هل تبيح الضرورة القرض الربوي ؟
السؤال: 123563
أنا بحاجه لإجراء عمليه في المعدة تكلف مليون ونصف عراقي ، ولا يوجد أمامي طريق سوى أخذ سلفه من البنك ، بضمان راتبي التقاعدي ، علما أن الفائدة التي يأخذها البنك من السلف هي 8% ، أي من 3 ملايين يعطوني مليونيين وستمائة وخمسين .
فهل يجوز ذلك ، ولا أملك غير هذا الطريق ، علماً أن حالتي المادية وسط .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
اعلم أن الواجب الأول على كل مضطر ومكروب هو : صدق
اللجوء إلى الله تعالى ، وقد قال سبحانه ؛ فهذا هو أعظم مقام يقومه العبد في بلواه
وكربه ، بل هو من أعظم حكم الله تعالى في تقدير الكرب والضيق على عباده . قال الله
تعالى : ( وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
) الأعراف /168
وأثنى الله تعالى على نفسه بتفريج كرب
المضطر
، فقال : ( أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ )
النمل / 62
وذم الله الغافلين عن هذا المقام ،
والمعرضين عنه
، فقال تعالى : ( وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا
لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ) المؤمنون /76 . وقال أيضا : ( فَلَوْلا إِذْ
جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ
الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) الأنعام /43 .
فعليك ـ يا عبد الله ـ بهذا الأصل المنيع ، وهذا
الحصن الحصين ، واجعل شكواك إلى الله ، واستعانتك به ، وتوكلك عليه ، ولجوءك إليه .
وقد وعد الله تعالى المتقين بنوعين من السعة :
الخروج من الضيق ، والمنة بالرزق حيث قال: ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ
مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى
اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ
لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق /2-3 .
وأما ما سألت عنه ، من أخذ القرض بضمان راتبك :
فهذه الصورة ربا صريح ، لا شك فيه : أن تأخذ أقل مما تدفع لدائنك ، أو يشترط المقرض
عليك أن تعطيه أكثر مما أعطاك .
وقد سبق في موقعنا أجوبة عديدة حول التعامل بالربا
، يمكن مراجعة بعضها في قسم المعاملات .
لكن هل يجوز ـ في مثل حالك ـ أن تقترض هذا القرض
الربوي ، حيث لم تجد من يقرضك قرضا حسنا ؟
ذهب بعض أهل العلم إلى أن مثل هذا التعامل جائز ،
في حالة الضرورة ؛ وحال الضرورة هي الحال التي يخاف معها على المكلف من الهلاك ، أو
ضرر شديد ، أو تلحقه مشقة لا يمكنه احتمالها .
قال أبو عبد الله الزركشي رحمه الله :
فالضرورة
: بلوغه حدّاً إن لم يتناول الممنوع هلك ، أو قارب ؛ كالمضطر للأكل واللبس ، بحيث
لو بقي جائعاً أو عرياناً لمات ، أو تلف منه عضو ، وهذا يبيح تناول المحرم .
والحاجة
: كالجائع الذي لو لم يجد ما يأكل لم يهلك ، غير أنه يكون في جهد ومشقة ، وهذا لا
يبيح المحرَّم ” انتهى .
“المنثور في القواعد” ( 2 / 319 ) .
وعلى ذلك : فإنما يجوز لك مثل هذا القرض ، عند من
رخص فيه ، إذا كانت حالك قد بلغت حد الضرورة ، وغلب على ظنك أن هذه العملية نافعة
لك ، وتدفع عنك الضرر والمشقة التي نزلت بك .
وكانت حالك ، مع ذلك ، لا يمكن تأخيرها إلى أن
يتيسر لك قرض حسن ، أو رزق طيب .
وقد سبق بيان مثل ذلك في جواب السؤال رقم (94823)
، فيراجع .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
![answer](/_next/image?url=%2F_next%2Fstatic%2Fmedia%2Fanswer.91a384f1.png&w=64&q=75)
موضوعات ذات صلة