العروة الوثقى
السؤال: 93454
ما هي العروة الوثقى ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
العروة الوثقى جاء ذكرها في القرآن الكريم في موضعين اثنين :
في
سورة البقرة ، الآية (256) في قوله تعالى :
(
لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ
يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ
الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) .
وفي
سورة لقمان ، الآية (22) في قوله تعالى :
(
وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ
بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ )
كما
جاء في السنة النبوية ذكر العروة الوثقى في حديث أخرجه البخاري (3813) ومسلم (2484)
عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ قال :
(
كُنْتُ بِالْمَدِينَةِ فِي نَاسٍ فِيهِمْ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَجَاءَ رَجُلٌ فِي وَجْهِهِ أَثَرٌ مِنْ خُشُوعٍ ،
فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ : هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، هَذَا رَجُلٌ
مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ يَتَجَوَّزُ فِيهِمَا ثُمَّ خَرَجَ
، فَاتَّبَعْتُهُ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ وَدَخَلْتُ ، فَتَحَدَّثْنَا ، فَلَمَّا
اسْتَأْنَسَ قُلْتُ لَهُ : إِنَّكَ لَمَّا دَخَلْتَ قَبْلُ قَالَ رَجُلٌ كَذَا
وَكَذَا . قَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ! مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ مَا
لَا يَعْلَمُ ، وَسَأُحَدِّثُكَ لِمَ ذَاكَ ، رَأَيْتُ رُؤْيَا عَلَى عَهْدِ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ ،
رَأَيْتُنِي فِي رَوْضَةٍ – ذَكَرَ سَعَتَهَا وَعُشْبَهَا وَخُضْرَتَهَا – وَوَسْطَ
الرَّوْضَةِ عَمُودٌ مِنْ حَدِيدٍ أَسْفَلُهُ فِي الْأَرْضِ وَأَعْلَاهُ فِي
السَّمَاءِ ، فِي أَعْلَاهُ عُرْوَةٌ ، فَقِيلَ لِي : ارْقَهْ . فَقُلْتُ لَهُ :
لَا أَسْتَطِيعُ . فَجَاءَنِي مِنْصَفٌ – قَالَ ابْنُ عَوْنٍ وَالْمِنْصَفُ
الْخَادِمُ – فَقَالَ بِثِيَابِي مِنْ خَلْفِي ، وَصَفَ أَنَّهُ رَفَعَهُ مِنْ
خَلْفِهِ بِيَدِهِ ، فَرَقِيتُ حَتَّى كُنْتُ فِي أَعْلَى الْعَمُودِ ، فَأَخَذْتُ
بِالْعُرْوَةِ ، فَقِيلَ لِيَ : اسْتَمْسِكْ . فَلَقَدْ اسْتَيْقَظْتُ وَإِنَّهَا
لَفِي يَدِي . فَقَصَصْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقَالَ : تِلْكَ الرَّوْضَةُ الْإِسْلَامُ ، وَذَلِكَ الْعَمُودُ عَمُودُ
الْإِسْلَامِ ، وَتِلْكَ الْعُرْوَةُ عُرْوَةُ الْوُثْقَى ، وَأَنْتَ عَلَى
الْإِسْلَامِ حَتَّى تَمُوتَ . قَالَ : وَالرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ )
.
وقد
بين السلف الصالح معنى العروة الوثقى بعبارات منوعة كلها تدل على مقصود واحد :
فقال ابن عباس وسعيد بن جبير والضحاك : يعني لا إله إلا الله .
وقال أنس بن مالك : القرآن .
وقال مجاهد
:
الإيمان .
وقال السدي : هو الإسلام .
وعن
سالم بن أبي الجعد : هو الحب في الله والبغض في الله .
وانظر هذه الأقوال في “تفسير ابن أبي حاتم” (2/496)
قال
ابن كثير في “تفسير القرآن العظيم” (1/684) :
”
وكل
هذه الأقوال صحيحة ولا تنافي بينها ” انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في “فتاوى نور على الدرب” ( الصلاة/1218) :
ما
هي العروة الوثقى ؟
فأجاب :
”
العروة الوثقى هي الإسلام ، وسميت عروة وثقى لأنها توصل إلى الجنة ” انتهى .
فأنت ترى – أخي السائل – أن المعنى الذي فسر به العلماء العروة الوثقى هو ما يوصل
المتمسك به إلى الجنة ، وذلك يشمل الإسلام والإيمان والقرآن وكلمة التوحيد ، وكل
واحد عبر بأحد هذه المعاني المتقاربة في مؤداها .
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟