لي ابن كان ملتزماً ، وفي عمله اختلاط ، وتعرَّف على بنت ، وصار بينهم علاقة محرمة ، هل يجوز منعه من الزواج بها أم نتركه يتزوجها ؟ ولكن نخشى منها عليه ، علماً أن سلوكها كأي بنت ترتبط بشباب ، ولكن لم يتم أي شيء مع أي شاب إلا هو وهو متمسك بها جدّاً ، وهل يجوز أن نتركه يتزوجها ثم يطلقها ؟ وهل نية الطلاق في هذه الحالة تفسد العقد وأنا أخشى الله ؟ .
كان ملتزماً وعمله مختلط وصار على علاقة محرَّمة مع امرأة فهل يتزوجها ؟
السؤال: 98125
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
ذكرنا في فتاوى متعددة حرمة الاختلاط المستهتر ، الذي لا ينضبط بضوابط الشرع في الحجاب ، وأدب المعاملة المتبادلة ، وذكرنا حرمة العمل والدراسة إن كان فيهما اختلاط ، ونأسف أنه يوجد من المفتين من يتساهل في هذا الأمر ، ويقر هذه الفوضى العارمة في أماكن الدراسة والعمل ، وكأنَّ هؤلاء يعيشون في عالم آخر ، لا يرون فيه أثر الاختلاط المحرَّم من إتلافٍ للقلوب ، وذَهابٍ للعقول ، وضَياع للأديان .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال (1200)
ولم ينج من هذا الأثر أحدٌ ، فالمرأة العفيفة المصونة وقعت في مستنقع الاختلاط الآسن ، فجاءها من قَذَرِهِ وقبح منظره ورديء رائحته شيء كثير ، وقُلْ مثل ذلك في الشباب المستقيم على طاعة الله ، كيف كان وكيف صار .
وقد جعل الله تعالى في الرجال ميلاً نحو الإناث ، وجعل في الإناث ميلاً نحو الرجال ، ولم يبح الله تعالى من العلاقة بين الأجانب منهم إلا بالنكاح ، ولذا فإن في الشريعة من الأحكام شيئاً كثيراً يغلَق فيه الطريق على السائر فيه نحو الفاحشة ، فجاء تحريم النظر إلى الأجنبية ، وتحريم مصافحتها ، والخلوة بها ، وجاء تحريم سفر المرأة وحدها ، وغير ذلك من الأحكام التي تقطع على الشيطان طريقه في إيقاع المسلم في فاحشة الزنا .
ثانياً:
قلتِ – أختنا الفاضلة – : ” وصار بينهما علاقة محرمة ” ، ولا ندري معنى هذه الجملة ، وهي تحتمل أمرين :
الأول : الزنا – والعياذ بالله – .
والثاني : المصاحبة والخلوة ، وما دون الزنا .
فإن كان الاحتمال الأول هو الواقع : فقد وقعا في ذنب عظيم ، وجريمة منكرة ، وقد حكم الله تعالى على الزاني والزانية غير المحصنين بالجلد مائة جلدة ، وعلى المحصن منهما الرجم حتى الموت ، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن سلب الإيمان عن الزاني ، ورأى في منامه الزناة والزانيات في تنور في نار جهنم .
ومن الأحكام المترتبة على الزناة : أنه يحرم على الزاني تزوج الزانية ، ويحرم عليها تزوجه ؛ لأن نكاح الزاني والزانية محرَّم ، إلا أن يتوبا توبة صادقة من أجل ما وقعا فيه من الذنب العظيم .
فإن تابا وأصلحا ، واعتدت المرأة حيضة واحدة : جاز لهما النكاح ، ونسأل الله أن يعفو عنهما بمنه وكرمه .
وينظر للزيادة : أجوبة الأسئلة (14381) و (85335) و (96460) و (87894) .
وإن كان الاحتمال الثاني هو الواقع – كما هو الغالب في مثل هذه العلاقات ، خاصة وهو يريد الزواج بها – فلا يوجد ما يمنع من نكاحه لها من حيث بطلان العقد ، لكن قد يُمنع من باب أنه لا يُرضى دينها ، وخلُقها ، ولا تصلح زوجة تحافظ على بيته ، وتربي له ولده ، ولكننا لا نستطيع أن نقول هذا في حال ابنكما ، فإذا كانت متهاونة ، فهو مثلها ؛ وهكذا كل ما نقدره فيها من العيب والخلل ، هو موجود فيه .
وإذا كان الدين يأمره بأن يبحث عن المرأة الصالحة التقية الطيبة ، فهكذا يأمرها : ( الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ) النور/26) ، ( وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ) النور/32.
فلنكن ـ أيتها السائلة الكريمة ـ واقعيين ، ومنصفين !! ولا تنظري في المقارنة بينهما إلى ما كان عليه حال ابنك ، بل انظري إلى حاله الآن .
وحينئذ فإذا رأيت أنهما قد تعلق كل منهما بصاحبه واشتدت رغبتهما في الزواج ، فإن أقرب طريق لإصلاحهما ، وإتقاء الشر من علاقتهما ، أن يتزوجها ، وقد روى ابن ماجة ( 1847) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَمْ نَرَ لِلْمُتَحَابَّيْنِ مِثْلَ النِّكَاحِ ) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة .
وربما تكون هذه فرصة مناسبة لمساومتهما على التوبة والاستقامة والصلاح ،قبل إتمام زواجهما .
ثالثاً:
والزواج بنية الطلاق محرَّم ، ولا يجوز لمسلم أن ينويه قبل عقد النكاح .
وينظر – للأهمية – : جوابي السؤالين (27104) و (91962) .
ونحن معك ، ونأمرك بخشية الله في مثل ذلك ، لو كانت هذه ابنتك يا أمة الله ، أترضين لأحد أن يتزوجها بهذه النية ؟!
أيليق بك أن تفكري في مصلحة ابنك ، وتبحثي عن الخير له ، ولو على حساب الناس ؟!
عن عبد الله بن عمرو بن العاص َقَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ ، فقال عليه الصلاة والسلام : ( َمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنْ النَّارِ وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ .. الحديث ) رواه مسلم برقم ( 1844) .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة