0 / 0

هل الرفع المذكور في قوله تعالى عن إدريس ( ورفعناه مكانا عليا) رفع حقيقي أم معنوي ؟

السؤال: 136890

قال تعالى عن إدريس عليه السلام : ( ورفعناه مكاناً علياً ) ما تفسير هذه الآية ، وما الدليل من الكتاب والسنة ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

إدريس عليه السلام من الأنبياء الذين ذكرهم الله في كتابه الكريم فقال : ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا ) ، ” أي : اذكر على وجه التعظيم والإجلال ، والوصف بصفات الكمال ( إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا) جمع الله له بين الصديقية ، الجامعة للتصديق التام ، والعلم الكامل ، واليقين الثابت ، والعمل الصالح ، وبين اصطفائه لوحيه ، واختياره لرسالته ” انتهى من ” تفسير السعدي ” ص 496 .
وأثنى الله عليه بقوله : ( وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا ) .
واختلف المفسرون في تأويل هذه الآية على قولين :
القول الأول : أن المقصود بالرفع في الآية : ” الرفع المعنوي” أي : رفعناه منزلةً عاليةً ومكانة رفيعةً بين الناس ، وهي منزلة النبوة التي هي أعلى المنازل والمراتب .
قال البيضاوي رحمه الله : ” ( ورفعناه مكانا عليا ) يعني : شرفَ النبوة والزلفى عند الله ” .
انتهى من ” أنوار التنزيل وأسرار التأويل ” (4/22) .
وقال العلامة السعدي رحمه الله : ” ( وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا ) أي : رفع الله ذكره في العالمين ، ومنزلته بين المقربين ، فكان عالي الذكر ، عالي المنزلة ” .
انتهى من ” تيسير الكريم الرحمن ” (ص/496) .

القول الثاني : أن المقصود من الرفع في هذه الآية : ” الرفع الحسي الحقيقي” ، وهو قول أكثر المفسرين ، غير أنهم اختلفوا في المكان الذي رُفع إليه ، وسبب الرفع وقصته ، كما اختلفوا في موته ، هل رفع وقبض ، أم بقي حياً ؟
قال ابن جرير الطبري رحمه الله : ” يعني به : إلى مكان ذي علوّ وارتفاع ، وقال بعضهم : رُفع إلى السماء السادسة ، وقال آخرون : الرابعة ” انتهى من ” جامع البيان ” (18/212) .
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله : ” قال سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد : ( وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا ) قال : رفع إلى السماء الرابعة .
وقال العوفي عن ابن عباس : ( وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا ) قال : رفع إلى السماء السادسة فمات بها ، وهكذا قال الضحاك بن مُزَاحم .
وقال الحسن ، وغيره ، في قوله : ( وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا ) قال : الجنة ” .
انتهى مختصرا من ” تفسير القرآن العظيم ” (5/240-241).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : ” وكون إدريس رفع وهو حي لم يثبت من طريق مرفوعةٍ قوية ” انتهى من ” فتح الباري ” (6/375) .
والأقرب :
أن يفسر ذلك بما جاء في حديث أنس رضي الله عنه في الإسراء ، وفيه : ” ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، قِيلَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ: جِبْرِيلُ ، قِيلَ : وَمَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ : مُحَمَّدٌ ، قَالَ : وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ ، فَفُتِحَ لَنَا ، فَإِذَا أَنَا بِإِدْرِيسَ ، فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : (وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا) ..” رواه مسلم (259) .
ففي هذا دلالة على كونه في السماء الرابعة ، ولا ينافي ذلك الرفعة المعنوية الحاصلة بالنبوة .
وقد وصف ابن جزي هذا القول بأنه أشهر ، ثم قال : ” ورجَّحه الحديث ” .
انتهى من ” التسهيل ” (3/7) .
وقال الحافظ ابن كثير في ” البداية والنهاية ” (1/100) : ” قوله تعالى : ( ورفعناه مكانا عليا) هو كما ثبت في الصحيحين في حديث الإسراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر به وهو في السماء الرابعة ، … والحديث المتفق عليه من أنه في السماء الرابعة أصح ” انتهى.

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android