أنا محتار بخصوص السنة. فعندنا في أمريكا رجلان من أهل العلم وقد خالف قول كل واحد منهما قول الآخر. لقد سمعت أن السنة هو فعلٌ إذا قام الفرد به, أثيب عليه, وإن لم يفعله, لم يأثم لتركه. وفيما يخص تتبع أفعال النبي (صلى الله عليه وسلم) بحذافيرها كالجلوس على الأرض لتناول الطعام, فقد طُرح السؤال على شخصين وهما من أهل العلم, فقال أحدهما بأنه إذا جلس الفرد على الأرض لتناول الطعام وهو ينوي بذلك متابعة فعل الرسول (صلى الله عليه وسلم), فإنه يثاب على ذلك. بينما قال الآخر بأنه لا يثاب على ذلك العمل لأن ذلك الموضوع هو موضوع دنيوي. فما هو الرأي الصحيح؟ الأمر يهمني لأنه إن لم يكن هناك ثواب على الجلوس على الأرض لتناول الطعام ، لأنه موضوع دنيوي بحت , فأنا أفضل الجلوس على الطاولة لتناول الطعام , وأن أرتدي الملابس التي ليست على السنة.
هل من السنة الجلوس على الأرض لتناول الطعام
السؤال: 9894
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
1. المسلم مطلوب منه أن يتأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم فهو القدوة والأسوة الصالحة لهذه الأمة .
2. اختلف العلماء في أفعال النبي صلى الله عليه وسلم على عدة أقسام :
أ. هواجس النفس والحركات البشرية كتصرف الأعضاء وحركات الجسد فهذا الأمر لا يتعلق به أمر اتباع ولا نهي .
ب. مالا يتعلق بالعبادات ووضع فيه أمر الجبلة كالقيام والقعود ونحوهما فليس فيه تأس ولا به اقتداء ولكنه يدل على الإباحة عند الجمهور .
ت. ما احتمل أن يخرج عن الجبلة إلى التشريع بمواظبته عليه على وجه معروف وهيئة مخصوصة كالأكل والشرب واللبس والنوم وخصوصا إذا وقع فيه الإرشاد إلى بعض هيئات الأكل أو الشرب أو اللباس أو النوم فهذا على الصحيح داخل في التشريع وهو مذهب الشافعي ورجحه الشوكاني في كتابه ” إرشاد الفحول ” ، ويدخل في هذا القسم ما سأل عنه السائل .
ث. ما علم اختصاصه به صلى الله عليه وسلم كالوصال في الصيام والزيادة على أربع في الزواج فهو خاص به لا يشاركه به غيره . إلى غير ذلك من التقسيمات .
” إرشاد الفحول ” للشوكاني ( ص 160 ) .
3. ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأكل على الأرض .
وورد عنه أنه قال : ” آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد ” . رواه أبو يعلى ( 8 / 318 ) . والحديث : صححه العلامة الألباني رحمه الله في ” السلسلة الصحيحة ” ( 544 ) .
وورد أيضا من حديث أنس بن مالك قال : ” ما أكل النبي صلى الله عليه وسلم على خوان ولا في سكرّجة ولا خبز له مرقّق ، قلت لقتادة : على ما يأكلون قال على السفر “. رواه البخاري ( 5099 ) .
والخِوان : ما يوضع عليه الطعام .
سكرجة : إناء يوضع فيه المشَّهِيات .
فمثل هذا الأمر لا يجب على المسلم أن يتأسى به وله أن يقتدي به صلى الله عليه وسلم ، فإذا أكل المسلم على الطاولة لا يأثم .
وأما اللباس فإنا مأمورون أن نخالف أهل الكتاب وعموم الكفار في لباسهم ، لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وتحذيره من ألبسة الكفار .
قال صلى الله عليه وسلم : “من تشبه بقوم فهو منهم ” .
رواه أبو داود ( 4031 ) . والحديث : صححه الشيخ الألباني في ” إرواء الغليل ” ( 8 / 49 ) .
وقال صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص : ” هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها ” .
رواه مسلم ( 2077 ) .
ولأمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه عتبة بن فرقد بقوله له : ” إياك وزي أهل الشرك “.
رواه ومسلم ( 2069 ) .
والخلاصة :
أنه يستحب للمسلم أن يتأسى بالرسول صلى الله عليه وسلم بما ذكره السائل من الأكل والشرب على الأرض ولا إثم على من أكل على طاولة وأما اللباس فإن المسلم مأمور أن يلبس زي المسلمين وأن يخالف زي المشركين . والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الشيخ محمد صالح المنجد