0 / 0

عمل أصله في الأرض وفرعه في السماء !!

السؤال: 142201

أورد الحافظ ابن كثير هذا الحديث في تفسيره للآية/24 من سورة إبراهيم :
وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم : حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل ، حَدَّثَنَا أَبَان – يَعْنِي اِبْن زَيْد الْعَطَّار – حَدَّثَنَا قَتَادَة : أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُول اللَّه ! ذَهَبَ أَهْل الدُّثُور بِالْأُجُورِ . فَقَالَ :
( أَرَأَيْت لَوْ عَمَدَ إِلَى مَتَاع الدُّنْيَا فَرَكَّبَ بَعْضه عَلَى بَعْض أَكَانَ يَبْلُغ السَّمَاء ؟ أَفَلَا أُخْبِرُك بِعَمَلٍ أَصْلُهُ فِي الْأَرْض وَفَرْعُهُ فِي السَّمَاء ؟ قَالَ : مَا هُوَ يَا رَسُول اللَّه ؟ قَالَ : تَقُول لَا إِلَه إِلَّا اللَّه ، وَاَللَّه أَكْبَر ، وَسُبْحَان اللَّه ، وَالْحَمْد لِلَّهِ عَشْر مَرَّات فِي دُبُر كُلّ صَلَاة ، فَذَاكَ أَصْلُهُ فِي الْأَرْض وَفَرْعُهُ فِي السَّمَاء )
بحثت عن صحة هذا الحديث فلم أظفر بشيء ، علما بأني أطبق هذا الحديث منذ سنوات ، فهل أحصل على أجر إذا طبقت حديثا ضعيفا قبل أن يتبين لي صحته ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

هذا الحديث رواه ابن أبي حاتم في ” التفسير ” (رقم/13098)، ولم نقف عليه عند غيره ، وسلسلة الإسناد التي يرويه بها رواتها ثقات حفاظ :

1- فأولهم أبو حاتم الرازي الإمام الحافظ المعروف .

2-والثاني : موسى بن إسماعيل : هو المنقري مولاهم ، أبو سلمة التبوذكي البصري : قال فيه يحيى بن معين : ثقة مأمون . وقال أبو الوليد الطيالسي : موسى بن إسماعيل ثقة ، صدوق . وقال محمد بن سعد : كان ثقة ، كثير الحديث . وقال أبو حاتم : ثقة . انظر: ” تهذيب التهذيب ” (10/335)

3-والثالث : أبان بن يزيد العطار : قال فيه الإمام أحمد : ثبت في كل المشايخ . وقال ابن معين : ثقة . وقال النسائي : ثقة . وقال ابن المديني : كان عندنا ثقة . انظر: ” تهذيب التهذيب ” (1/101)

4-والرابع : قتادة بن دعامة السدوسي الإمام الحافظ ، من أئمة التابعين المشهورين ، ذكره ابن المديني فيمن تدور عليهم الأحاديث من أهل البصرة ، ولد سنة ستين أو إحدى وستين ، وتوفي سنة مائة وبضع عشرة . كما في ” تهذيب التهذيب ” (8/355)

وليس ثمة أي انقطاع بين هؤلاء الرواة ، فكلهم أخذ عن شيخه ، وثبت الاتصال بينهم ، وروايتهم عن بعضهم مشهورة محفوظة .

ومع ذلك تبقى في الحديث علة ظاهرة ، وهي : الإرسال .

فقتادة من صغار التابعين ، وليس من الصحابة ، بل ولا من كبار التابعين ، ولم يثبت سماعه عن أحد من الصحابة سوى أنس بن مالك رضي الله عنه ، بل بينه وبين كثير من كبار التابعين انقطاع ، ولم يثبت له عنهم سماع .

قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله : ” ما أعلم قتادة سمع من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا من أنس بن مالك”. انظر: ” جامع التحصيل في أحكام المراسيل ” للعلائي (ص/255)

وروايته ههنا مرسلة ، لم يصرح فيها باسم من أخذ عنه الحديث ، ورفعه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، فلا تقبل روايته حتى يظهر اسم شيخه الذي أخذ عنه الحديث ، فقد يكون ضعيفا ، خاصة وأن قتادة من المكثرين من الإرسال ، والعلماء لا يقبلون مراسيله ، حتى كان يحيى بن سعيد القطان لا يراها شيئا ويقول : هي بمنزلة الريح . انظر : ” جامع التحصيل ” (ص/37)

قال الحافظ الذهبي رحمه الله :

” ومن أوهى المراسيل عندهم : مراسيل الحسن . وأوهى من ذلك : مراسيل الزهري ، وقتادة ، وحميد الطويل ، من صغار التابعين . وغالب المحققين يعدون مراسيل هؤلاء معضلات ومنقطعات ، فإن غالب روايات هؤلاء عن تابعي كبير ، عن صحابي ، فالظن بمرسله أنه أسقط من إسناده اثنين ” انتهى.

” الموقظة ” (ص/40) تحقيق عبد الفتاح أبو غدة.

فالحاصل أن هذا الحديث ضعيف لا يصح ، وعلته الإرسال .

ثانيا :

إذا ورد الحديث الضعيف بنسبة فضيلة معينة لعبادة ، وكانت هذه الفضلية مشروعة من حيث الأصل بأدلة أخرى صحيحة : يجوز للمسلم – في هذه الحالة – أن يقوم بتلك العبادة مستحضرا الأجر والفضل الوارد في الحديث الضعيف ، طمعا في كرم الله وسعة فضله ، ورجاء أن يحقق الله له مقصوده ومرامه ، والمرفوض في فضائل الأعمال هي الأحاديث التي ترد بتقييد العبادة بصفة معينة ، أو هيئة معينة ، لم يرد الشرع بها أصلا ، فهذه لا يعمل بها في الفضائل .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

” مقادير الثواب والعقاب وأنواعه : إذا روي فيها حديث لا نعلم أنه موضوع ، جازت روايته والعمل به ، بمعنى : أن النفس ترجو ذلك الثواب ، أو تخاف ذلك العقاب ، كرجل يعلم أن التجارة تربح ، لكن بلغه أنها تربح ربحا كثيرا ؛ فهذا إن صدق نفعه ، وإن كذب لم يضره … فإذا تضمنت أحاديث الفضائل الضعيفة تقديرا وتحديدا ، مثل صلاة في وقت معين ، بقراءة معينة ، أو على صفة معينة : لم يجز ذلك ؛ لأن استحباب هذا الوصف المعين لم يثبت بدليل شرعي .

بخلاف ما لو روي فيه : ( من دخل السوق فقال : لا إله إلا الله كان له كذا وكذا ) فإن ذكر الله في السوق مستحب ، لما فيه من ذكر الله بين الغافلين ، فأما تقدير الثواب المروي فيه فلا يضر ثبوته ولا عدم ثبوته .

فالحاصل : أن هذا الباب يروى ، ويعمل به في الترغيب والترهيب ، لا في الاستحباب ؛ ثم اعتقاد موجبه وهو مقادير الثواب والعقاب يتوقف على الدليل الشرعي ” انتهى باختصار.

” مجموع الفتاوى ” (18/66)

وقال العلامة المعلمي رحمه الله :

” صيغة الدعاء المروية بسند ضعيف يكثر الانتفاع بها بدون ارتكاب محظور ، فقد يختار المكلف ذلك الدعاء لا لكونه مأثورا ، بل لكونه جامعا للمقاصد ، أو بليغا ، أو مناسبا لحاله ، ونحو ذلك ، وإذا اختير دعاء لداع من هذه الدواعي ، وواظب عليه المُختار : لم يكن عليه حرج إجماعا ” انتهى.

“حكم العمل بالحديث الضعيف” (ق/16): نقلا عن محقق ” الوابل الصيب ” عبد الرحمن قائد (ص/30)

والتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير من الأذكار المشروعة أدبار الصلوات ، وردت بها أحاديث كثيرة في الصحيحين وغيرها ، فلا حرج عليك من الإتيان بها ـ أحيانا ـ على النسق المذكور في الحديث الوارد في السؤال ، مع رجاء أن يكتب الله لك الأجر الوارد فيه ، فهو أمر إن لم ينفع لم يضر كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ؛ مع أن الصيغة المشهورة في ذلك : التسبيح ثلاثا وثلاثين ، والتحميد والتكبير مثل ذلك : أفضل ، والمواظبة عليها أفضل ، لكن لا بأس بالتنويع بين الصيغ الواردة في ذلك .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android