0 / 0

هل يجوز للمسلم إنقاذ بقرة أعدها الكفار قربانا لآلهتهم ، ثم يذبحها ويأكلها أو يبيعها أو يتصدق بها ؟

السؤال: 139512

يقوم بعض الكفار بأخذ بقرة حية إلى وسط النهر ويلبسونها ويجعلونها جاهزة للتضحية ، ويتركونها هناك حتى تموت ثم يغادرون .
وسؤالي هو : هل يجوز للمسلم أن يذهب إلى هناك وينقذ البقرة ويذبحها بطريقة إسلامية ويأكلها أو يبيعها (مذبوحة أو حية ) أو أن يوزعها كصدقة ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

ما يفعله بعض الكفار من التقرب إلى آلهتهم بالقرابين والذبائح ونحوها ، هو من الكفر بالله العظيم ، ومن أعظم الضلال المبين ، وأشد الانحراف عن صراط الله المستقيم .
ولقد نهى الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه سلم عن التقرب لغير الله تعالى بالقرابين من أنواع العبادات من الذبائح وغيرها ، مما لا يجوز أن يصرف لغير الله تعالى .
قال الله عز وجل : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ ) المائدة /3.
قال ابن عباس والضحاك في قوله : ( وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ ) : ” يعني: ما أهِل به للطواغيت كلّها ” انتهى من ” تفسير الطبري” (3 / 320) .
قال ابن كثير رحمه الله : ” أي : ما ذبح فذكر عليه اسم غير الله ، فهو حرام ؛ لأن الله أوجب أن تذبح مخلوقاته على اسمه العظيم ، فمتى عُدِل بها عن ذلك وذكر عليها اسم غيره من صنم أو طاغوت أو وثن أو غير ذلك ، من سائر المخلوقات ، فإنها حرام بالإجماع ” انتهى من ” تفسير ابن كثير” (3 / 17) .
والمقصود من ذلك كله بيان أن المحرَّم هو المذبوح لغير الله ، أما ما لم يذبح – وإن أُعِدَّ لذلك – فلا يدخل في هذا حتى يُذبح ، ويجري دمه لغير الله .
ولذلك فإن ما عدده الله تعالى مع ” ما أهل لغير الله به ” من المحرمات كالموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع ، إذا تمت تذكيته التذكية الشرعية ، وأُدرك قبل موته ، فقد حل ، وذلك قول الله عز وجل : ( إلا ما ذكيتم ) .
قال قتادة : ( إلا ما ذكيتم ) قال : فكلُّ هذا الذي سماه الله عز وجل ههنا ، ما خلا لحم الخنزير ، إذا أدركتَ منه عينًا تطرف ، أو ذنبًا يتحرك ، أو قائمة تركض فذكّيته ، فقد أحلّ الله لك ذلك “.
قال الطبري : ” فكل ما أُدركت ذكاتُه من طائر أو بهيمة قبل خروج نفسه ، ومفارقة روحه جسدَه ، فحلال أكله ، إذا كان مما أحلَّه الله لعباده ” انتهى ملخصا من ” تفسير الطبري” (9/506).
وهذا يعني أن هذه الشاة أو غيرها من الأنعام التي أعدها الكفار لآلهتهم ، إذا أدركت قبل أن تموت من ضربهم ، وذكيت الذكاة الشرعية ، فقد حلت .
وأيضا : فالحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً ، والعلة في التحريم أن هذه الحيوانات ذبحت على غير اسم الله ، وأنهر الدم لغير الله ، فإذا لم يحصل شيء من ذلك لم يتجه القول بالتحريم لانتفاء العلة .
فالخلاصة : أن هذه البقرة إذا كانت من عامة البقر ، فأخذها هؤلاء لهذا المكان ؛ ليتقربوا بهلاكها لآلهتهم ، فاستطاع المسلم أن ينقذها ، فإنه يستحب له ذلك ، وله أن يذبحها ذبحاً شرعياً ويأكلها أو يبيعها – مذبوحة أو حية – أو يوزعها صدقة على الفقراء والمساكين .
ويكون بفعله هذا قد أنقذها من الهلاك ، وناقض عزمهم بإنهار الدم لله تعالى .
وترك هؤلاء لهذه البقرة يُعَدُّ في حكم المال السائب الذي تركه صاحبه ، فيجوز لمن وجده أن يأخذه .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android