواه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  قَالَ: "مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ". وقوله صلى الله عليه وسلم : (مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلاَّ مَلَكَانِ يَنْزِلاَنِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا ، وَيَقُولُ الآخَرُ : اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفاً) .

وينظر: فتوى: (153471)، (128791) ، (190097)، (269211).

ويراجع "كتاب رياض الصالحين": (باب الكرم والجود والإنفاق في وجوه الخير ثقةً بالله تعالى)، و"كتاب صحيح الترغيب والترهيب" (1/ 545): " الترغيب في الإنفاق في وجوه الخير كرماً".

4- إذا كان بإمكانك نقل وجهة نظر زوجك إلى والدك من خلال والدتك أو أي شخص مقرب يعيش معه، موضحةً أن زوجك يشعر بعدم الارتياح تجاه هذا الأمر، وتُقدمي السبب بأسلوب مقنع.

والحاصل:

أننا نرى أن الزوج محق، أو معذور، على أقل تقدير، في ذلك التبرم، باعتبار ما وصفت.

ونقول لك: إنه محق، ومن حقه عليك: أن تكون طاعته هي المقدمة، ولا تأذني في بيته، ولا طعامه، إلا بطيب نفس منه، ولا تستكرهيه، ولا تستحييه على شيء من ذلك، لا أنت ولا أهلك.

ونحن لا نرى الصورة المذكورة هي الصورة التي ندب الشرع إلى إكرام الضيف فيها، وأعطاه حقا في ذلك؛ ليس هذا هو الحق الشرعي، ولا يحل للضيف الذي أمرنا بإكرامه، وإعظائه حقه، أن يقيم عند المضيف بما يشق عليه، ويؤثمه، حتى لا يجد ما يكرمه به، أو يضيق عليه في معيشته، ومعيشة أهله.

وينبغي عليك أن تتفهمي ذلك، وأن تتلطفي في إيصال هذا المعنى لأهلك، بطريقة، أو بأخرى.

والله أعلم.

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android