أنا مسلم متزوج من مسلمة من إحدى الدول الإسلامية . ولا أريدها أن تعيش هي وأطفالي خارج بلاد المسلمين . أنا أعيش وأعمل الآن في أمريكا، حيث ولدت . ولا يزال أمامي أن أعمل 3 سنوات تقريبا وأخطط بعد ذلك أن أعيش وأدرس في البلد الإسلامي الذي تتبع له زوجتي وأهلها إن شاء الله . وأسأل إن أنا أجبرتها على العودة وأمرتها بالبقاء في ذلك البلد الإسلامي (ومنعتها من الرجوع لزيارتي هنا) وتربية أطفالنا هناك في فترة بقائي هنا فقط بحيث أبقى أنا هنا وأزورهم (مدة 8 أسابيع في العام) فهل يعد هذا العمل محرما ؟ وهل يجب علي السماح لها بالبقاء معي مع العلم أن البلد دار كفر وأنها سيئة جدا ؟ هل يجب لها قبول الموقف الذي قررته ؟ ثم ما هي الأدلة من الكتاب والسنة حول الموضوع فلربما تفهمت الموضوع بشكل أفضل .
هل يلزم أهله بالسفر بعيدا عنه حتى لا يعيشوا في بلاد الكفر؟
السؤال: 70222
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
لا ينبغي التساهل في الإقامة في بلاد الكفر ، فإن ذلك له آثاره السيئة على دين المسلم وعقيدته ، ولذلك حذرنا الرسول صلى الله عليه وسلم من الإقامة بين الكفار ، فقال : ( أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ ) رواه أبو داود (2645) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
وهناك حالات يجوز فيها إقامة المسلم في بلاد الكفر ، لكن بشروط معينة ، يقصد منها ألا يتضرر المسلم في دينه بالإقامة بينهم ، ولمعرفة ذلك راجع الأسئلة (13363) و (27211) .
ثانياً :
ينبغي أن تقارن بين المصلحة في بقاء أهلك إلى جوارك ، تقوم على رعايتهم وخدمتهم ، وتربيتهم ، وتتحصن بهم من الفتن ، وبين مفسدة بقائهم في هذه البلاد (بلاد الكفر) ، وما يمكن أن يصيبهم في دينهم وأخلاقهم ، ومفسدة بقائك بمفردك أيضا ، بعيدا عنهم ، وينبغي أن يكون هذا بالمشاورة مع أهلك ، والرغبة منكما جميعا في تقوى الله تعالى ، واختيار ما يرضيه . فإذا ترجح لديك أن الأفضل هو إبعادهم عن هذه البلاد ، وإرجاعهم إلى بلدهم الإسلامي ، فلا حرج عليك في ذلك ، وتلزم الزوجة طاعتُك وتنفيذُ أمرك .
وقد دل على وجوب طاعة الزوجة لزوجها – في غير المعصية – أدلة منها : ما رواه أحمد (18233) والحاكم عَنِ الْحُصَيْنِ بْنِ مِحْصَنٍ ( أَنَّ عَمَّةً لَهُ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَاجَةٍ فَفَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَذَاتُ زَوْجٍ أَنْتِ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ . قَالَ : كَيْفَ أَنْتِ لَهُ ؟ قَالَتْ : مَا آلُوهُ إِلا مَا عَجَزْتُ عَنْهُ . قَالَ : فَانْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ ؟ فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ ) والحديث جَوَّد إسناده المنذري في الترغيب والترهيب وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1933) .
ومعنى : ما آلوه : أي لا أقصّر في حقه .
وقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلا بِإِذْنِهِ ) رواه البخاري (5195)
قال الألباني رحمه الله معلقا على هذا الحديث : ” فإذا وجب على المرأة أن تطيع زوجها في قضاء شهوته منها ، فبالأولى أن يجب عليها طاعته فيما هو أهم من ذلك مما فيه تربية أولادهما ، وصلاح أسرتهما ، ونحو ذلك من الحقوق والواجبات ” انتهى من “آداب الزفاف” ص 282 ، وانظر السؤال (43123) .
ثانيا :
للزوج أن يسافر ويتغيب عن أهله ، لأجل الدراسة أو العمل ونحوه من المصالح المشروعة ، مدة لا تزيد على ستة أشهر ، فإن زاد على ذلك فلا بد من استئذان زوجته ، والأصل في ذلك أن عمر رضي الله عنه سأل النساء : ( كم تصبر المرأة عن الزوج ؟ فقلن : شهرين ، وفي الثالث يقل الصبر ، وفي الرابع ينفد الصبر . فكتب إلى أمراء الأجناد أن لا تحبسوا رجلا عن امرأته أكثر من أربعة أشهر ) ، وفي رواية ( فوقت للناس في مغازيهم ستة أشهر ، يسيرون شهرا ، ويقيمون أربعة ، ويسيرون شهرا ). ينظر : “المغني” ( 7/232 ، 416) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” سفر الرجل عن زوجته إذا كانت في محل آمن : لا بأس به ، وإذا سمحت له بالبقاء أكثر من ستة أشهر فلا حرج عليه ، أما إذا طالبت بحقوقها ، وطلبت منه أن يحضر إليها فإنه لا يغيب عنها أكثر من ستة أشهر ، إلا إذا كان هناك عذر كمريض يعالج وما أشبه ذلك ، فإن الضرورة لها أحكام خاصة . وعلى كل حال فالحق في ذلك للزوجة ، ومتى ما سمحت بذلك وكانت في مأمن فإنه لا إثم عليه ، ولو غاب الزوج عنها كثيرا ” انتهى من “فتاوى العلماء في عشرة النساء” (ص 106) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة