دراسة العلوم الشرعية للحصول على الشهادة والوظيفة
السؤال: 84018
ما القول فيمن نال الشهادة الجامعية في علوم الشريعة ونيته الوظيفة فهل يكون داخلا في حديث الوعيد أم أن التوبة تمحو عنه ذلك ؟ وهل بحصوله على الوظيفة بهذه الشهادة يصبح كسبه منها حراما ؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
ينبغي للإنسان أن يحسن النية في طلب العلم ، فيطلبه ابتغاء مرضاة
الله تعالى ، وينوي رفع الجهل عن نفسه وعن غيره ، وإذا سعى للحصول على شهادة من أجل
الوظيفة ، فلا حرج في ذلك ، وينوي الاستعانة بهذه الوظيفة على طاعة الله تعالى ،
وخدمة المسلمين .
أما إذا كانت نيته محصورة في الوظيفة من أجل الراتب أو المنصب
ونحو ذلك من أمور الدنيا ، ولم ينو الاستعانة على طاعة الله ولا نفع المسلمين ، ولا
غير ذلك من النيات الصالحة ، فهو على خطر عظيم ، ويدخل في الوعيد الشديد الوارد في
قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من تعلم علماً مما يبتغي به وجه الله عز وجل ،
لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا ، لم يجد عرف الجنة يوم القيامة ) يعني
ريحها . رواه أبو داود ( 3664) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
وعليه أن يصحح نيته ، ويتوب إلى الله تعالى فإن التوبة تمحو ما
سبق من الإثم ، فقد قال النبي صلى الله عليه : ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له ) .
رواه ابن ماجة (4250) وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجة .
وأما الكسب الناشئ عن الوظيفة بهذه الشهادة ، فالذي يظهر أنه لا
حرج فيه ، مادام العمل الذي يقوم به مباحاً .
وقد سئلت اللجنة الدائمة : هل يجوز الدراسة الدينية من أجل
الشهادة ؟
فأجابت : لا بأس أن يدرس لأخذ الشهادة ، وعليه أن يجاهد نفسه في
إصلاح النية حتى تكون الدراسة لله وحده ، وأن يكون أخذ الشهادة ليستعين بها على
طاعة الله ورسوله ، وخدمة المسلمين ” انتهى من “فتاوى اللجنة الدائمة”
(12/103).
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : يتحرج بعض طلبة العلم الشرعي
عند قصدهم العلم والشهادة فكيف يتخلص طالب العلم من هذا الحرج ؟
فأجاب : ” يجاب على ذلك بأمور :
أحدها : أن لا يقصدوا بذلك الشهادة لذاتها ، بل يتخذون هذه
الشهادات وسيلة للعمل في الحقول النافعة للخلق ؛ لأن الأعمال في الوقت الحاضر مبنية
على الشهادات ، والناس غالبا لا يستطيعون الوصول إلى منفعة الخلق إلا بهذه الوسيلة
وبذلك تكون النية سليمة .
الثاني : أن من أراد العلم قد لا يجده إلا في هذه الكليات فيدخل
فيها بنية طلب العلم ولا يؤثر عليه ما يحصل له من الشهادة فيما بعد .
الثالث : أن الإنسان إذا أراد بعمله الحسنيين حسنى الدنيا ،
وحسنى الآخرة فلا شيء عليه في ذلك ؛ لأن الله يقول : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ
يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ
يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ
جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق/2 -3 ، وهذا
ترغيب في التقوي بأمر دنيوي .
فإن قيل : من أراد بعمله الدنيا كيف يقال بأنه مخلص ؟
فالجواب : أنه أخلص العبادة ولم يرد بها الخلق إطلاقا فلم يقصد
مراءاة الناس ومدحهم على عبادته بل قصد أمرا ماديا من ثمرات العبادة ، فليس
كالمرائي الذي يتقرب إلى الناس بما يتقرب به إلى الله ويريد أن يمدحوه به ، لكنه
بإرادة هذا الأمر المادي نقص إخلاصه فصار معه نوع من الشرك وصارت منزلته دون منزلة
من أراد الآخرة إرادة محضة .
وبهذه المناسبة أود أن أنبه على أن بعض الناس عندما يتكلمون على
فوائد العبادات يحولونها إلى فوائد دنيوية ؛ فمثلا يقولون في الصلاة رياضة وإفادة
للأعصاب ، وفي الصيام فائدة لإزالة الفضلات وترتيب الوجبات ، والمفروض ألا تجعل
الفوائد الدنيوية هي الأصل ؛ لأن ذلك يؤدي إلى إضعاف الإخلاص والغفلة عن إرادة
الآخرة ، ولذلك بين الله تعالى في كتابه حكمة الصوم – مثلا أنه سبب للتقوى ،
فالفوائد الدينية هي الأصل ، والدنيوية ثانوية ، وعندما نتكلم عند عامة الناس فإننا
نخاطبهم بالنواحي الدينية ، وعندما نتكلم عند ممن لا يقتنع إلا بشيء مادي فإننا
نخاطبه بالنواحي الدينية والدنيوية ولكل مقام مقال ” انتهى من كتاب “العلم”
للشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعتم بهذه الإجابة؟