0 / 0

تحرش المحارم

السؤال: 84426

تحرش بي عمي من قبل عدة مرات ، وبعد ذلك صارحت والدي بما حدث ، فلم أجد منه سوى رد فعل لا يقارن بما فعله بي عمي , وأجد والدي الآن على علاقة طيبة جدّاً بعمي ، ويدعوه إلى البيات معنا في منزلنا ، ويعامله معاملة حسنة جدّاً ، وأنا لا أتحمل هذا ، فما عقاب والدي ؟ وهل إذا شعرت بالكراهية تجاه والدي هل يوجد ذنب عليَّ ؟ وجزاكم الله كل خير .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

قد أحسنتِ حين شكوتِ أمر عمكِ إلى والدك ، فقد كان تصرفا حكيما يدل على عقل وخلق ودين ، نسأل الله تعالى أن يزيدك من فضله ويحفظك بحفظه ، ولكن لا تعجلي في الحكم على والدك بالكراهة ، أو التشكك في حرصه على حفظك ورعايتك .
نعم الواجب عليه أن يكون أكثر صرامة مع أخيه الذي تكرر منه التحرش ، وأقل ما جب عليه فعله هو عدم السماح له بالمبيت في منزلكم ، وعدم استئمانه على بيته وأهله وعرضه ، بل عدم السماح له بزيارتكم ورؤيتكم ، والغيرة الشرعية تقتضي منه توعد أخيه بقطع العلاقة معه ، فالأولاد أمانة في عنق والدهم ، وهو مسؤول عن حفظ ورعاية هذه الأمانة .
عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أَلَا كُلُّكُم رَاعٍ وَكُلُّكُم مَسئُولٌ عَن رَعِيَّتِهِ … وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهلِ بَيتِهِ وَهُوَ مَسئُولٌ عَنهُم ) رواه البخاري ( 2554 ) ومسلم ( 1829 ) .
ولكن قد يقصر بعض الآباء في ذلك بسبب قلة الوعي وسوء تقدير للأمور ، أو لثقة زائدة في أخيه ، أو شعور بأن أخاه قد تاب وندم ، وأن تحرشه إنما كان زلة .
فلا تتعجلي في اتهام والدك والظن بإهماله عرضه وعرض بناته ، وتجاوزي ذلك بمصارحته ومحاورته والاستعانة بالوالدة والإخوان ، وحاولي إقناعه بخطورة الأمر وأنه لا ينبغي التساهل فيه ، خاصة وأنه قد اتخذ موقفا من أخيه ، لكنه رد فعل ضعيف كما وصفته أنت في السؤال ، وهو على كل حال يدل على حرص من والدك ولو إلى حد ما .
فإن أراد أن يمنح أخاه فرصة أخيرة فلا يكون ذلك بالإذن له بالمبيت عندكم ، فإن في ذلك إعانة للشيطان عليه ، بل يكون بالبعد عنكم وعن مخالطتكم ، وإن أراد أن يبقى على اتصال به فليكن بينهما دون أن يكون لكم أنتم أهل بيته شأن في الموضوع .
فإن أصر والدك – لا قدر الله – على اختلاط أخيه بكم ، والتوسعة له في منزلكم ، فلا يجوز لك السكوت والرضا حينئذ ، ويجب أن تتحلي بالقوة والشجاعة كي تشكي أمر والدك لأقرب الناس إلى أسرتكم ممن ترين فيه الدين والخلق والحكمة ، واستعيني بهم على حل المشكلة التي تواجهين ، ولا بد أن تجدي من يتفهم الموقف ويكون خير معين لك إن شاء الله .
وعليك أنت خلال ذلك المحافظة على الحجاب الشرعي الكامل ، فإن كثيرا من حالات التحرش بين المحارم يكون سببها التساهل في كشف العورات أمامهم ، فتجد الفتاة تلبس اللباس الضيق جدّاً ، وتكشف ساقيها وذراعيها وأكثر من ذلك ، بدعوى أنها تجلس مع محارمها ، وهي لا تدري أن الشيطان يسول للنفس كل محرَّم ، وأن المحرَم قد يفتن بما يراه من محاسن محارمه ، خاصة إذا كان شابّاً عزباً .
وعليك الابتعاد عن المكان الذي يراك فيه عمك هذا ، وقطع العلاقة به تماما ، فلا تجلسي في مجلس يكون فيه ، ولا تلقي عليه السلام ، وإن وجدت بيتا من بيوت محارمك من أصحاب الخلق والدين فاخرجي إليه حتى يخرج عمك السيء من منزلكم .

بل إننا ننبهك هنا إلى مسألة مهمة ، في حال عدم تصرف التصرف المناسب أمام تلك المشكلة ، وعدم مبالاته بالتصرف الشائن لهذا الأخ الخائن ؛ ننبهك إلى أنه سوف يكون عليك أن تتحملي مسئولية كبيرة تجاه نفسك ودينك ، مسئولية في تعويض ذلك المقدر المفتقد من غيرة والدك ، وحسن قوامته عليك ، ورعايته لك ، خاصة فيما يتعلق بأمر الدين والفضيلة ، والحفاظ على حجابك ، والبعد عن الاختلاط والخلوة المحرمة .

والله سبحانه وتعالى مطلع على حالك ، ويعلم أنك تحبين الفضيلة وتكرهين الرذيلة ، وأنك تجاهدين في سبيل درء كل فتنة ، وسيكتب لك أجرك إن شاء الله تعالى كاملا موفرا غير منقوص .
قال سبحانه وتعالى : ( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ) الأحزاب/35 .
والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android