المراد بنفي الإيمان في حديث: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)
السؤال: 127933
في الحديث : (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه) ، هل المقصود أن الشخص كافر – حتى لو أنه يؤمن بالقرآن والسنة – حتى يحب إخوانه ، أم المقصود أنه غير كامل الإيمان ؟
أرجو التوضيح .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
يرد
نفي الإيمان في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ويراد به تارةً : نفي أصل
الإيمان ، فيكون الشخص كافراً . ويراد به تارة أخرى : نفي كمال الإيمان ، فيكون
الشخص معه أصل الإيمان ، فهو ليس كافراً ، غير أنه ناقص الإيمان .
والحديث المسؤول عنه هو من النوع الثاني .
قال
النووي رحمه الله :
“قال العلماء رحمهم الله : معناه : لا يؤمن الإيمان التام ، وإلا فأصل الإيمان يحصل
لمن لم يكن بهذه الصفة” انتهى .
“شرح مسلم” (2/16).
وقال القرطبي :
“معناه
: أنه لا يتم إيمانُ أحد الإيمان التام الكامل ، حتى يضم إلى إسلامه سلامة الناس
منه ، وإرادة الخير لهم ، والنصح لجميعهم فيما يحاوله معهم” انتهى .
“المفهم لما أشكل من تلخيص صحيح مسلم”
(1/224) .
وقال أيضا :
“أي
: لا يكمل إيمانه ؛ إذ من يغش المسلم ولا ينصحه مرتكب كبيرة ، ولا يكون كافراً بذلك
؛ كما قد بَيَّنَّاه غير مرة .
وعلى هذا : فمعنى الحديث : أن الموصوف بالإيمان الكامل : من كان في معاملته للناس
ناصحاً لهم ، مريداً لهم ما يريده لنفسه ، وكارهاً لهم ما يكرهه لنفسه” انتهى .
“المفهم” (1/227) .
ويدل على أن المراد من النفي في هذا الحديث نفي كمال الإيمان ، أنه قد جاء الحديث
عند ابن حبان بلفظ : (لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يحب للناس ما يحب لنفسه من
الخير) وصححه الألباني في “صحيح الترغيب” (1780) .
قال
الحافظ ابن حجر رحمه الله :
“والمراد بالنفي : كمال الإيمان …
وقد
صرح ابن حبان – من رواية ابن أبي عدي عن حسين المعلم – بالمراد ولفظه : (لا يبلغ
عبد حقيقة الإيمان) ومعنى الحقيقة هنا الكمال ، ضرورة أنَّ مَن لم يتصف بهذه الصفة
لا يكون كافراً” انتهى .
“فتح الباري” (1/57) .
وقال ابن رجب رحمه الله :
“(لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يحب للناس ما يحب لنفسه من الخير) هذه الرواية
تبين معنى الرواية المخرجة في الصحيحين ، وأن المراد بنفي الإيمان نفي بلوغ حقيقته
ونهايته ، فإن الإيمان كثيرا ما يُنفَى لانتفاء بعض أركانه وواجباته ، كقوله صلى
الله عليه وسلم : (لَا
يَزْنِي
الزَّانِي
حِينَ
يَزْنِي
وَهُوَ
مُؤْمِنٌ
وَلَا
يَسْرِقُ
السَّارِقُ
حِينَ
يَسْرِقُ
وَهُوَ
مُؤْمِنٌ
وَلَا
يَشْرَبُ
الْخَمْرَ
حِينَ
يَشْرَبُهَا
وَهُوَ
مُؤْمِنٌ) ، وقوله : (لَا
يُؤْمِنُ
مَنْ
لَا
يَأْمَنُ
جَارُهُ
بَوَائِقَهُ) ” انتهى .
“جامع العلوم والحكم” (120) .
ومعنى نفي كمال الإيمان هنا : أي : الكمال الواجب ، فمن لم يحب لأخيه ما يحب لنفسه
كان مقصراً يما يجب عليه من الإيمان ، مرتكباً شيئاً محرماً ، يستحق عليه العقاب .
قال
الحافظ ابن رجب رحمه الله :
“لمَّا نفى النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان عمن لم يحب لأخيه ما يحب لنفسه ، دل
على أن ذلك من خصال الإيمان ، بل من واجباته ، فإن الإيمان لا يُنفَى إلا
بانتفاء بعض واجباته ، كما قال صلى الله عليه وسلم : (لَا
يَزْنِي
الزَّانِي
حِينَ
يَزْنِي
وَهُوَ
مُؤْمِنٌ) الحديث ، وإنما يحب الرجل لأخيه ما يحب لنفسه إذا سلم من الحسد والغل
والغش والحقد ، وذلك واجب” انتهى .
“فتح الباري” (1/41) .
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟