من المعلوم أن سورة البقرة مُيسرة وتزيد البركة في اليوم وفي كل شيء، ولكن يحدث معي العكس، إذا قرأتها يتعسر يومي، فقد كنت أقرأها كل يوم، وتزيد المشاكل في المنزل معي، ولا أرى بركة في الوقت، وهذا شيء يحزنني حقاً، فما السبب بنظركم؟ وأنا الآن توقفت عن قراءتها يومياً، ارشدوني إلى ما يُحبُ الله ويرضى.
كانت تقرأ سورة البقرة يوميا فتزيد المشاكل وتشعر بقلة البركة فتركت القراءة
السؤال: 541419
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
ورد في فضل قراءة سورة البقرة: ما روى مسلم (804) عن أَبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ، اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا.
اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ؛ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ؛ وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ).
قَالَ مُعَاوِيَةُ: بَلَغَنِي أَنَّ الْبَطَلَةَ: السَّحَرَةُ .
فقراءتها سبب للبركة، أي الزيادة والنماء والمنفعة.
قال الملا علي القاري رحمه الله: "(فإن أخذها) أي المواظبة على تلاوتها، والتدبر في معانيها، والعمل بما فيها (بركة) أي منفعة عظيمة" انتهى من مرقاة المفاتيح (4/ 1461).
وقال في "مرعاة المفاتيح" (7/ 189): "(بركة) أي زيادة ونماء، وقيل أي منفعة عظيمة (وتركها) بالنصب ويجوز الرفع (حسرة) أي تلهف وتأسف على ما فات من الثواب، وقيل: أي ندامة يوم القيام" انتهى.
والظاهر: أن البركة تعم الوقت وغيره، لكن مع تحقيق معنى الأخذ، من التلاوة، والتبدبر، والعمل.
فإذا تخلفت البركة، فقد يكون لنقص في التدبر والعمل.
وقد يتأذى الشيطان من قراءة السورة فيسعى للتنكيد على القارئ ليصرفه عن القراءة.
فالنصيحة لك أن تعودي لما كنت عليه؛ فإن في قراءة هذه السورة يوميا خير عظيم إن شاء الله، وحسبك أن الحرف بعشر حسنات، وحروفها أكثر من 25 ألف حرف، فتجنين بذلك أكثر من 250 ألف حسنة في اليوم، فأي خير أعظم من هذا؟!
ثم إن الوقت الذي تعمرينه بهذه الطاعة، قد يضيع عليك سدى إن تركت قراءة السورة.
فعودي للقراءة، واثبتي على ذلك، وسلي الله تعالى الخير والبركة وصلاح البال وحسن العافية.
فعن عِمْرَان بنِ حُصَيْنٍ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (اقْرَءُوا الْقُرْآنَ، وَسَلُوا اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِهِ، فَإِنَّ مِنْ بَعْدِكُمْ قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، يَسْأَلُونَ النَّاسَ بِهِ) رواه أحمد (19917) وحسنه شعيب في تحقيق المسند.
ولعلك تجمعين بين قراءتها وبين الرقية الشرعية.
وينظر: جواب السؤال رقم: (3476)، ورقم: (148405).
واعلمي أن القرآن يؤنس صاحبه في قبره، ويكون سببا في رفعته وسعادته، كما روى أحمد (23000)، وابن ماجه (3781) عن عَبْدِ اللَّهِ بْن بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:"كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: (تَعَلَّمُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلَا يَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ).
قَالَ: ثُمَّ مَكَثَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: (تَعَلَّمُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ، فَإِنَّهُمَا الزَّهْرَاوَانِ، يُظِلَّانِ صَاحِبَهُمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ غَيَايَتَانِ، أَوْ فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ. وَإِنَّ الْقُرْآنَ يَلْقَى صَاحِبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يَنْشَقُّ عَنْهُ قَبْرُهُ، كَالرَّجُلِ الشَّاحِبِ فَيَقُولُ لَهُ: هَلْ تَعْرِفُنِي؟ فَيَقُولُ مَا أَعْرِفُكَ. فَيَقُولُ لَهُ: هَلْ تَعْرِفُنِي؟ فَيَقُولُ مَا أَعْرِفُكَ. فَيَقُولُ: أَنَا صَاحِبُكَ؛ الْقُرْآنُ، الَّذِي أَظْمَأْتُكَ فِي الْهَوَاجِرِ، وَأَسْهَرْتُ لَيْلَكَ.
وَإِنَّ كُلَّ تَاجِرٍ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَتِهِ، وَإِنَّكَ الْيَوْمَ مِنْ وَرَاءِ كُلِّ تِجَارَةٍ!!
فَيُعْطَى الْمُلْكَ بِيَمِينِهِ، وَالْخُلْدَ بِشِمَالِهِ، وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ، وَيُكْسَى وَالِدَاهُ حُلَّتَيْنِ، لَا يُقَوَّمُ لَهُمَا أَهْلُ الدُّنْيَا. فَيَقُولَانِ: بِمَ كُسِينَا هَذِهِ؟ فَيُقَالُ: بِأَخْذِ وَلَدِكُمَا الْقُرْآنَ.
ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: اقْرَأْ وَاصْعَدْ فِي دَرَجَةِ الْجَنَّةِ وَغُرَفِهَا؛ فَهُوَ فِي صُعُودٍ مَا دَامَ يَقْرَأُ؛ هَذًّا كَانَ أَوْ تَرْتِيلًا).
قال الشيخ شعيب الأنؤوط في تحقيق المسند: "إسناده حسن في المتابعات والشواهد، من أجل بشير بن المهاجر الغنوي"، وأورده الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2829).
جعلنا الله وإياك من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب