0 / 0

كفن الشهيد

السؤال: 72303

كيف يكفن الشهيد ؟.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

السنة في الشهيد أن يدفن بثيابه التي قتل فيها .

انظر : “بدائع الصنائع” (2/368) , “مواهب الجليل” (2/294) , “المجموع” (5/229) , “المغني” (3/471) .

وقد ورد في ذلك عدة أحاديث ، منها :

1- روى أحمد (33144) أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ : ( زَمِّلُوهُمْ فِي ثِيَابِهِمْ ) وصححه الألباني في تلخيص أحكام الجنائز (ص 36) .

2- وعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : ( رُمِيَ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فِي صَدْرِهِ , أَوْ فِي حَلْقِهِ , فَمَاتَ فَأُدْرِجَ فِي ثِيَابِهِ كَمَا هُوَ , قَالَ : وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) رواه أبو داود (3133) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود ، وقال الحافظ في “التلخيص” (2/118) : إسناده صحيح على شرط مسلم .

3- وعَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : لما قتل مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ يَوْمَ أُحُدٍ لَمْ يَتْرُكْ إِلا نَمِرَةً كُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلاهُ , وَإِذَا غُطِّيَ بِهَا رِجْلاهُ خَرَجَ رَأْسُهُ , فَقَالَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( غَطُّوا بِهَا رَأْسَهُ وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلِهِ الإِذْخِرَ ) رواه البخاري (4047) ومسلم (940) .

وقد اختلف الفقهاء في أمر النبي صلى الله عليه وسلم بدفن الشهداء في ثيابهم , هل هو على سبيل الاستحباب والأولوية , أم على سبيل الوجوب ؟ على قولين :

الأول : أنه على سبيل الاستحباب , قال به الشافعية وبعض الحنابلة .

قال النووي في “المجموع” (5/229) : ” ثم وليه بالخيار إن شاء كفنه بما عليه , وإن شاء نزعه وكفنه بغيره , وتركه أفضل ” انتهى .

وقال ابن قدامة في “المغني” (3/471) : ” وليس هذا بحتم , لكنه الأولى , وللولي أن ينزع عنه ثيابه ويكفنه بغيرها ” انتهى .

واستدلوا على عدم الوجوب بما رواه أحمد (1421) عن الزبير أن أمه صفية ( وهي أخت حمزة ) أتت يوم أحد بثوبين وقالت : هَذَانِ ثَوْبَانِ جِئْتُ بِهِمَا لأَخِي حَمْزَةَ فَقَدْ بَلَغَنِي مَقْتَلُهُ فَكَفِّنُوهُ فِيهِمَا , قَالَ : فَجِئْنَا بِالثَّوْبَيْنِ لِنُكَفِّنَ فِيهِمَا حَمْزَةَ فَإِذَا إِلَى جَنْبِهِ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ قَتِيلٌ قَدْ فُعِلَ بِهِ كَمَا فُعِلَ بِحَمْزَةَ , قَالَ : فَوَجَدْنَا غَضَاضَةً وَحَيَاءً أَنْ نُكَفِّنَ حَمْزَةَ فِي ثَوْبَيْنِ وَالأَنْصَارِيُّ لا كَفَنَ لَهُ , فَقُلْنَا : لِحَمْزَةَ ثَوْبٌ وَلِلأَنْصَارِيِّ ثَوْبٌ , فَقَدَرْنَاهُمَا فَكَانَ أَحَدُهُمَا أَكْبَرَ مِنْ الآخَرِ فَأَقْرَعْنَا بَيْنَهُمَا فَكَفَّنَّا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الثَّوْبِ الَّذِي صَارَ لَهُ . وحسنه الألباني في أحكام الجنائز ( ص 62) .

القول الثاني : أن الأمر على سبيل الوجوب , وهو مذهب المالكية والحنابلة واختاره ابن القيم والشوكاني .

قال المرداوي في “الإنصاف” (6/94) : ” والصحيح في المذهب أنه يجب دفنه في ثيابه التي قتل فيها ” انتهى .

وقال الإمام مالك : ” إن أراد وليه أن يزيد على ما عليه وقد حصل له ما يجزئ في الكفن لم يكن له ذلك , ولا يزاد عليه شيء ” انتهى من “مواهب الجليل” (2/294) .

وقال الشوكاني في “نيل الأوطار” (4/50) :

” والظاهر أن الأمر بدفن الشهيد بما قتل فيه من الثياب للوجوب ” انتهى .

وأجابوا عن حديث حمزة :

بأنه كفن في كفن آخر لأن الكفار كانوا مثلوا به , وبقروا بطنه , واستخرجوا كبده , وأخذوا ثيابه , فلذلك كفن في كفن آخر . قاله ابن القيم في “زاد المعاد” (3/217) .

قال ابن رشد : ” من عراه العدو لا رخصة في ترك تكفينه , بل ذلك لازم , كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم الشهداء يوم أحد اثنان في ثوب ” انتهى . نقلاً من “مواهب الجليل” (2/294) .

مسألة :

هل يزال ما عليه من الحديد والسلاح والفرو والخف والمنطقة والقلنسوة وغيرها ؟

أما الحديد والسلاح فاتفق العلماء على أنه يزال .

قال ابن القاسم في “المدونة” : ” وينزع عنه الدرع والسيف وجميع السلاح ” انتهى .

“مواهب الجليل” (2/294) .

وقال النووي في “المجموع” (5/229) : ” وأجمع العلماء على أن الحديد والجلود ينزع عنه ” انتهى .

والظاهر أن المراد بقوله رحمه الله : “والجلود” : السلاح وآلة الحرب ، لأنه قد ذكر الاختلاف في نزع الفرو والخف قبل ذلك بسطر واحد فقط ، فيكون المراد من الجلود هنا : السلاح ، كالجراب الذي يعلق فيه السيف ، أو ما يكون فيه السهام ، وما أشبه ذلك .

وقد استدلوا على ذلك بـ :

1- ما رواه أبو داود (3134) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : ( أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بِقَتْلَى أُحُدٍ أَنْ يُنْزَعَ عَنْهُمْ الْحَدِيدُ وَالْجُلُودُ , وَأَنْ يُدْفَنُوا بِدِمَائِهِمْ وَثِيَابِهِمْ ) وضعفه الحافظ في التلخيص (2/118) ، وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود .

2- ولكن يغني عن هذا الحديث الضعيف ما رواه أحمد (23144) أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ : ( زَمِّلُوهُمْ فِي ثِيَابِهِمْ ) وصححه الألباني في تلخيص أحكام الجنائز (ص 36) .

والحديد والسلاح ليست من الثياب ، فلا تدخل في هذا الحديث .

وانظر : “بدائع الصنائع” (2/368) , “المغني” (3/471) .

وأما الفرو والخف والقلنسوة والمنطقة (الحزام الذي يلبس على الوسط) فقد اختلف العلماء في نزعها على قولين :

الأول : لا يزال , وهو مذهب المالكية .

قال الحطاب في “مواهب الجليل” (2/294 ) : ” قال ابن القاسم : … ولا ينزع من عليه شيء من ثيابه , ولا فرو , ولا خف , ولا قلنسوة , قال مطرف : ولا خاتمه إلا أن يكون نفيس الفص , ولا منطقة إلا أن يكون لها خطر (أي : تكون ثمينة) ” انتهى .

واستدلوا بقول الرَسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في شهداء أحد : ( زَمِّلُوهُمْ فِي ثِيَابِهِمْ ) وهو عام في جميع الثياب .

القول الثاني : أنه يزال , وهو مذهب الأحناف والشافعية والحنابلة .

واستدلوا بـ :

1- حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : ( أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلَى أُحُدٍ أَنْ يُنْزَعَ عَنْهُمْ الْحَدِيدُ وَالْجُلُودُ , وَأَنْ يُدْفَنُوا بِدِمَائِهِمْ وَثِيَابِهِمْ ) وهو ضعيف كما تقدم .

2- ما روي عن علي رضي الله عنه أنه قال : ينزع من الشهيد الفرو والخف والقلنسوة .

وضعفه الشوكاني في “نيل الأوطار” (4/50) .

قال الكاساني في “بدائع الصنائع” (2/368-369) : ” وهذا لأن ما يترك يترك ليكون كفناً , والكفن ما يلبس للستر , وهذه الأشياء تلبس إما للتجمل والزينة , أو لدفع البرد , أو لدفع معرة السلاح , ولا حاجة للميت إلى شيء من ذلك , فلم يكن شيء من ذلك كفناً , وبه تبين أن المراد من قوله صلى الله عليه وسلم ( زملوهم بثيابهم ) الثياب التي يكفن بها وتلبس للستر ” انتهى .

وانظر : “المجموع” (5/229) , “المغني” (3/471) .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android