كنت في عمل في البيرو حيث لا يوجد أحد من المسلمين ولا مسجد يصلى فيه ؛ إلا أني وجدت فتاة مسلمة وتعرفنا على بعض فاتضح لي أنها من الولايات المتحدة وارتاح بعضنا لبعض فقررنا الزواج . ونظراً لعدم وجود أحد من المسلمين أقسم كل منا للآخر أن يكون له زوجاً صالحاً وقالت لي أتقبلني زوجة لك فقلت نعم . وقلت لها أتقبلينني زوجاً لك فقالت نعم ، وكان الله شاهداً علينا ، ولا أحد سواه من الخلق ، وعشنا لمدة شهر كما يعيش أي زوجين . ثم عدنا إلى الولايات المتحدة بعد ذلك فذهبنا إلى الجهات المختصة ووثقنا زواجنا رسمياً. وقد مضى على زواجنا حتى الآن ما يقارب خمس سنوات ولنا طفلان . سؤالي هو : أيعقل أنّا كنا نرتكب جريمة الزنا طوال الخمس السنوات التي مضت؟! أرجو الإفادة مأجورين.
لم يكن في بلده مسلم فتزوجها بدون ولي أو شهود
السؤال: 144712
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
الزواج في الإسلام له أركان وشروط ، إذا توفرت فهو زواج صحيح ، فركنه : الإيجاب والقبول ، والإيجاب أن يقول ولي المرأة : زوجتك فلانة أو ابنتي أو أختي ، والقبول أن يقول الخاطب : قبلت الزواج من فلانة .
ومن شروط النكاح : تعيين الزوجين ، ورضاهما ، وأن يعقده الولي أو وكيله ، ووجود شاهدي عدل من المسلمين ،
وإذا حصل إشهار وإعلان للنكاح كفى عن الشهادة على الراجح ، وينظر جواب السؤال رقم : (124678) .
ودليل ما سبق : قوله صلى الله عليه وسلم : (لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ) رواه أبو داود (2085) والترمذي (1101) وابن ماجه (1881) من حديث أبي موسى الأشعري ، وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وقوله صلى الله عليه وسلم : (أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ … فَإِنْ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ) رواه أحمد (24417) وأبو داود (2083) والترمذي (1102) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (2709) .
وإذا لم يكن للمرأة المسلمة ولي مسلم ، زَوَّجها القاضي المسلم ، فإن لم يوجد زَوَّجها رجل ذو مكانة من المسلمين كإمام الجامع أو المركز الإسلامي ، أو عالم مشهور ، فإن لم يوجد زوّجها رجل من المسلمين .
وعليه ؛ فما قمتما به من تجاوز هذه الأمور لا يصح ، وكان يمكنكما الانتظار حتى تذهبا إلى أمريكا وتعقدا النكاح في أحد المراكز الإسلامية إذا لم يكن لزوجتك ولي مسلم من أقاربها .
ثانيا :
إذا كنتما أعدتما عقد النكاح بعد شهر في أحد المراكز الإسلامية ، فهذا هو الصواب ، ونسأل الله أن يعفو عنكما فيما مضى .
وإن كنتما اكتفيتما بتوثيق الزواج في محكمة أو جهة مدنية (غير إسلامية) دون إعادة العقد بحضور الولي المسلم – أو من ينوب عنه كما سبق – وحضور الشاهدين المسلمين فهذا لا يصح أيضا ؛ لعدم وجود عقد النكاح المعتبر شرعا .
ثالثا :
إذا بقيتما هذه المدة دون إعادة وتصحيح لعقد النكاح ، لعدم علمكما بالحكم الشرعي ، فهذا لا يعتبر زنى ، بل هو وطء بشبهة يترتب عليه ثبوت نسب الأولاد إن وجدوا ، لكن يلزمكما الآن عقد النكاح ، ولا تحل لك (زوجتك) إلا بهذا العقد ، فإن كان للمرأة ولي مسلم من أقاربها تولى ذلك ، وإلا فاعقدا النكاح في أحد المراكز الإسلامية .
وقد جاء في البيان الختامي للمؤتمر الثاني لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا ، المنعقد بكوبنهاجن- الدانمارك مع الرابطة الإسلامية ، في الفترة من 4-7 من شهر جمادى الأولى لعام 1425هـ الموافق 22-25 من يونيو لعام 2004 م :
" المحور السادس : مدى الاعتداد بالزواج المدني الذي تجريه المحاكم الأمريكية :
بين القرار أن الزواج المدني الذي تجريه المحاكم الأمريكية عقد تتخلف فيه بعض أركان الزواج وشروطه الأمر الذي تنتقض به مشروعيته ، لكنه إذا وقع وكان قد تحقق له الإشهار وخلا من موانع الزواج ترتبت عليه الآثار المترتبة على عقد الزواج ، وذلك لأجل ما فيه من الشبهة ، ولكن يجب إعادته في الإطار الإسلامي مستكملا أركانه وشروطه الشرعية " انتهى .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم (48992) ورقم (113867) .
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة