هل يتزوج من فتاة تصر على التبرج مع أن أخلاقها حسنة ؟
السؤال: 70402
أنا مسلم قادر على الزواج التقيت بشابة ذات أخلاق حسنة ولكنها متبرجة . ما حكم الشرع إن تزوجت بها وهي مصرة على التبرج ؟ .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
رغب النبي صلى الله عليه وسلم في نكاح ذات الدين فقال : (
تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ : لِمَالِهَا ، وَلِحَسَبِهَا ، وَجَمَالِهَا ،
وَلِدِينِهَا ، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ ) رواه البخاري
(5090) ومسلم (1466) .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( الدُّنْيَا مَتَاعٌ ، وَخَيْرُ
مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ ) رواه مسلم (1467)
. فمن فاته المرأة الصالحة فاته خير متاع الدنيا ، خير من المال
والولد والمنصب . . . . إلخ .
وهذا باعث للمسلم أن يحرص على ذات الدين والخلق ويقدمها على كل
ما سواها ، وألا يفرط ويتساهل في خير متاع الدنيا .
والمرأة الصالحة هي التي تقوم بحق الله تعالى ، وحق الناس ،
وأعظم الناس حقا عليها هو زوجها .
والإصرار على المعصية شر من المعصية نفسها ، لأنه يدل على ضعف
الإيمان ، والاستهانة بتعظيم الله تعالى ، وقلة مبالاة المرء بما يضره في دينه .
ثانياً :
التبرج مع كونه معصية وإثما ، فهو دليل على سوء خلق المرأة وقلة
حيائها ؛ إذ كيف ترضى المرأة العفيفة الحييّة أن ينظر الناس إليها ، ويستمتعوا
بمحاسنها ؟!
لكن لضعف الإيمان وغلبة الهوى لا تشعر المتبرجة بسوء فعلها ، كما
قال الله تعالى : ( وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )
الأنعام/43 ، وكثير من المتبرجات إذا أنعم الله عليهن
بالهداية ، استعظمن ما كُنَّ عليه من قلة الحياء وموت الغيرة .
وقد جاء في شأن التبرج من الوعيد ، ما هو معروف مشهور ، ومن ذلك
قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا :
قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ ،
وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ ، رُءُوسُهُنَّ
كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ ، لا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلا يَجِدْنَ
رِيحَهَا وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا ) رواه
مسلم (2128).
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ
فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا مِنْ رِيحِهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ ) رواه
أبو داود (4173) والترمذي (2786) والنسائي (5126) وحسنه الألباني في صحيح النسائي .
وهذا الذنب يتكرر بتكرار الفعل المحرم ، وبه يُنكت في القلب نكتة
سواء ، حتى يسود القلب ويظلم ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ
الْعَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ ،
فَإِذَا هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ سُقِلَ قَلْبُهُ ، وَإِنْ عَادَ زِيدَ
فِيهَا حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ ، وَهُوَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ))
رواه الترمذي (3334) وابن ماجة (4244) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
واعلم أيها الأخ الكريم أن الزواج من المصرة على التبرج يعني أحد
أمرين :
الأول : أن يرضخ الزوج لها ، ويسكت عن منكرها ، فيبوء بالإثم
الكبير في الآخرة ، والعار في الدنيا ، فإنه راعٍ ومسئول عن رعيته .
وكيف يرضى رجل عاقل أن يسير مع امرأته في الشارع وهي متبرجة ،
والرجال من حوله ينظرون إليها ويستمتعون بها ؟!!
والثاني : أن يظل معها في خلاف وصراع ، وشد وجذب ، وهذا كدر
وبلاء لا يرضاه العقلاء ، فالسلامة السلامة ، فإن السلامة لا يعدلها شيء ، وابحث عن
ذات الدين ، ففي الصالحات غنى وكفاية والحمد لله ، والمرأة الصالحة خير متاع الدنيا
، تعين على الطاعة ، وتذكر بالمعروف ، وتحفظ زوجها في نفسها وماله ، وتربي له ذرية
صالحة تعبد الله .
نسأل الله لك التوفيق والخير والرشاد .
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟