0 / 0

ما سبب وجود آيات مكية في سورة مدينة؟

السؤال: 540938

قرأت أن في آخر سورة توبة آيات مكية لكنها مدنية، فلم أفهم هل الآيتان ١٢٨ و ١٢٩ نزلت قبل هجرة، أي قبل باقي الآيات الآخرة، أم قصدهم إنها نزلت بعد الهجرة في مكة لذلك قالو: أنهما مكيتان؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:

السور القرآنية لم تكن تنزل جملة واحدة إلا القليل منها، وما كان ينزل من الآيات كان ينزل مفرقاً في أزمان متفاوتة، فيأمر النبي صلى الله عليه وسلم بوضع ما نزل من الآيات، في موضع السورة المسماة بعد كذا أو قبل كذا.
فقد تنزل الآيات بمكة، ويأمر النبي صلى الله عليه وسلم بوضعها بعد آيات نزلت في المدينة والعكس.

قال السيوطي رحمه الله:

الإجماع، والنصوص المترادفة: على أن ترتيب الآيات توقيفي، لا شبهة في ذلك.

وأما الإجماع فنقله غير واحد، منهم الزركشي في البرهان، وأبو جعفر بن الزبير في مناسباته، وعبارته: ترتيب الآيات في سورها واقع بتوقيفه صلى الله عليه وسلم، وأمره؛ من غير خلاف في هذا بين المسلمين” انتهى من “الإتقان في علوم القرآن” (1/ 211):

وقد كان جبريل عليه السلام يتنزل بالآيات على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ويرشده إلى موضعها من السورة، أو الآيات التي نزلت قبلها. فيأمر الرسول صلّى الله عليه وسلم كتّاب الوحي بكتابتها في موضعها، ويقول لهم: (ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا).

وعن عثمان بن أبي العاص قال: (كنت جالسا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم، إذ شخص ببصره ثم صوبه، ثم قال: أتاني جبريل، فأمرني أن أضع هذه الآية في هذا الموضع في هذه السورة) وهي: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى … إلى آخرها” انظر: “مباحث في علوم القرآن” لمناع القطان (ص140).

ثانياً:

الآيات المشار إليها في السؤال: هي قوله تعالى: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) سورة التوبة/ 128-129.

وهاتان الآيتان: أكثر المفسرين أنهما مدنيتان، وأنهما من آخر ما نزل من القرآن، وذكر بعض أهل العلم أنهما مكيتان. واستبعده القرطبي والقاسمي.

قال القرطبي رحمه الله:

“هاتان الآيتان في قول أُبَيّ أقرب القرآن بالسماء عهدا…

وحكى النقاش عن أبي بن كعب أنه قال: أقرب القرآن عهدا بالله، تعالى هاتان الآيتان” لقد جاءكم رسول من أنفسكم” إلى آخر السورة.

وروى يوسف بن مهران عن ابن عباس أن آخر ما نزل من القرآن” لقد جاءكم رسول من أنفسكم” وهذه الآية، ذكره الماوردي.

وقال مقاتل: تقدم نزولها بمكة.

وهذا فيه بعد لأن السورة مدنية والله أعلم” انتهى باختصار يسير من “تفسير القرطبي” (8/ 301).

وقال الزركشي رحمه الله:

“وفي مستدرك الحاكم عن شعبة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس عن أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال آخر آية نزلت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} ثم قرأها إلى آخر السورة ورواه أحمد في المسند عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال آخر آية نزلت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} ثم قرأ إلى: {وهو رب العرش العظيم}” انتهى من “البرهان في علوم القرآن” (1/ 209).

وقال القاسمي رحمه الله:

“هي -التوبة- مدنية بإجماعهم.

قيل: سوى آيتين في آخرها: ( لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ).. [التوبة: 128] فإنهما نزلتا بمكة. وفيه نظر” انتهى من “تفسير القاسمي” (5/ 342).

وأيّاً ما كان الأمر؛ فلا إشكال في كون الآيتين المذكورتين مكيتين، وترتيبها في السورة بعد آيات مدنية، إن صحت ذلك في الرواية، لما سبق بيانه من أن هذا الترتيب توقيفي، وهذا متكرر في مواضع عدة من القرآن أن تجد آيات مكية، وترتيبها في المصحف بعد آيات مدنية، وهكذا.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android