0 / 0

ترك الزّواج استحياء من النّساء وإزالة الشّهوة الجنسيّة

السؤال: 127165

أنا شاب عمري 18 سنة ، لا أريد أن أتزوّج لأنّني خجول جدّا جدّا ، وقد تعقدت من النّساء أخجل منهنّ بشكل رهيب جدّا ، وأريد أن أزيل الشّهوة الجنسيّة سواء بعمليّة جراحيّة أيضا، أنا أقسمت بالله أن لا أتزوّج هل عليّ إثم إذا لم أتزوّج؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أوّلاً :

طوبى لك على ما رزقك الله به من هذه الخصلة الحميدة والصّفة الجليلة التي حثّ الشّرع المطهّر على التّحلّي بها، فقد ورد في فضل الحياء أحاديث كثيرة منها : ما رواه عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (دَعْهُ ، فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الْإِيمَانِ) رواه البخاريّ (24) ومسلم (36) .

قال الشّيخ محمّد بن صالح العثيمين رحمه الله في "شرح رياض الصالحين" (4/29 – 30) : "الحياء : انكسار يكون في القلب ، وخجل لفعل ما لا يهتمّ به النّاس ، أو ما لا يستحسنه النّاس.

الحياء من الله والحياء من الخلق من الإيمان ، الحياء من الله يوجب للعبد أن يقوم بطاعة الله ، وأن ينتهي عمّا نهى الله ، والحياء من النّاس يوجب للعبد أن يستعمل المروءة ، وأن يفعل ما يجمّله ويزيّنه عند النّاس ، ويتجنّب ما يدنّسه ويشينه ، فالحياء من الإيمان" انتهى .

ومع فضيلة الحياء وأهمّيته ، فلا ينبغي أن يكون سببا لترك ما أمر به الإسلام ودعا إليه ؛ لأنّ الحياء إنّما يطلب ويُحمد إذا كان معينا على امتثال أوامر الله ورسوله ، قال الشّيخ عبد الرّحمن السّعديّ رحمه الله في تفسير قوله تعالى : (وَاللهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ) الأحزاب/54 :

"فالأمر الشّرعيّ ، ولو كان يُتَوَهَّم أنّ في تركه أدبًا وحياء ، فإنّ الحزم كلّ الحزم اتّباع الأمر الشّرعيّ ، وأن يَجزم أنّ ما خالفه ليس من الأدب في شيء" انتهى . تيسير الكريم الرّحمن (ص 670) .

والانصراف عن الزّواج بالكلّيّة والرّغبة عنه خلاف السّنّة ، وقد نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن ذلك ، فقد روى البخاري (5063) ومسلم (1401) عن أَنَس بْن مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا ، فَقَالُوا : وَأَيْنَ نَحْنُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ! قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ ! قَالَ أَحَدُهُمْ : أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا . وَقَالَ آخَرُ : أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ . وَقَالَ آخَرُ : أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا . فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ : (أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا ، أَمَا وَاللَّهِ ، إِنِّي لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ ، وَأَتْقَاكُمْ لَهُ ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي) .

فالنكاح لا ينافى كمال الحياء ، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم أشد الناس حياءً ، ومع ذلك فقد تزوج صلى الله عليه وسلم .

وروى البخاري (5074) ومسلم (1402) عن سَعْد بْن أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قال : (رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ التَّبَتُّلَ ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ لاخْتَصَيْنَا) .

فلا يجوز إزالة الشهوة سواء كان ذلك بعملية جراحية أو غيرها .

قال في "الفواكه الدواني" (1/137): "وأما لو استعملت دواء لقطعه (الحيض) أصلا فلا يجوز لها حيث كان يترتب عليه قطع النسل، كما لا يجوز للرجل استعمال ما يقطع نسله أو يقلله" انتهى .

وورد سؤال إلى اللّجنة الدّائمة للبحوث العلميّة والإفتاء عن حكم إجراء عمليّة خصي لقطع الشّهوة ، فأجابت :

"لا يجوز لك الإقدام على إجراء عمليّة لقطع الخصيتين ؛ لنهي النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عثمان بن مظعون عن الاختصاء" انتهى .

فتاوى اللّجنة الدّائمة (18/34) .

وسبق بيان حكم من حرّم النّكاح على نفسه في جواب السؤال رقم (87998) .

ثانياً :

أما اليمين التي حلفتها ، فقد حلفت على ترك السّنّة والخير ، فالمطلوب منك أن تكفر عن يمينك كفارة يمين ، وتتزوج متى يسر الله لك الزواج ؛ لقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لعبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه : (وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا ، فَكَفِّرْ عَنْ َيمِينِكَ وَائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ) رواه البخاري (6722) ومسلم (1652) .

وكفارة اليمين هي : عتق رقبة ، أو إطعام عشرة مساكين من أوسط ما يطعم أهله ، أو كسوتهم ، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام . وقد سبق بيانها تفصيلا في جواب السؤال رقم (45676) .

ثالثاً :

أما حكم ترك الزّواج ، فإنّ الزّواج يختلف حكمه بحسب الإنسان وقدرته المادية والبدنية ، ومدى احتياجه له ، فتارة يجب ، وتارة يستحب ، وتارة يكره ، وانظر جواب السؤال رقم (36486) .

فالنّصيحة لك أن تصبر ولا تستعجل وتقطع بأنّك لا تستطيع الزّواج ، فإنّ لعامل السّنّ تأثيرا كبيرًا فيما أنت فيه من شدّة الحياء ، ومع تقدّم السّنّ فإنّه ستخفّ هذه الشّدّة ويكون الأمر في حدود المعتاد ، واجتهد أيضا في الدّعاء والتّضرّع إلى الله أن يخفّف عنك ، وأن يوفّقك للزّواج السّعيد ، ويحسن أيضا لعلاج هذا الأمر استشارة أهل الخبرة والاستفادة من تجاربهم ونصائحهم وإرشاداتهم .

نسأل الله عزّ وجل أن ييسّر أمرك ويوفّقك لكلّ خير .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android