حكم كتابة وقراءة قصص الصحابة ولكن بحوارات من نسج الكاتب
السؤال: 136848
هناك كتاب بعنوان ” أم المؤمنين ” لمؤلفه ” كمران باشا ” ، هذا الكتاب عبارة عن سيرة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، قال المؤلف في مقدمة هذا الكتاب : إنه عمل قصصي ، مبني على قصص واقعية , وأن الحوارات التي فيه هي من نسيجه ، إلا أنها مبنية على أحداث صحيحة ، فما الحكم في كتابة ، أو قراءة مثل هذه الكتب ؟ .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
معرفة سيرة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وصالحي هذه الأمة لا شك أنه أمر عظيم ،
ومندوب إليه , وله دور إيجابي في خروج جيل صالح , يُقتدى بهم وخصوصاً في مثل هذا
الوقت الذي أصبحت فيه القدوة – عند كثير من الناس – لأهل الرذالة من المطربين ،
والممثلين وأشباههم.
ولذلك عرض القرآن سير السابقين من الأنبياء ، والمرسلين ، وقصصاً من سير الصالحين ,
وكانت الحكمة من ذلك اتخاذ العبرة ، والعظة ، كما قال تعالى : (
لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأولِي الألْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا
يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ
وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) يوسف/ 111 .
وقال تعالى :
(
وَكُلا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ
وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ) هود/ 120
.
قال
الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله :
(
نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ
)
أي
: قلبك ؛ ليطمئن ، ويثبت ، ويصبر ، كما صبر أولو العزم من الرسل ، فإن النفوس تأنس
بالاقتداء ، وتنشط على الأعمال ، وتريد المنافسة لغيرها ، ويتأيد الحق بذكر شواهده
، وكثرة من قام به .
”
تفسير السعدي ” ( ص 392 ) .
وهذه الحكمة كذلك مرجوة في معرفة حياة الصحابة , وما قدموه من غال ونفيس في نصرة
هذا الدين والقيام به .
ثانياً :
لا
بد أن ينطلق المسلم في عَرض مآثرهم ، وفعالهم العظيمة ، على أساس الصحة ، والحقيقة
، وليس على الوهم ، والخيال , فمن الخطأ : أن ينسج الإنسان حواراً على ألسنة هؤلاء
لم يقع على الوجه الذي ذكره الكاتب ، وهذا فيه عدة محاذير :
1-
أنه قد يدخل في الكذب على هؤلاء ، والكذب في حكاية التاريخ .
2-
قد يترتب على ذلك النسج الخيالي : حط ، أو انتقاص من إحدى شخصيات القصة ؛ لأن
الكلام حمَّال أوجه , وربما يخطئ المرء في التعبير بحجة السجع ، أو البلاغة ، أو
إيصال فكرة معينة إلى القارئ .
3-
أن العلماء قد اعتنوا بكلام الصحابة رضي الله عنهم ، ورووه عنهم بالأسانيد ، فما
الداعي لتغيير ما ورد عنهم إلى ألفاظ لم يقولوها ، قد يترتب عليها خطأ من الكاتب أو
القارئ ؟
فما
الذي يمنع الأديب ، أو الكاتب ، أو القصصي ، أن يعرض سيَر أولئك الذي يريد الكتابة
عنهم بدون نسج خيال , فلو أنه عرض سيرة هؤلاء بدون حوارات مختلقة ، وساقها بأسلوب
سهل ميسَّر : لأدى المطلوب , وسلِم من المكروه .
فالنصيحة : أن يجتنب المسلم كتابة مثل هذه القصص ، وأن يحرص على نقل أقوالهم كما
قالوها بلا زيادة ولا نقصان ولا تغيير .
وأما الكتاب المذكور في السؤال : فلم نطلع عليه ،
فلا
نستطيع الحكم عليه .
والله أعلم
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟