لقد طلقَنِي زوجِي قبلَ يومين بعد زواجٍ دامَ 11 شهرًا فقط !! واعتُبِر طلاقُنا خلعًا ، نظرًا لأنِّي تنازلت عن مبلغٍ من المالِ كان في ذمةِ زوجِي لي ، وحيث إنَّنِي قد لاحظتُ أنَّ ما يوقِفُ طلاقَه لي هو هذا المبلغ ، وليس الحبُّ أو العِشرةُ التي بينَنا ؛ لذلك تنازلتُ عنه ، وهو بكلِّ سهولةٍ طلَّقَني ، أنا أحببته جِدّاً ، وكنت أدعو اللهَ أن لا يتِمَّ الطلاق ، وصلَّيْتُ استخارةً ، وكنت في المحكمةِ ساكتةً ، ونظراتي للقاضِي كلُّها توسُّلٌ بأن لا يتمَّ هذا الطلاق ، رغم أنَّه عندمَا سألنِي القاضي هل أنتِ موافقةٌ ومقتنعةٌ ؟ كنت أردُّ بالإيجاب ، حفاظًا على كرامتي التي جرحَها زوجِي وزوجتُه الأولى (حيث إنّني الزوجةُ الثانية) .
أودُّ أن أستفسِرَ عن الآتي :
1- ما معنى أنَّ عرشَ الرحمنِ قد اهتزَّ بطلاقِنا ؟
2- هل اللهُ غضبانٌ منِّي لطلبِ الطلاقِ حفاظًا على كرامَتِي ، ولأنَّ زوجي لم يكن عادلا في النفقةِ وأحيانًا في المبيت ؟
طلبت من زوجها الطلاق لأنه يظلمها
السؤال: 82439
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الحمدُ لله
أولاً :
نسأل اللهَ تعالى أن يوفقكِ لكلِّ خير ، وأن يرزقَك السعادةَ والعافيةَ في الدنيا والآخرةِ ، ويعوضَك الزوجَ الصالحَ والذريةَ الطيبةَ .
واعلمي أنَّ الابتلاءَ سنةُ الحياةِ الدنيا ، ولا بدّ للمسلمِ أن يوطِّن قلبَه على تحمُّلِ المصائبِ ومواجهةِ المشاكل ، ومن أعظمِ البلاءِ الذي يصابُ به الناسُ فقدُ حبيبٍ أو صديقٍ بموتٍ أو غيابٍ أو فرقةٍ ، ولكنَّ اللهَ سبحانَه وتعالى – بمنِّه ولطفه – ما يزال يفتحُ للناسِ أبوابَ رحمتِه ، فييسرُ لهم من الأحبابِ والأصحابِ مَن يُعينُ على الخير ، ويخففُ على القلبِ نصبَه ويزيلُ عنه وَحشتَه .
فلا تحزني على ما فات ، فما أصابَ العبدَ لم يكن لِيُخطِئَه ، واللهُ سبحانه وتعالى يقول : ( وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ) البقرة/216 .
ثانياً :
يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق من زوجها , إذا كان هناك سبب يبيح ذلك , كما لو كان مقصراًً في حقها أو ظالماً لها أو أساء معاملتها , ولم يقبل نصيحة ناصح في حسن معاملتها ومعاشرتها بالمعروف .
أما طلب المرأة الطلاق من غير سبب فحرام , بل من كبائر الذنوب .
يقولُ النبيُّ صلى اللهُ عليهِ وسلم : ( أيُّمَا امرأةٍ سألت زوجَها طلاقًا مِن غَيْرِ بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْها رَائِحَةُ الجَنَّةِ ) رواه أبو داود (2226) والترمذي (1187) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
قالَ المُبارَكفورِي : أَيْ : من غيرِ شدةٍ تُلجِئُها إلى سؤالِ المفارقَة .
“تحفة الأحوذي” (4/410) .
وقال الحافظُ ابنُ حجر :
” الأخبارُ الواردةُ في ترهيبِ المرأةِ من طلبِ طلاقِ زوجِها محمولةٌ على ما إذا لم يكن بسببٍ يقتضي ذلك ” انتهى من “فتح الباري” (9/402) .
وانظري السؤال رقم (9481) (12496) (34579) .
والمخالعةُ أيضًا جائزةٌ إذا كانت بعذرٍ شرعي ، لدفعِ ظلمٍ أو حفظِ حقٍّ أو غيرِ ذلك من الأعذار ، وقد سبقَ بيانُها في جواب السؤال رقم (1859) .
والمحرَّم فيها إنَّما هو طلبُ الخلعِ من غيرِ عذرٍ أو سبب .
جاء في الحديثِ عن النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلَّم : ( المُخْتَلِعَاتُ هُنَّ المُنَافِقَاتُ ) رواه الترمذي (1186) والنسائي (3461) وضعفاه ، وقال ابن قدامة في المغني (7/248) : ذكره أحمد محتجًا به ، ومال ابن حجر إلى تصحيحه ، كما في “فتح الباري” (9/403) وصححه الألباني في “صحيح سنن الترمذي” (1186) .
قالَ المباركفوري :
” أي : اللاتي يَطلُبنَ الخلعَ والطلاقَ عن أزواجِهن من غيرِ بأسٍ ” انتهى .
“تحفة الأحوذي” (4/409) .
ثالثاً :
الواجبُ على الزوجِ إذا تزوج بأكثر من واحدة ، أن يلتزمَ بالشرطِ الذي أخذه اللهُ تعالى على الأزواجِ حين قالَ سبحانه : ( فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً ) النساء/3 .
فإن علمَ من نفسِه التقصيرَ في حقِّ إحدى زوجاتِه ، فلا يجوزُ له أن يُعَلِّقَها ويظلمَها ، بل الواجبُ عليه أن يعطيَها حقَّها من النفقةِ والمبيتِ والمعاشرةِ بالمعروف ، ويعدلَ بينها وبينَ زوجاتِه الأخرى ، فإن لم يستطِع فتسريحٌ بإحسان ، والإحسانُ يقتضي ألا يأخذَ من مالِها شيئًا .
وانظري سؤال رقم (45600) .
فإن رفضَ الزوجُ التسريحَ بإحسانٍ ، ولم يُبالِ بالظلمِ الواقعِ على زوجِه ، ورغبت الزوجةُ في استعجالِ فراقِها عنه ، ولو بِعِوَضٍ تُرضِي به الزوج ، كان لها ذلك ، والإثمُ على الزوج ، والمالُ الذي يأخذُه منها مالٌ حرامٌ .
وقد سبقَ بيانُ ذلك بتوسعٍ في سؤال رقم (42532) .
رابعاً :
أمّا السؤالُ عن الطلاقِ هل يهتزُّ منه عرشُ الرحمن ؟
فلم يصِحَّ شيءٌ في ذلك ، والحديثُ المرويُّ بهذا المعنى حديثٌ موضوعٌ مكذوبٌ .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (43498) .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب