أسلمت حديثا ولا تستطيع السيطرة على شعورها وقت الحيض
السؤال: 70235
أنا كندية في 19 من العمر وقد دخلت في الإسلام . لقد وضعت طفلي الثاني قبل شهرين، ولله الحمد. عندما أكون في الدورة يكون الوضع صعبا وشديدا علي كثيرا . لقد واجهت العديد من المشاكل خلال هذا الوقت (وأحمد الله على السراء والضراء). وفي خلال هذه المدة اكتسبت عادة السب والشتم لأنفس عن تضايقي من أعمالي الكثيرة جدا . أنا أفهم الحديث الخاص بأن النساء سيعاقبن لإساءة استخدامهن لألسنتهن . وأنا الآن في مرحلة أحاول فيها المحافظة على حلمي وأحاول أن أمسك لساني عن الكلام غير المناسب لكني أجد أن الغضب يسيطر علي . وأحتاج أن أعرف أولا إن كان هناك أي طريقة (دعوات) يمكن أن أقولها للتحكم في مشاكل الغضب والسباب والشعور بتراكم الأعمال ؟ وأيضا هل يجوز لزوجي أن يؤذيني جسديا أو يطلقني في الوقت الذي أبذل فيه قصارى جهدي حسب علمي للسيطرة على نفسي بدون مساعدة من زوجي أو صديقاتي أو عائلتي ؟ لقد توسلت إلى زوجي بشكل متكرر ليساعدني ويزيد من إيماني ويعلمني المزيد من أمور الإسلام ويقرئني القرآن حيث إني لا أملك أشرطة ولا أعرف كيف أقرأ القرآن . أنا أشعر أن زوجي هو الأفضل . لكني أتساءل إن كان يجوز له أن يطلقني أو يؤذيني جسديا بأية طريقة تحت الظروف التي ذكرت ، وحيث إني أحاول جهدي الالتزام (بشرع) الله قدر استطاعتي .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
نحمد الله تعالى أن وفقك وهداك إلى الإسلام ، ونسأله سبحانه أن
يزيدك هدى وإيماناً وتثبيتاً .
ثانياً :
الحيض أمر كتبه الله تعالى وقدره على النساء ، ومعلوم أن المرأة
الحائض قد تشعر بشيء من الضيق والضجر أثناء حيضها ، لكن عليها أن تتقي الله تعالى
وأن تتحلى بالصبر ، وأن تمسك لسانها عما حرم الله من السب والشتم وغيره ، وتجاهد
نفسها في ذلك ، وستجد تحسنا وتغيرا إن شاء الله تعالى .
ثالثاً :
ينبغي للزوج أن يراعي شعور زوجته وأن يقدر معاناتها إن كانت
تعاني من شيء ما ، وهذا يدعوه لأن يتجاوز عن أخطائها ، ويسعى للترويح والتفريج عنها
، ويصبر على ذلك ، ولا يستعجل في عقابها أو فراقها ، فإن الحياة الزوجية ما بنيت
للتفريق والتمزيق ، بل بنيت للاستمرار والدوام ، ولا تخلو هذه الحياة من منغصات ،
ونجاح الزوجين بقدر تغلبهما على المنغصات ، وتحقيق السعادة والألفة بينهما .
رابعاً :
ليس للزوج أن يؤذي زوجته جسديا ، ولا يباح له ضربها إلا عند فشل
ما قبله من وسائل الإصلاح ، من الموعظة ، والهجر ، وفي حال جواز الضرب ، فإنه لا
يكون بقصد الإيذاء ، بل بقصد الزجر والتأديب ، ولذلك اشترط أن يكون ضربا غير مبرّح
، ” يعني غير مؤلم ولا موجع ، ولكن لا يلجأ إلى الضرب إلا في الحالات القصوى ”
انتهى من “فتاوى عشرة النساء” (ص 151) للشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
خامساً :
ينبغي للزوج أن يكون عونا لأهله على طاعة الله ، وأن ييسر لهم
أسباب العلم النافع ، كإحضار الكتب والأشرطة ، واصطحابهم إلى المراكز الإسلامية ،
ليتعلموا قراءة القرآن ، وأمور الإسلام . وإذا قصر زوجك في هذا فبإمكانك أن تحصلي
على كثير من هذه الأشرطة عن طريق الإنترنت ، أو بالاتصال على بعض المراكز الإسلامية
القريبة منك .
سادساً :
علاج الغضب والسب والشعور بتراكم الأعمال ، يكون بأمور :
الأول : الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم عند الشعور بالغضب ،
لما روى البخاري (3282) ومسلم (2610) عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ قَالَ : كُنْتُ
جَالِسًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجُلَانِ
يَسْتَبَّانِ ، فَأَحَدُهُمَا احْمَرَّ وَجْهُهُ وَانْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ ،
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنِّي لأَعْلَمُ
كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ ، لَوْ قَالَ : أَعُوذُ بِاللَّهِ
مِنْ الشَّيْطَانِ ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ ) .
الثاني : تغيير الهيئة عند الشعور بالغضب ؛ لما روى أبو داود
(4782) عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَنَا : ( إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ
قَائِمٌ فَلْيَجْلِسْ فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبُ وَإِلا فَلْيَضْطَجِعْ ) .
وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
الثالث : أن تستشعري ثواب الصبر والحلم وكظم الغيظ ، وأن ذلك من
صفات المتقين الموعودين بالجنة ، كما قال سبحانه : ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ
مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ
لِلْمُتَّقِين * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ
وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ
الْمُحْسِنِينَ ) آل عمران/133، 134 .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ومن كظم غيظه ولو شاء أن
يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه يوم القيامة رضا ) رواه ابن أبي الدنيا وحسنه
الألباني في صحيح الترغيب (2623) .
الرابع : أن تعلمي أن الغضب والسخط والسب لا يفيدك شيئا ، ولا
يخفف عنك عبئا ، بل تكسبين به وزرا ، وتزدادين به ضيقاً وهماًّ ، والتوفيق وتيسير
الأمور إنما يكون بالقرب من الله تعالى ، والحرص والاجتهاد في طاعته .
الخامس : أن تنظمي وقتك ، وتبادري بإنجاز أعمالك ، حتى لا تتراكم
عليك فتشعري بثقلها .
السادس : أن تأخذي بالعلاج النافع الذي أرشد إليه النبي صلى الله
عليه وسلم ابنته فاطمة رضي الله عنها ، حين اشتكت كثرة العمل وثقله ، واحتاجت إلى
خادمة ، وذلك فيما رواه البخاري (6318) ومسلم (2728) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي
الله عنه أَنَّ فَاطِمَةَ رضي الله عنها أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ تَسْأَلُهُ خَادِمًا وَشَكَتْ الْعَمَلَ فَقَالَ لها : ( أَلا أَدُلُّكِ
عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكِ مِنْ خَادِمٍ ؟ تُسَبِّحِينَ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ ،
وَتَحْمَدِينَ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ ، وَتُكَبِّرِينَ أَرْبَعًا وَثَلاثِينَ حِينَ
تَأْخُذِينَ مَضْجَعَكِ ) . واستنبط بعض أهل العلم من هذا الحديث : ” أَنَّ الَّذِي
يُلازِم ذِكْر اللَّه يُعْطَى قُوَّة أَعْظَم مِنْ الْقُوَّة الَّتِي يَعْمَلهَا
لَهُ الْخَادِم ، أَوْ تَسْهُل الأُمُور عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَكُون تَعَاطِيه
أُمُوره أَسْهَلَ مِنْ تَعَاطِي الْخَادِم لَهَا ” انتهى من فتح الباري .
نسأل الله لك التوفيق والسداد والنجاح .
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟