0 / 0
31,51324/08/2009

ولد مسلما، فشك في الإسلام، فخرج يبحث عن دينه، فمات

السؤال: 130271

إذا ولد شخص مسلما ، لكنه شب لا يؤمن بالإسلام ، ويبحث عن الدين الصحيح ، ومات قبل أن يكتشف أن الإسلام هو الدين الحق ؛ فهل سيذهب إلى الجنة أم إلى النار؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

قد دلت النصوص القاطعة المتكاثرة من الكتاب والسنة ، وإجماع أهل العلم المقطوع به ، على أن كل من مات موحدا مسلما ، فهو من أهل الجنة ولا بد ، حتى وإن عذب قبل دخولها بذنوبه ، وأما من مات مشركا ، كافرا بالله العظيم ، أيا كانت ملته وديانته : فهو في النار خالدا فيها مخلدا ، أبد الآبدين .

قال الله تعالى : ( إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ) المائدة/72 . وقال تعالى : ( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) الزمر/65-66 .

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ وَقُلْتُ أَنَا مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ ) .

رواه البخاري (1238) ومسلم (92) .

قال القاضي عياض رحمهُ اللهُ عند كلامهِ عن تكفيرِ من صوب أقوال المجتهدين في أصولِ الدين : ” وقائلُ هذا كلهِ كافرٌ بالإجماعِ على كفرِ من لم يكفر أحداً من النصارى واليهود ، وكل من فارق دين المسلمين أو وقف في تكفيرهم أو شك ” انتهى .

” الشفا ” (2/281)

ثانيا :

من رحمة الله تعالى بعباده أنه لا يعذب أحدا حتى تبلغه رسالة ربه ، وأنه أرسل رسله رحمة بعباده ، وقطعا لعذر من اعتذر . قال تعالى : ( رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً ) النساء/65 .

وقال تعالى : ( مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ) الإسراء/15 .

وروى مسلم (153) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ) .

قال النووي :

” َفِي مَفْهُومِهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ الْإِسْلَامِ فَهُوَ مَعْذُورٌ ، وَهَذَا جَارٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْأُصُولِ أَنَّهُ لَا حُكْمَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ عَلَى الصَّحِيحِ ” انتهى .

ثالثا :

إذا حصل البلاغ وورد الشرع وأقيمت الحجة ، فلا يعذر المخالف ، ولا يمهل وينتظر به حتى يتعرف – بزعمه – على الحق .

( أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ ) [فاطر/37]

” متعناكم في الدنيا ، وأدررنا عليكم الأرزاق ، وقيضنا لكم أسباب الراحة ، ومددنا لكم في العمر ، وتابعنا عليكم الآيات ، وأوصلنا إليكم النذر ، وابتليناكم بالسراء والضراء ، لتنيبوا إلينا وترجعوا إلينا ، فلم ينجع فيكم إنذار ، ولم تفد فيكم موعظة ، وأخرنا عنكم العقوبة ، حتى إذا انقضت آجالكم ، وتمت أعماركم ، ورحلتم عن دار الإمكان ، بأشر الحالات ، ووصلتم إلى هذه الدار ، دار الجزاء على الأعمال : سألتم الرجعة !! هيهات هيهات ، فات وقت الإمكان ، وغضب عليكم الرحيم الرحمن ، واشتد عليكم عذاب النار، ونسيكم أهل الجنة ، فامكثوا فيها خالدين مخلدين ، وفي العذاب مهانين ” .

“تفسير السعدي” ( ص 690) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

” وهنا تكلم الناس في وجوب إمهال الكافر ، إذا طلب الإمهال للنظر :

فأوجبه من أوجبه من المتكلمين ، من المعتزلة ومن تبعهم على هذه الطريقة …

وأما الفقهاء أئمة الدين فلا يوجبون ذلك مطلقا ؛ أما في حال المقاتلة : فيقاتلون حتى يسلموا أو يقروا بالجزية إن كانوا من أهلها .

فإذا أُسِر الرجل منهم : فهذا لا يتعين قتله ؛ فإذا طلب مثلُ هذا الإمهال ، ورُجي إسلامه ، أمهل .

وأما المرتد : فلا يؤخر عند الجماهير أكثر من ثلاث .

وأما من له عهد : فذلك لا يكره على الإسلام ، فهو في مهلة النظر دائما .

ولو طلب أهل دار ممتنعين من الإمام أن يمهلهم مدة ، ورجا بذلك إسلامهم ، ولم يخف مفسدة راجحة : أمهلهم .

والحربي إذا طلب الأمان حتى يسمع القرآن ، وينظر في دلائل الإسلام : أمَّناه ، كما قال تعالى : وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ التوبة/6 . ” انتهى . ” درء تعارض العقل والنقل” (8/15) .

وقال علماء اللجنة :

” المسلمون لا يحكمون على غيرهم بأنهم في النار إلا بشرط وهو : أن يكونوا قد بلغهم القرآن ، أو بيان معناه من دعاة الإسلام بلغة المدعوين ؛ لقول الله عز وجل: وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ وقوله سبحانه : وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا

فمن بلغتهم الدعوة الإسلامية من غير المسلمين وأصر على كفره فهو من أهل النار ، لما تقدم من الآيتين ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار   خرجه مسلم في صحيحه . والأدلة في هذا المعنى من الآيات والأحاديث كثيرة ” انتهى

وقال علماء اللجنة أيضا :

” ومن عاش في بلاد يسمع فيها الدعوة إلى الإسلام وغيره ، ثم لا يؤمن ، ولا يطلب الحق من أهله : فهو في حكم من بلغته الدعوة الإسلامية وأصر على الكفر ” انتهى .

“فتاوى اللجنة الدائمة” (2 /148)

وقالوا أيضا : ” من بلغته الدعوة من سائر الكفرة على وجه يفهم به ما بلغه لو أراد الفهم ، فقد قامت عليه الحجة ، فلا يعذر بالجهل ” انتهى .

“فتاوى اللجنة الدائمة” (1/427)

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :

” من بلغه القرآن وبلغه الإسلام , ثم لم يدخل فيه فله حكم الكفرة “انتهى .

“مجموع فتاوى ابن باز” (1 / 50)

وسئل الشيخ ابن باز :

ما مصير من لا يعلم بأن دين الإسلام هو الدين الصحيح ، والمقبول عند الله ، ويعتقد دينا خيرا [ من ] الإسلام ؟

فأجاب الشيخ :

” إذا كان المسئول عنه عاش بين المسلمين ، وقد بلغه القرآن والسنة ، ومع ذلك يعتقد دينا غير دين الإسلام فحكمه حكم أهل الدين الذي اعتقده وهو الكفر ” انتهى .

“مجموع فتاوى ابن باز” – (28 /202- 203)

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

” من بلغته رسالة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم يؤمن به ويتبعه لم يكن مؤمنا ولا مسلما بل هو كافر من أهل النار ” انتهى .

“مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين” (4 / 219) .

فيتبين مما سبق أن هذا المذكور في السؤال : مرتد ، وأن المرتد ليس له أن يمهل أكثر من ثلاثة أيام ؛ فإن عاد إلى الإسلام ، وإلا قتل .

فإن مات قبل ذلك ، ولم يستتب ، ولم يقم عليه الحد : فهو كافر ، له أحكام الكفار ، فلا يغسل , ولا يصلى عليه ، ولا يدفن في مقابر المسلمين ، ولا يورث ماله.

فإن قدر أنه لم يدر شيئا عن الإسلام ، ولم يبلغه على وجه صحيح ، أو أن له عذرا عند الله ، فذاك أمره إلى الله ، يحكم فيه بحكمه وعدله في الدار الآخرة ، وهو أحكم الحاكمين .

يراجع السؤال رقم : (9607) ، (111362) .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android