0 / 0

هل يكره نشر ملابس الغسيل بعد المغرب ؟

السؤال: 146002

دائما ما نسمع في بلادنا أن وقت المغرب لا يجب أن نبقي أية ملابس لنا خارج البيت (وأعني بها الملابس التي تعلق في الخارج لتجف) ، وسمعت أن ذلك لأن وقت المغرب تقوم الشياطين بإثارة الفوضى. وأخبرت أيضا أنني يجب أن أقول بسم الله الرحمن الرحيم ، وأن أغلق الستائر. وسؤالي هو: هل هذه عادة إسلامية أن لا نترك الملابس معلقة بالخارج وقت المغرب ، أم إنها مجرد عرف وعادة شعب.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

السنة عند إقبال الليل منع الصبيان – وكذا سائر البهائم من الإبل والغنم وغيرها – من الخروج ؛ لأن هذه ساعة تنتشر فيها الشياطين في الأرض ، فيخشى على الصبيان منهم ، أن يمسوهم بأذى .

فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ ، أَوْ أَمْسَيْتُمْ ، فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ ، فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنْ اللَّيْلِ فَخَلُّوهُمْ ، وَأَغْلِقُوا الْأَبْوَابَ ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا ، وَأَوْكُوا قِرَبَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ ، وَخَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ ، وَلَوْ أَنْ تَعْرُضُوا عَلَيْهَا شَيْئًا، وَأَطْفِئُوا مَصَابِيحَكُمْ ) .

رواه البخاري (5623) – واللفظ له – ومسلم (2012) .

و” جنح الليل ” : إقباله بعد غروب الشمس ، وهو أول الليل .

وروى الإمام أحمد (14482) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( احْبِسُوا صِبْيَانَكُمْ حَتَّى تَذْهَبَ فَوْرَةُ الْعِشَاءِ ؛ فَإِنَّهَا سَاعَةٌ تَخْتَرِقُ فِيهَا الشَّيَاطِينُ ) .

و” فورة العشاء ” أوّل ساعة من الليل .

وروى مسلم (2013) عَنْ جَابِرٍ أيضا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

( لَا تُرْسِلُوا فَوَاشِيَكُمْ وَصِبْيَانَكُمْ إِذَا غَابَتْ الشَّمْسُ حَتَّى تَذْهَبَ فَحْمَةُ الْعِشَاءِ ؛ فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْبَعِثُ إِذَا غَابَتْ الشَّمْسُ حَتَّى تَذْهَبَ فَحْمَةُ الْعِشَاءِ ) .

قال النووي رحمه الله :

” قَالَ أَهْل اللُّغَة : ( الْفَوَاشِي ) : كُلّ مُنْتَشِر مِنْ الْمَال كَالْإِبِلِ وَالْغَنَم وَسَائِر الْبَهَائِم وَغَيْرهَا , وَهِيَ جَمْع فَاشِيَة ; لِأَنَّهَا تَفْشُو , أَيْ : تَنْتَشِر فِي الْأَرْض ” انتهى .

والمعنى في هذه الأحاديث : امنعوهم عن التردد والخروج من البيوت في ذلك الوقت ؛ فإن الليل محل تصرف الشياطين ، وحركتهم في أوّل انتشارهم أشدّ اضطرابا ، فيُخاف على الصبيان ذلك الوقت من إيذاء الشياطين لكثرتهم حينئذ .

راجع : “شرح النووي على مسلم” (13 / 185) – “غريب الحديث” للخطابي (1/448) – “التيسير بشرح الجامع الصغير” (1 / 83) .

ثانيا :

المنع من نشر الغسيل ليجف في ذلك الوقت ليس له وجه ولا مستند ، ولا علاقة لنشر الغسيل بأول الليل أو آخره ، ولا انتشار الشياطين أو عدمه ؛ ولم يرد بذلك حديث صحيح أو ضعيف ، فيما نعلم ، وإنما وردت السنة في منع الصبيان وسائر البهائم – كما تقدم – .

ثالثا :

دل قوله صلى الله عليه وسلم : ( وَأَغْلِقُوا الْأَبْوَابَ ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ … ) ، وقد مضى الحديث بتمامه ، على أن السنة إغلاق الأبواب ، وتغطية الآنية بالليل ، وذكر اسم الله على ذلك كله .

وما كان في معنى الأبواب كالستائر التي تستر بها الأبواب أو النوافذ ونحوها ، فلها حكم الأبواب ، من استحباب إرخائها ، وغلقها بالليل ، وذكر اسم الله عليها .

قال النووي رحمه الله :

” هَذَا الْحَدِيث فِيهِ جُمَل مِنْ أَنْوَاع الْخَيْر وَالْأَدَب الْجَامِعَة لِمَصَالِح الْآخِرَة وَالدُّنْيَا , فَأَمَرَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذِهِ الْآدَاب الَّتِي هِيَ سَبَب لِلسَّلَامَةِ مِنْ إِيذَاء الشَّيْطَان , وَجَعَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الْأَسْبَاب أَسْبَابًا لِلسَّلَامَةِ مِنْ إِيذَائِهِ فَلَا يَقْدِر عَلَى كَشْف إِنَاء وَلَا حَلّ سِقَاء , وَلَا فَتْح بَاب , وَلَا إِيذَاء صَبِيّ وَغَيْره , إِذَا وَجَدْت هَذِهِ الْأَسْبَاب . وَهَذَا كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيث الصَّحِيح : : إِنَّ الْعَبْد إِذَا سَمَّى عِنْد دُخُول بَيْته قَالَ الشَّيْطَان : لَا مَبِيت ” أَيْ : لَا سُلْطَان لَنَا عَلَى الْمَبِيت عِنْد هَؤُلَاءِ , وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ الرَّجُل عِنْد جِمَاع أَهْله : ” اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَان وَجَنِّبْ الشَّيْطَان مَا رَزَقْتنَا ” كَانَ سَبَب سَلَامَة الْمَوْلُود مِنْ ضَرَر الشَّيْطَان .

وَفِي هَذَا الْحَدِيث : الْحَثّ عَلَى ذِكْر اللَّه تَعَالَى فِي هَذِهِ الْمَوَاضِع , وَيَلْحَق بِهَا مَا فِي مَعْنَاهَا . قَالَ أَصْحَابنَا : يُسْتَحَبّ أَنْ يُذْكَر اِسْم اللَّه تَعَالَى عَلَى كُلّ أَمْر ذِي بَال ” انتهى .

وينظر إجابة السؤال رقم : (127141) ، (101681) .

فالخلاصة : أن إغلاق الأبواب والنوافذ ، وما في معناها ، وذكر اسم الله عليها هذا الوقت هو أدب إسلامي صحيح .

وأما المنع من نشر الملابس فلا أصل له .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android