تريد نصائح وتوجيهات لتناظر النصارى
السؤال: 83621
يوجد في الجامعة التي أدرس فيها هناك نسبة نصارى ليست باليسيرة في جامعتي , وقد وصل بهم الحد إلى أن صار بعضهم من دعاة التبشير والتنصير ، وهم في بلاد الإسلام ، وبين أظهر المسلمين !!
حتى إن إحداهن كانت تحضر معها الإنجيل ، وكتابا آخر عن ( الإيمان ) ، وعليه صورة مريم العذراء عليها السلام ، وكانت ترغِّب البنات في قراءته وتشوقهم إليه !
ثم تبين لي ـ فيما بعد ـ من كلامي معها أنها نشيطة في الكنيسة ، وأنها تدرس الأطفال فيها!
والآن أنا حائرة في كيفية التعامل معها ، ومع مثيلاتها ؛ فهل أقطعها وأحذر زميلاتي منها ، أو أحاول أن أناظرها وأناقشها في معتقداتها ؟
علما بأنني حاولت ـ مرة ـ أن أستخرج بعض ما عندها ، لأعرف كيف أناقشها ، فوجدتها على وعي تام بمسائل النقاش ، وكأنها قد تلقنت ماذا يجب أن تقول ، وتتسلح به فيما معاملتها ومناقشتها للمسلمين !! ولم يكن عندي من العلم ما أرد به عليها ، أو يمكنني من الاسترسال معها في النقاش .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
نشكر لكِ ـ أيتها الأخت الكريمة ـ غيرتِك على دين الله تعالى ،
وعلى الاهتمام بالدعوة إلى الله ، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والثبات .
ثانياً :
لا ننصحك بمحاورة زميلاتك من النصارى ، أو مجادلة أحد منهم ،
لأنكِ ذكرتِ أن عندهم من الشُّبَه ما تعجزين عن رده ، وذكرتِ أنك في أول طريق طلب
العلم ، وهذا يجعلنا نؤكد على هذه النصيحة في حقك وحق من كان مثلك ؛ فالجدال إنما (
يقصر جوازه على المواطن التي تكون المصلحة في فعله أكثر من المفسدة أو على المواطن
التي المجادلة فيها بالمحاسنة لا بالمخاشنة ) [ فتح القدير ، للشوكاني
1/527] .
وهذه المصلحة التي ترجى من مجادلة أهل الكتاب ، أو غيرهم من
أصناف أهل الشرك بالله ، أو أهل الأهواء والبدع ، لا تتم إلا بأن يقوم بهذه
المناظرة من هو أهلها ممن كان عنده من العلم بدينه ودين المخالف ما يمكنه من
مناظرته ، ثم يتزين بأدب الشرع لنا في ذلك .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” ولما كان أتباع الأنبياء هم أهل العلم والعدل ، كان كلام أهل
الإسلام والسنة مع الكفار وأهل البدع ، بالعلم والعدل ، لا بالظن وما تهوى الأنفس .
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم :
( القضاة ثلاثة : قاضيان في النار ، وقاض في الجنة ؛ رجل علم
الحق وقضى به ، فهو في الجنة ، ورجل علم الحق وقضى بخلافه ، فهو في النار ، ورجل
قضى للناس على جهل ، فهو في النار ) رواه أبو داود وغيره ،
[ صححه الألباني في صحيح الجامع ] ؛ فإذا كان من يقضي بين
الناس في الأموال والدماء والأعراض ، إذا لم يكن عالما عادلا ، كان في النار ، فكيف
بمن يحكم في الملل والأديان ، وأصول الإيمان والمعارف الإلهية والمعالم الكلية ،
بلا علم ولا عدل كحال أهل البدع والأهواء .. ” [ الجواب الصحيح لمن بدل دين
المسيح 1/107-108] .
ولأجل ما ذكره شيخ الإسلام هنا من أدب الجدل ، قال الله تعالى :
( وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ
ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ
إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ )
العنكبوت/46 قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله في تفسيره : ” ينهى تعالى
عن مجادلة أهل الكتاب ، إذا كانت عن غير بصيرة من المجادل ، أو بغير قاعدة مرضية ،
وأن لا يجادلوا ، إلا بالتي هي أحسن ، بحسن خلق ولطف ولين كلام ، ودعوة إلى الحق
وتحسينه ، ورد الباطل وتهجينه ، بأقرب طريق موصل لذلك . وأن لا يكون القصد منها ،
مجرد المجادلة والمغالبة ، وحب العلو ، بل يكون القصد بيان الحق ، وهداية الخلق . ”
اهـ . [ تفسير السعدي 743]
ثم عليكِ ـ أيتها الأخت الكريمة ـ أن تلتفتي لنفسك وطلب العلم ،
وقبل أن يعرف المسلم ما عند غيره ، يجب أن يعرف ما في دينه من أحكام ، فابحثي عن
أخوات من طالبات العلم وابدئي معهن في تعلم دينك ، ويمكنك أن تستعيني ـ أيضا ـ
بأشرطة علماء أهل السنة الداعين إلى منهج السلف الصالح ، لاسيما إذا لم يتيسر لك من
يعلمك .
ولتكن عنايتك الأولى بمعرفة ما يصحح لك عقيدتك ، وعبادتك ،
واهتمي بالوقوف على معاني كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .
هذه هي الطريقة السليمة التي ينبغي أن تبدئي بها ، ودعي نقاش
النصارى وغيرهم من أهل الانحراف والضلال للمتخصصين ، فهم أقدر على مواجهتهم وتبيين
زيفهم ، ولا يزال في الأمة الإسلامية – ولله الحمد – من يقوم بهذا الواجب .
وإذا رأيتِ من يمكن أن يتأثر بدعوات التنصير من أخواتك المسلمات
: فيجب عليك تحذيرهن من مصاحبة أولئك الكافرات والسماع لهن ، ويمكنك تزويدهن بكتب
وأشرطة تبين الإسلام الصحيح ، وتحذِّر من المذاهب والأديان الباطلة .
ونسأل الله أن يوفقك لما فيه رضاه ، وأن ييسر لك العلم النافع
والعمل الصالح .
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟