أنا زوجة منذ 10 سنوات تقريبا ولديَّ طفلان ، أعيش منذ أن تزوجت مع والد ووالدة زوجي ، بدأت حياتي وأنا أرجو أن نكوِّن أسرة وأن أعامل وكأني ابنة لهم وأعاملهم بنفس الطريقة ، ولكن الحياة بيننا أصبحت ما يمكن أن يسمى " تعايش سلمي " ، فهناك حوار ما دامت ليس لها ملاحظات عليَّ ، لكني أفتقد الإحساس بالمحبة وخصوصا عندما أكون مريضة أو أحس بالتعب ، لا أحس أنها تسأل عن صحتي باهتمام الأم ، إن أنا قلت إني أحس بالتعب لا تسألني إن تحسنت حالتي أو كيف أصبحت فصرت لا أقول ، وفي بعض الأحيان ردها على كلامي يوصل الإحساس أنها ترى أني أتصنع ذلك ، وهذا يحز في نفسي ، فأنا لا أطلب أن أستريح وتقوم هي بعمل المنزل ولكن مجرد الاهتمام بالسؤال عن صحتي ، والمشكلة الأخرى تكمن في طبع والدة زوجي أنها كثيرة الانتقاد لتصرفات الآخرين ، تكون في بعض الأحيان على صواب وأحيانا أخرى تكون فيها مبالغة ، فهي تريد الأمور أن تتم كما تراها وغير ذلك فهو في نظرها خطأ ، المشكلة أن حديثنا في الغالب ما يكون انتقادا لأشخاص سواء من الأصدقاء أم من الأقارب من جهتهم أو من جهتي ، وانتقادها يكون غالباً حادّاً وخاصة إن كانت في حالة غضب من الشخص وفي بعض الأحيان يصل إلى حد الشتم ، أولاً أنا أحس أننا نرتكب الكثير من الغيبة ، وإن لم أرد عليها أو حاولت أن أبرر تصرفات من تنتقده في محاولة لرد غيبة الشخص المتحدث عنه انقلب عليَّ الحال ، فالوضع الوحيد الذي يرضيها أن أقول إنها على حق وأن الطرف الآخر قد أخطأ ، ولكن ذلك لا يتم إلا وقد جرحنا في الناس كثيراً ، ويزيد من ضيقي أن يكون هذا النقد اللاذع لأهلي ( أبى وأمي وإخوتي وأزواجهم ) ، وقد يكون معها الحق أحيانا ، فهم بشر ولهم عيوبهم وأخطاؤهم ، ولكن أن نظل نتحدث عما حدث وننتقدهم والانتقاد لا يكون فقط على السلوك الذي حدث منهم وأغضبها ( وطبعا بشكل لاذع ) بل يكون أحيانا على تصرفاتهم في حياتهم الشخصية ، وإن ظهر عليَّ الضيق غضبت مني ، وقد توفي والد زوجي منذ ما يقل من عام فأصبح الوضع أكثر سوءا ؛ أصبحتْ أشد حساسية وانتقاداً للنظرة والحركة والكلمة وطريقة كلام من نعرفهم ، وانتقل هذا الانتقاد لي أنا شخصيّاً في كل أمور حياتنافأرجوا النصح والتوجيه.
تعيش مع حماتها وبينهما مشاكل كثيرة
السؤال: 83778
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
ينبغي أن تعلمي – أختنا السائلة – اختلاف طبيعة البشر ، فهم ليسوا سواء من حيث الخلُق والدين والعقل والتصرفات ، وينبغي عليكِ – كذلك – مراعاة من كان كبيراً في السنِّ فإن عقله يضعف ويعود صغيراً في كثيرٍ من تصرفاته ، وعليكِ – أيضاً – مراعاة أنكِ تتعاملين مع أم زوجكِ ، وغالب هؤلاء الأمهات تدب فيهن غيرة الضرائر من زوجات أبنائهنَّ .
فإذا راعيتِ كل ما سبق وفطنتِ له فإنه تهون عليك مشاكلك وتفرَّج همومك ، فما تعانين منه تعاني منه كثيرات ، وهو يحتاج لأمرين مهمين : الصبر والحكمة .
فاصبري على ما ترينه وتسمعينه من أهل زوجك ، وكوني حكيمة في تعاملك معهم ، وبخاصة أم زوجك ؛ فإنه بحكمتك تستطيعين تجنب كثير من المشاكل ، وتفوزين برضاهم أو على الأقل كف شرهم عنكِ ، وتفوزين بقلب زوجك ورضاه عنكِ .
والحكمة في تعاملك مع أم زوجكِ تقتضي منكِ إسماعها الكلام الحسن ، والثناء عليها ، والدعاء لها ، وتلبية طلباتها ، وأن تكوني أحرص منها على نفسها إن كانت تتناول دواء – مثلاً – أو لها موعد زيارة طبيبة ، كما أن للهدية دوراً كبيراً في ترقيق قلبها وتغيير معاملتها تجاهك .
مع العلم أنه لا يجب عليكِ خدمتها ولا العناية بها من حيث الوجوب الشرعي ، فما تفعلينه هو أمر مستحب محبوب للشرع ، وهو من حسن العشرة لزوجكِ ، ولعلَّها إذا عرفت أنكِ تقومين بما لا يجب عليكِ شرعاً ، وعرف زوجكِ ذلك – أيضاً – أن يكون لك مكانة عندهما عالية .
ثانياً :
هذا لا يعني أنكِ تجارينها في الغيبة التي تفعلها ، بل يجب عليكِ نصحها بترك أكل لحوم الناس باغتيابهم ، فإن انتهت فهو خير لها ، ولكِ أجر ذلك ، فإن استمرت ولم تنته فلا يحل لك الجلوس معها وهي تغتاب الآخرين ، بل يجب مفارقة مجلسها ، وقد يكون تصرفك هذا مساهماً في تركها للغيبة ، ولا يكفي إنكارك بقلبك في الحال ؛ لأنك لستِ في حكم المكرَهة ، ولا بدَّ أن تفهم هي وابنها هذا الحكم ، واعلمي أنكِ إن بقيتِ معها وهي على ذلك الحال فأنت شريكة معها في إثم الغيبة ، فكيف إن شاركتِ معها بلسانك ؟! .
ثالثاً :
لك كل الحق في أن يكون لكِ بيتٌ مستقل تعيشين فيه مع زوجكِ وأبنائكِ ، ولك الحق أن يكون لك كثير من الخصوصية إن كان زوجك يريد أن يكون مسكنكم مع أهله ، ولا يكون عاقّاً لأمه لو فعل ذلك ، فالرجل العاقل الحكيم يزن الأمور بميزان الشرع ، ويعطي كل ذي حقٍّ حقَّه ، ولا ينتقص لواحدٍ من الآخر .
على أننا ، مع ذلك ، نعلم صعوبة الاستقلال بمسكن في كثير من الأحيان ، لا سيما مع الظروف المعاصرة التي جعلت من الحصول على المسكن الملائم ، خاصة في المدن الكبرى ، أمرا صعب المنال ، وهنا يتوجب على المرء أن ينظر في الظروف المحيطة به ، بشكل عام ، وبأفق أرحب ، من أجل ألا يشق على نفسه ، ولا على من حوله ، والله تعالى كتب الإحسان على كل شيء .
ويجب على زوجكِ أن يعلم بحقيقة وضعك مع أمه ؛ لأن هذا سبَّب لك عصبية ظهر أثرها على أبنائك ، وقد يكون أثر على زوجك أيضاً ، لذا ينبغي عليه أن يسارع في حل مشكلات البيت ، وعليك أن يتقبل منكِ المصارحة في الأمور كلها ؛ وعليه أن يتحمل المسئولية التي أوجبها عليه الشرع ، فعليه برُّ أهله ، ومن برِّهما نصحهما وتذكيرهما إن وقعا في مخالفة الشرع ، كما أن عليه مسئولية عِشرة زوجته بالمعروف ، وعليه مسئولية تربية أولاده ، فهو أحوج ما يكون للمصارحة والمعاونة على ذلك ، وأنتِ الطرف الأساس الذي يعينه على ذلك كله .
ونسأل الله تعالى أن يهديكم ويصلح بالكم ، وأن يجمع بينكم على خير ، وأن تكونوا أسرة واحدة سعيدة في الدنيا والآخرة .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب