0 / 0

ما هو شرك المحبة، وهل للبغض الحكم ذاته؟

Soru: 542379

قرأت كلاما لابن تيمية، ذكر فيه أن من الشرك حب شيء لذاته؛ لأن الله تعالى فقط من يُحب لذاته، أفيكون بغض شيء لذاته كذلك؛ لأنه يقتضي أن يُحب عكسه لذاته؟

Cevap metni

Allah'a hamdolsun ve peygamberine ve ailesine salat ve selam olsun.

أولا:

لا يحب شيء لذاته إلا الله تعالى؛ لأن ذلك من خصائص إلهيته.

ومن أحب شيئًا لذاته سوى الله تعالى، فقد وقع في نوع من الشرك.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " بل لا يجوز أن يحب شيء من الموجودات لذاته إلا هو سبحانه وبحمده، فكل محبوب في العالم إنما يجوز أن يحب لغيره، لا لذاته، والرب تعالى هو الذي يجب أن يحب لنفسه، وهذا من معاني إلهيته، و{لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا}، فإن محبة الشيء لذاته شرك، فلا يحب لذاته إلا الله، فإن ذلك من خصائص إلهيته، فلا يستحق ذلك إلا الله وحده، وكل محبوب سواه إن لم يحب لأجله، أو لما يحب لأجله، فمحبته فاسدة. والله تعالى خلق في النفوس حب الغذاء، وحب النساء؛ لما في ذلك من حفظ الأبدان، وبقاء الإنسان؛ فإنه لولا حب الغذاء لما أكل الناس، ففسدت أبدانهم، ولولا حب النساء لما تزوجوا، فانقطع النسل، والمقصود بوجود ذلك، بقاء كل منهم ليعبدوا الله وحده، ويكون هو المحبوب المعبود لذاته، الذي لا يستحق ذلك غيره، وإنما تحب الأنبياء والصالحون تبعًا لمحبته، فإن من تمام حبه حب ما يحبه، وهو يحب الأنبياء، والصالحين، ويحب الأعمال الصالحة، فحبها لله هو من تمام حبه.

وأما الحب معه فهو حب المشركين الذين يحبون أندادهم كحب الله، فالمخلوق إذا أحب لله، كان حبه جاذبًا إلى حب الله، وإذا تحاب الرجلان في الله، اجتمعا على ذلك، وتفرقا عليه؛ كان كل منهما جاذبًا للآخر إلى حب الله، كما قال تعالى: {حقت محبتي للمتحابين فيّ، وحقت محبتي للمتجالسين فيّ، وحقت محبتي للمتباذلين فيّ، وإن لله عبادًا ليسوا بأنبياء، ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء، والشهداء بقربهم من الله، وهم قوم تحابوا بروح الله على غير أموال يتباذلونها، ولا أرحام يتواصلون بها، إن لوجوههم لنورًا، وإنهم لعلى كراس من نور، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس}.

فإنك إذا أحببت الشخص لله، كان الله هو المحبوب لذاته، فكلما تصورته في قلبك، تصورت محبوب الحق، فأحببته، فازداد حبك لله، كما إذا ذكرت النبي صلى الله عليه وسلم، والأنبياء قبله، والمرسلين، وأصحابهم الصالحين، وتصورتهم في قلبك، فإن ذلك يجذب قلبك إلى محبة الله المنعم عليهم، وبهم، إذا كنت تحبهم لله، فالمحبوب لله يجذب إلى محبة الله، والمحب لله إذا أحب شخصًا لله، فإن الله هو محبوبه، فهو يحب أن يجذبه إلى الله تعالى، وكل من المحب لله، والمحبوب لله، يجذب إلى الله" انتهى من "مجوع الفتاوى" (10/607).

وقال رحمه الله: " وقد قررنا في مواضع من القواعد الكبار أنه لا يجوز أن يكون غير الله محبوبا مرادا لذاته، كما لا يجوز أن يكون غير الله موجودا بذاته، بل لا رب إلا الله، ولا إله إلا هو المعبود الذي يستحق أن يحب لذاته، ويعظم، لذاته كمال المحبة والتعظيم" انتهى من "مجموع الفتاوى" (10/ 72).

وقال ابن القيم رحمه الله في بيان أنواع المحبة: " وهاهنا أربعة أنواع من المحبة يجب التفريق بينها، وإنما ضل من ضل بعدم التمييز بينها.

أحدها: محبة الله، ولا تكفي وحدها في النجاة من عذاب الله والفوز بثوابه، فإن المشركين وعباد الصليب واليهود وغيرهم يحبون الله.

الثاني: محبة ما يحب الله، وهذه هي التي تدخله في الإسلام، وتخرجه من الكفر، وأحب الناس إلى الله أقومهم بهذه المحبة وأشدهم فيها.

الثالث: الحب لله وفيه، وهي من لوازم محبة ما يحب، ولا تستقيم محبة ما يحب إلا فيه وله.

الرابع: المحبة مع الله، وهي المحبة الشركية، وكل من أحب شيئا مع الله لا لله، ولا من أجله، ولا فيه، فقد اتخذه ندا من دون الله، وهذه محبة المشركين.

وبقي قسم خامس ليس مما نحن فيه: وهي المحبة الطبيعية، وهي ميل الإنسان إلى ما يلائم طبعه، كمحبة العطشان للماء، والجائع للطعام، ومحبة النوم والزوجة والولد، فتلك لا تذم إلا إذا ألهت عن ذكر الله، وشغلت عن محبته، كما قال تعالى: {ياأيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله} [سورة المنافقون: 9] ، وقال تعالى {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله} [سورة النور: 37] " انتهى من "الجواب الكافي"، ص189.

وقال رحمه الله: " أقسام المحبوب:

والمحبوب قسمان: محبوب لنفسه، ومحبوب لغيره، والمحبوب لغيره، لا بد أن ينتهي إلى المحبوب لنفسه، دفعا للتسلسل المحال، وكل ما سوى المحبوب الحق فهو محبوب لغيره، وليس شيء يحب لذاته إلا الله وحده، وكل ما سواه مما يحب فإنما محبته تبع لمحبة الرب تبارك وتعالى، كمحبة ملائكته وأنبيائه وأوليائه، فإنها تبع لمحبته سبحانه، وهي من لوازم محبته، فإن محبة المحبوب توجب محبة ما يحبه، وهذا موضع يجب الاعتناء به، فإنه محل فرقان بين المحبة النافعة لغيره، والتي لا تنفع بل قد تضر.

فاعلم أنه لا يحب لذاته إلا من كان كماله من لوازم ذاته، وإلهيته وربوبيته وغناه من لوازم ذاته، وما سواه فإنما يبغض ويكره لمنافاته محابه ومضادته لها، وبغضه وكراهته بحسب قوة هذه المنافاة وضعفها، فما كان أشد منافاة لمحابه، كان أشد كراهة من الأعيان والأوصاف والأفعال والإرادات وغيرها، فهذا ميزان عادل توزن به موافقة الرب ومخالفته وموالاته ومعاداته، فإذا رأينا شخصا يحب ما يكرهه الرب تعالى ويكره ما يحبه، علمنا أن فيه من معاداته بحسب ذلك، وإذا رأينا الشخص يحب ما يحبه الرب ويكره ما يكرهه، وكلما كان الشيء أحب إلى الرب كان أحب إليه وآثره عنده، وكلما كان أبغض إليه كان أبغض إليه وأبعد منه، علمنا أن فيه من موالاة الرب بحسب ذلك.

فتمسك بهذا الأصل في نفسك وفي غيرك، فالولاية عبارة عن موافقة الولي الحميد في محابه ومساخطه، وليست بكثرة صوم ولا صلاة ولا تمزق ولا رياضة" انتهى من "الجواب الكافي"، ص193.

فالله عز وجل يحب لذاته لأنه الموصوف بالصفات العلى وله الأسماء الحسنى، وهو المنعم المتفضل على عبده بكل نعمة وفضل.

ثانيا:

الأشياء المبغوضة لا تبغض لذاتها، وإنما لكونها مبغوضة لله تعالى، أو لكونها لا تلائم طبع الإنسان، كبغضه للنار، والحر، والطعام المر، لكن لا يقال: من أبغض شيئا لذاته فقد أشرك كما قيل في المحبة؛ لأن المحبة عبادة، فصرفها لغير الله شرك، بخلاف البغض، ولا يلزم أنه إذا أبغض شيئا لذاته أنه يحب عكسه لذاته، فقد لا يكون له عكس أصلا، فالشيطان يبغض لمخالفته أمر الله، وبغض الله له، ومن أبغضه لذاته لا يقال: إنه يحب عكسه لذاته.

والله أعلم.

Bu cevaptan faydalandınız mı?

Kaynak

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android