0 / 0

هل يفيد قوله تعالى (فآمن له لوط) أنه كان مشركا قبل ذلك؟

السؤال: 544391

أشكل علي قول المفسرين في قوله تعالى: (فآمن له لوط) أن سيدنا لوط آمن بعد نجاة سيدنا إبراهيم من النار، وذلك لأن الأنبياء معصومون من الكفر قبل النبوة، فهل ذلك يعني أنه لم يكن مؤمنا بسيدنا إبراهيم قبل ذلك؟ وماذا كانت ديانته؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

ذهب جمهور أهل السنة إلى أن الأنبياء معصومون عن الوقوع في الشرك والكفر قبل البعثة.

وذهبت طائفة إلى إمكانية وقوع ذلك منهم قبل البعثة، وأنه لا يقدح بهم، إذ العصمة من ذلك إنما تكون بعد البعثة.

انظر: "تفسير آيات أشكلت على كثير من العلماء" لابن تيمية (١/ 186 وما بعدها).

وقد سبق بيان ذلك بأدلته التفصيلية في الموقع فيحسن الرجوع إليه: (317529).

ثانيا:

أما ما استشكلت في الآية الكريمة (فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ) العنكبوت/ 26: فإنّه لا دليل في الآية على أنّ لوطا عليه السلام قد وقع في الكفر والشرك قبل ذلك، فالآية تتحدث عن إيمانه برسالة إبراهيم عليه السلام، بعد أن رأى معجزة نجاته من النار، كما ذكر أهل التفسير.

فإيمانه برسالة إبراهيم في ذلك الوقت لا يدل على أنه لم يكن موحداً لله قبل ذلك، فالإيمان بالله ووحدانيته غير الإيمان برسالة إبراهيم المذكورة في الآية.

وقد ذكر ابن جرير هذا المعنى عن أئمة التفسير من الصحابة والتابعين:

‌‌ ‌‌{فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ}

 عن عبد الله بن عباس -من طريق عطية العوفي- في قوله: {فآمن له لوط}، قال: صدَّق لوطٌ إبراهيمَ.

وعن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- وفي قوله: {فآمن له لوط}، قال: فصدَّقة لوط.

 وقال مقاتل بن سليمان: {فآمن له لوطٌ}، يعني: فصدق بإبراهيمَ لوطٌ، وهو أولُ مَن صدَّق بإبراهيم حين رأى إبراهيم لم تَضُرَّه النار" انتهى من "موسوعة التفسير المأثور" (17/ 301).

قال الألوسي رحمه الله:

"فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ: أي صدقه عليه السلام في جميع مقالاته، أو بنبوته حين ادعاها؛ لا أنه صدقه فيما دعا إليه من التوحيد ولم يكن كذلك قبل؛ فإنه عليه السلام كان متنزها عن الكفر" انتهى من "تفسير الألوسي" (10/ 357).

وقال الخازن رحمه الله:

"(فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ): أي صدقه برسالته، لما رأى معجزاته، وهو أول من صدق إبراهيم.

وأما في أصل التوحيد: فإنه كان مؤمنا؛ لأن الأنبياء لا يتصور فيهم الكفر" انتهى من "تفسير الخازن" (3/ 379).

وقال الشوكاني رحمه الله:

"فآمن له لوط أي: آمن لإبراهيم لوط، فصدقه في جميع ما جاء به، وقيل: إنه لم يؤمن به إلا حين رأى النار لا تحرقه" انتهى "فتح القدير للشوكاني" (4/ 230).

ومن هنا يتبين أنه لا إشكال في إيمان لوط عليه السلام، فالآية تتحدث عن إيمانه برسالة إبراهيم عليه السلام، ولم تتطرق لحاله قبل ذلك.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android