أنا أحب زوجي كثيرا وهو يحبني ولكن أنا كثيرة العصبية وسليطة اللسان (أتمادى على زوجي وأهله ) ، لأنه كثير الانشغال عني وعن بنتي والبيت كله .
يخدم الناس وأهله ولا يجلس معي ، ربما لأني كنت على علاقة بشباب في فترة قرابة السنة والنصف والحمد لله كانت علاقة بالهاتف فقط وانتهت. وبعدها بثلاث سنوات تزوجت .
سؤالي : كيف أستطيع التغير ؟ لا أريد أن أغضبه ، أريد أن أحترمه ، ساعدوني ، أنا كثيرة العصبية ، أريد حلاًّ يريحني ويجعلني أعيش سعيدة مع زوجي وبنتي ، مع العلم أني لا أحس بأني متزوجة وأني زوجة وأم لبنت وصاحبة منزل أديره ، حياتي فيها فراغ كبير .
سليطة اللسان على زوجها وتشكو من ابتعاده عنها!
السؤال: 90127
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
من الأخطاء الشائعة : أن يخبر الزوجان كل منهما الآخر ؛ عما كان في حياته السابقة قبل الزواج ، بحجة أنه على كل منهما أن لا يترك لحبيبه الجديد شيئاً من حياته الماضية ؛ إلا وأخبره وعنها ، تعللاً بالمصارحة بينهما , وحتى تصفو الحياة لهما , ولا تصاب بركسة ولا نكسة ، وخوفاً من هواجس الماضي فيعيشان حياة سعيدة !
وقد أثبت الواقع وتكشف عن فشل هذه الفكرة , لأن الزوجين في معظم الأحيان لا يتحملان هذا الأمر! وإن صبرا عليه في البداية ، لأن حرارة الحب الجديد بينهما تمنع من ردة الفعل المباشرة ، حتى إذا ما خمدت هذه الحرارة , وبرد الحب , وخفت العلاقة بينهما سرعان ما يظهر ما كان خافياً ومختبئاً ويطفو على سطح حياتهما, فتنقلب عليهما الحياة ، فتبدأ بالتعسر ، وتنشأ المشكلات بينهما, وتبدأ حرارة الغيرة تحرق روابط الحياة بينهما .
فما كان قبل الزواج يجب أن يذهب مع أيامه ووقته , لا يعلمه أحد من الناس مهما كان شأنه أو مكانه أو قربه ، فإن كان معصية يحدث صاحبها توبة بشروطها بينه وبين الله سبحانه ، لأن التوبة هي التي تهدم ما قبلها من الذنوب ، وليس إخبار الزوج ومصارحته .
ومن شروطها: الندم على ما حصل ، والإقلاع عن الذنب ، والعزم على أن لا يعود , وينبغي أن يكثر من الطاعة والاستغفار لتعويض ما فات .
على أن المؤمن مأمور بالستر على نفسه .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها ، فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله ) أخرجه الحاكم وصححه الألباني في صحيح الجامع (149).
وروى البخاري (6069) عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : : ( كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلا الْمُجَاهِرِينَ ، وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَيَقُولَ : يَا فُلَانُ ، عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا ، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ ).
وما ذكرت من حبك لزوجك – بداية طيبة وأساس متين لحل كثير من الخلافات القائمة بينكما بإذن الله تعالى .
أختي السائلة :
أظهري لزوجك هذا الحب حيّاً واقعياً , وذلك بإظهار اهتمامك به ، غيري نمط حياتك معه ، نفسك ، شكلك ، بيتك ، أحدثي تغييراً جذرياً فيها .
لعل السآمة أخذته من حياة تقليدية رتيبة لا تغيير فيها .
حولي نظره إليك ، إلى بيتك ، إلى ابنتك ، بكل ما تمتلكين من أسباب ، وإياك والتذمر أو الضيق من شؤونه الخاصة ، لأنها ستقف عثرة أمام التفاهم المنشود بينكما .
أدبي نفسك بأدب الإسلام, وإياك والعصبية ، فقد أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بعدم الغضب .
روى البخاري (6116) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَوْصِنِي قَالَ : ( لا تَغْضَبْ ، فَرَدَّدَ مِرَارًا ، قَالَ : لا تَغْضَبْ ).
كما أمرنا بحفظ اللسان وصيانته ، فقال صلى الله عليه وسلم وهو يوصي معاذاً رضي الله عنه : ( كف عليك هذا – أي : لسانك- فقلت : يا رسول الله! وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟! فقال : ثكلتك أمك يا معاذ, وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ) رواه الترمذي وصححه الألباني في “سلسلة الأحاديث الصحيحة” (772).
إن ما ذكرت فيك من العصبية, وسلاطة اللسان.. هما معولا هدم وتكسير ، ينقض أساس بنيان الأسرة وحياتها .
ولعلهما السبب في إعراض زوجك عنك ، وأنه رأى ووجد في أهله ، والناس من التقدير, والاحترام والأدب ما لم يجده عندك ، فألجأه ذلك إلى ما هو عليه.
فاجتهدي في تغيير سلوكك ، وضبط نفسك ، وتوجهي إلى الله بالدعاء لك وله بالتوفيق , والصلاح , وحسن الأخلاق , والأدب فإن الله قريب مجيب .
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجمع بينكما في خير ، ويوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب