0 / 0

هل تقاطع أهلها وهم يحاولون إضلالها ومحاربتها لاستقامتها ؟

السؤال: 70469

أنا متزوجة – والحمد لله – أعيش وزوجي ملتزمين بشرع
الله، وأهلي غير ملتزمين بل ويحادوننا ويحاربون فينا التزامنا ( بما في ذلك نقابي
وهدينا الظاهر ) ، وتعدى الأمر إلى تدخلهم في تفاصيل حياتي ، يريدون بذلك أن أتبعهم
في كل شيء ، وبمجرد رفضي لتوجيهاتهم التي تخالف أوامر الله يزداد عداؤهم ومقاطعتهم
لي في كثير من الأحيان خاصة أمي . الحاصل أني لا أرى فيهم إلا معولا يهدم في ديني
والتزامي بل وحياتي الزوجية مؤثرين بذلك على زوجي مما أوصلنا في بعض الأحيان إلى
حافة الطلاق ، لكن الله سلَّم ، وأنا الآن بعيدة عنهم لا أزورهم ولا أصل رحمهم –
فراراً ونجاة بديني وحفاظا على أسرتي – وأمي تدعي بذلك أني قطعت رحمهم ، فهل عليَّ
من إثم في ذلك ؟ علما بأن وجودي معهم يضطرني إلى سماع ما لا يرضي الله والذي يصل في
بعض الأحيان لسب الله والدين والصحابة وكل مظاهر التدين والالتزام ، مع العلم : أني
حاولت مراراً أن أصلح من شأنهم لكن دون جدوى.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

إنا لله و إنا إليه راجعون ، والله إنه مما يملأ القلب حسرة وأسى أن يكون في أسر المسلمين مثل هذه المعاناة الشديدة من أجل أن يحافظ المرء على دينه واستقامته ، فقد سمعنا كثيراً عن رجال ونساء مسلمين عانوا من أهاليهم النصارى أو الوثنيين ، أما أن تعاني المسلمة من أهلها الذين يزعمون أنهم مسلمون وتفر بدينها من بين أسرة تدعي الإسلام وتنتسب إليه فهذا والله مؤسف أشد الأسف .
أختنا :
نسأل الله لك ولزوجك الثبات على الدين والهداية والتوفيق ، وأن يقويكما على الحق وأن يرزقكما الصلاح ، وأن يرزقكما الذرية الصالحة .
قد روى مسلم في صحيحه ( 145 ) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بدأ الإسلام غريبا ، وسيعود كما بدأ غريباً ، فطوبى للغرباء ) ، فإذا استغربك الناس من أجل دينك والتزامك فطوبى لك ، وإذا رأى المسلم أنه غريب بإسلامه حتى بين أهله فهذه بشرى له يزفها إليه الرسول صلى الله عليه وسلم ( طوبى للغرباء ) .
ومما لا شك فيه : أن سب الرب والدين الواقع من أمك ومن غيرها من أهلك كفر أكبر مخرج من الملة ، يوجب الخلود في جهنم إن مات صاحبه عليه ولم يرجع إلى الإسلام .
لذا فإنه يجب عليك تجاه من وقع منه هذا من أهلك : دعوتهم بالحسنى إلى الكف عن هذا الكفر ، ووجوب الرجوع إلى الإسلام .
واعلمي أن وقوع والدتك في الكفر لا يعني أنه تتوقف علاقتك بها ، بل يجب أن يزداد حرصك عليها خشية أن تموت على هذه الحال .
ويجب عليكِ برُّها والإحسان إليها ولو دعتك إلى الكفر وجاهدت نفسها في سبيل ذلك ، كما قال ربنا تبارك وتعالى : ( وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ) العنكبوت / 8، وقال : ( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ) لقمان / 15 .
وعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما قَالَتْ : قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ ، فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي ، وَهِيَ رَاغِبَةٌ ، أَفَأَصِلُ أُمِّي ؟ قَالَ : ( نَعَمْ ، صِلِي أُمَّكِ ) رواه البخاري ( 2620 ) ومسلم ( 1003 ) .
ومعنى راغبة : أي : تطلب بر ابنتها لها .
لكن هذا البر والإحسان لا يلزم منه مخالطتهم في مسكنهم ومشاركتهم في حياتهم حيث تكون المعاصي والموبقات وسب الله ورسوله ودينه ، إلا أن يكون في حضوركم توقف عن هذا الكفر وتلك المعاصي ، أما مع استمرارها و تكرر ذلك منهم في كل زيارة فلا حرج عليك في عدم زيارتهم ، وليس في هذا عقوق ، بل هو واجب شرعي ، قال تعالى : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ ) النساء/140 .
ولا تلتفتي لتخذيل أهلك لك ولزوجك بسبب التزامكما بأحكام الشرع في اللباس وغيره ؛ لأن هذا من كيد الشيطان .
قال علماء اللجنة الدائمة – حول مسألة قريبة من هذه – :
“طاعة الوالدين واجبة في المعروف ، وأما إذا أمرا بمعصية فلا طاعة لهما‏ ؛‏ لما ثبت من قول النبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ( إنما الطاعة في المعروف ) ، فالتزمي بالحجاب وحاولي إقناعهما وتبيين الحكم لهما ، ولا تلقي بالاً لتهديداتهما ، واستعيني بالله سبحانه على ذلك ، ثم بالطيبين من أقاربك ينصحوهم ، لعل الله أن ينفعهما بذلك ” انتهى ‏.‏
” فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ” ( 1 / 541 ) .
والغريب أن والدتك يقع منها الكفر والفسوق والعصيان ، ثم نراها مهتمة بالعقوق ، واتهامك به ، وهذا تناقض يدل على جهل بالشرع واستهانة بأحكامه .
وبالجملة : فإنه يجب على المسلمة أن تحسن إلى أهلها ووالديها ، وأن تبذل وسعها في نصيحتهم بالمعروف والحكمة والموعظة الحسنة ، وأن تعتبر فترة انقطاعها عنهم – فراراً بدينها – فترة علاج مؤقتة ، فإن أحست من أهلها شيئاً من التغيير نحو الخير فلتبادر إلى وصلهم ، ولتأخذ بأيديهم إلى الخير .
ولا تنسي الدعاء لأمك وأهلك أن يهديهم الله ، ويرجعوا إلى دينهم الحق قبل فوات الأوان .

والله أعلم

 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android