شكوى من زوجة معدد ، وبيان لطائفة من مسائل فقهية في التعدد
السؤال: 145146
أنا امرأة متزوجة منذ 20 سنة ، ولي خمسة أبناء ، وأقيم أنا وزوجي وأولادي في المدينة التي يعمل فيها زوجي ، وهي بعيدة عن إقامة أهلي وأهله ، حرمت نفسي كل هذه السنوات من معظم كماليات الحياة ( من لباس وطعام وحلية … ) من أجل أن يجمع زوجي المال الكافي لشراء سيارة نستطيع أن نسافر بها إلى أهلنا بدون عناء .
وبعد كل هذه المدة تزوج زوجي بامرأة ثانية تقيم بهذه المدينة ، وأنجب منها ولدين ، وأسئلتي في أمور مختلفة كالتالي :
1. هل يجوز لزوجي أن يستعمل سيارتنا ليسافر مع زوجته الثانية والتجول معها وقضاء حاجياتها ؟ .
2. هل يجوز له إن أردتُ الذهاب لزيارة أهلي أن يجعل هذا السفر بالتداول مع الزوجة الثانية ، أي : أنه لا أستطيع السفر إلى أهلي مرة تلو الأخرى حتى يسافر معها في السيارة لأي غرض ما ثم بعد ذلك يأتي دوري في السفر ، وهذا حتى ولو كنت مدعوة لوليمة أو زفاف أو غيرها من الأسباب ، مع العلم أن الزوجة الثانية تقيم أمام أهلها وتزورهم متى شاءت ، أما أنا فبعيدة عن أهلي ، فهل هذا عدل ؟ .
والآن أصبح زوجي يرغمني على استعمال وسائل النقل العمومية للسفر مع أولادي الصغار ، ولا يريد استعمال سيارتنا التي طالما ضحيتُ من أجل أن نشتريها لكي تسهل علينا شقاء السفر ، ( وذالك ليتفادى المشاكل ) ، هل يجوز له ذلك ؟ .
3. هل يحق لزوجي بأن يأخذ أشياء من بيتي لكي يستعملها في بيته الثاني ، مع العلم أن هذه الأشياء أردنا في وقت ما أن نبيعها لنشتري أغراض أخرى تحتاج إليها العائلة ؟ وهل يحق له أن يشتري آلات جديدة لزوجته الثانية دون أن يفكر في تغيير آلاتنا القديمة ( التي يوماً تعمل ويوماً لا تعمل ) .
4. هل عدلٌ من زوجي أنه عندما يشتري كمية من الطعام أو الفاكهة التي تكفي أسرته الثانية المتكونة من الأبوين و طفلان لم يتجاوزا 3 سنين فإنه يشتري نفس الكمية لأسرتنا المتكونة من الأبوين و 5 أشخاص يتراوح عمرهم بين سنتين و 23 سنة ؟ .
5. هل يجوز لزوجي بأن يدخل زوجته الثانية في بيتي وهذا في غيابي وبدون موافقتي ويسمح لها بتغيير أشياء من موضعها ؟ .
وأخيراً أشكركم على هذا الموقع الإسلامي ، وعلى الفتاوى القيمة ، وبارك الله فيكم .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً:
نشكر الأخت السائلة على ثقتها بموقعنا
، وعلى حسن ظنها به ، كما نشكر لها سؤالها عن دينها وتحريها حكم الله ، وهو يدل –
إن شاء الله – على دين وعقل رزقها الله إياهما ، فنرجو الله تعالى أن يوفقها
لالتزام حكمه ، وأن يوفقها لما فيه رضاه ، وأن يجمع لها بين سعادة الدنيا والآخرة .
ثانياً:
وقوفك أيتها الزوجة السائلة مع زوجك ،
وتوفيرك للنفقات من أجل شراء سيارة : مما يُشكر لك ، ويُثنى عليك من أجله ، لكن هذا
لا يجعل السيارة التي اشتراها زوجك ملكاً لك ، ولا هي شراكة بينك وبينه ، وإنما
يكون لك من الملكية فيها بقدر ما دفعتِ من ثمنها ، ولم تذكري شيئاً من ذلك ، فتكون
السيارة ملكاً شرعيّاً لزوجك ، وهو قبل أن يتزوج بأخرى لا بدَّ أنه كان يقضي بها
حوائج لنفسه ، ولا نظن أنك كنت تنكرين ذلك عليه بحجة أنك وفَّرت من كمال معيشتك
لأجل شراء السيارة ، والظاهر أنك لم تفعلي هذا إلا بعد أن تزوج ! وهذا أمر نعرفه في
عالم الزوجات .
وعليه : فالسيارة ملك له ، ولا حرج من
استعمالها في توصيل زوجته الثانية بها ، وليس ثمة مجال للإنكار عليه .
ثالثاً:
سفر الزوج المعدِّد ليس فيه قسمة بين
زوجاته ، وهو على حالين :
الأول : أن يكون سفراً مطلقاً ، وهنا
يجب عليه أن يُقرع بين نسائه اللاتي يرغبن بالسفر معه ، واللاتي يمكنهن ذلك حقيقة ،
فمن خرجت قرعتها سافر بها ، ولا يقضي للتي بقيت ، ويفعل هذا في كل سفرٍ يسافره حتى
لو تكرر خروج القرعة لواحدة بعينها أكثر من مرة .
الثاني : أن يكون سفراً لحاجة إحدى
نسائه ، كأن ترغب في السفر إلى أهلها ، أو للعلاج ، أو لحاجة غير ذلك ، فهنا يسافر
بها ، ويقضي للتي بقيت .
وإن سافرت وحدها – دون زوجها – لحاجتها
: فلا تُحسب مدة سفرها لها ، وليس عليه أن يقضي لها أيام سفرها لها إن رجعت .
وعليه : فليس للزوج أن يمتنع من السفر
بك إلى أهلك بحجة أن يسافر بالزوجة الأخرى أولا ، وليس هذا من العدل الواجب عليه ،
بل إنه يجلب مضرة وظلماً ، فيسافر بك إلى أهلك إن استطاع وتيسر له ذلك ، ويقضي
للأخرى الأيام التي يقضيها معك في السفر ، وإن أوصلك ورجع ، أو سافرتِ مع أحدٍ غيره
: فليس لك مطالبته بالأيام التي غبتِ فيها في سفرك ذاك .
والعدل الواجب على المعدِّد هو : أن يعدل في نفقته على نسائه ، وفي المبيت ، وفي
السكن ، وفي الكسوة ، وتجدين تفصيل هذه الثلاثة في جواب السؤال رقم : (
10091 ) .
وانظري جواب السؤال رقم (
102446 ) ففيه ذِكر شيء من أحكام السفر للمعددين .
رابعاً:
ولا يجوز لزوجك أن يسمح بسفرك مع
أولادك الصغار فقط ، إذا كانوا جميعاً دون سن البلوغ وليس لك أن تفعلي ذلك ؛ فسفرك
إن لم يكن فيه معك محرَم من الرجال : كان سفراً محرَّماً ، وأثمتِ فيه أنت زوجكِ .
وفي أجوبة الأسئلة : (
316 ) و (
9370 ) و (
4523 ) و (
9708 ) و (
5207 ) تجدين ذكر هذه المسألة ، فلتراجع .
وفي جواب السؤال (
22369 ) ذكرنا شروط المحرم ، فلينظر .
خامساً:
والأغراض التي في بيتك إن كان شيء منها
لك تملكينه على الوجه الشرعي : فلا يحل لزوجك أخذه إلا بإذنك ، وعن طيب نفسٍ منك ،
وأما إن كانت تلك الأغراض ملكاً له : فهو يتصرف بها كما يشاء ، لكن لا يتصرف على
وجه يكون فيه ظلم أو حيف ، وليس من العدل أن يَنْقُص من أغراض بيت لحساب بيته الآخر
، بل ينبغي أن يكون تصرفه خالياً من الظلم والميل ، ويكون وفق المصلحة وعلى حسب
القدرة ، ومن الطبيعي أن تكون أغراض البيت الأول أقدم من أغراض البيت الثاني بسبب
قدَم الزواج الأول وحداثة الزواج الثاني ، لكن لا يعني هذا أن لا يجدد أغراض البيت
الأول إن تعينت الحاجة لذلك ، ولا يعني أن يَنْقُص منه ما يحتاجونه منها ، وعلى كل
حال : فالمسألة تحتاج لتقوى ، لا لفتوى ، ففروع هذه المسائل كثيرة ومتعددة ، ومن
كان من الأزواج المعددين صاحب تقوى : عرَف ما أوجبه الله عليه فالتزم به ، وما نهاه
عنه فانتهى ، وتصرف في أموره الأخرى وفق المصلحة وعلى حسب القدرة دون أن يكون في
تصرفه ميلٌ لجهة دون أخرى ، ولا هضم لحق واحدة على حساب الأخرى .
سادساً:
مما يجب على الزوج المعدد : النفقة على
زوجاته باعتباره زوجاً ، وعلى أهل بيته باعتباره أباً ، ونعني بالنفقة الواجبة : أن
يُنفق على كل بيتٍ ما يحتاجه أهله ، ولا شك أنه سيحصل تفاوت في تلك النفقة تبعاً
لحجم الأسرة ، وأعمار أفرادها وحاجتهم ، والمهم في ذلك أن يوفِّر لكل بيت حاجته من
الطعام والشراب وضروريات الحياة ، ولا مانع أن يزيد في النفقة لبيت دون الآخر بشرط
أن يكون هناك مسوغ لهذه الزيادة ، كأن يكون استقبال ضيوفه في ذلك البيت ، أو يكون
أفراد الأسرة أكبر حجماً ، أو تكون الزوجة أو أولادها يطرق بابَهم زوارٌ كُثر
يحتاجون لضيافة ، وهكذا في أسباب كثيرة متعددة تجعل صاحب البيتين يقدِّر حاجة بعضهم
أكثر من الآخرين .
وننصح الأخت السائلة أن تتعالى عن
التفتيش والبحث فيما يحضره زوجها لبيتها الثاني ، وأن تطلب منه حاجة بيتها هي
وأولادها ، دون النظر إلى ما يأتي به للأخرى ؛ فإن هذا أدعى لسلامة قلبها من المرض
، ولعقلها من الانشغال بتوافه الأمور ، وأدعى لتجنب المشكلات بينها وبين زوجها .
سابعاً:
إذا أراد الزوج تجنب المشكلات في حياته
الزوجية : فلا نرى أن يُدخل إحدى زوجتيه على بيت الأخرى إلا بإذنها ، وأما أن
يُدخلها ويجعلها تغيِّر في أثاث البيت وترتيبه : فليس له ذلك ، وهو بفعله ذلك يكون
ظالماً لصاحبة البيت ؛ فالبيت هو مملكة الزوجة ، وهي ترتبه وتعتني به ، فدخول ضرتها
عليه دون علمها ، وتغييرها في ترتيبه : يَنقُص من قدرها ، ويوقع الظلم عليها ،
فليتجنب الزوج فعل ذلك ولا يفتح على نفسه أبواباً مغلقة من المشكلات مما هو في غنى
عن الانشغال بها ، ومما يوقع العداوة والبغضاء بين زوجتيه وقد يؤثر ذلك مستقبلاً
على علاقة أولاده من كلٍّ منهما بعضهم ببعض ، فيحصل بينهم – لا قدَّر الله – عداوة
وبغضاء .
ونسأل الله أن يصلح حالكم وبالكم ، وأن
يوفقكم لما يحب ويرضى .
والله أعلم
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
![answer](/_next/image?url=%2F_next%2Fstatic%2Fmedia%2Fanswer.91a384f1.png&w=64&q=75)
موضوعات ذات صلة