حديث : (الحمد لله الذي أسعد أمتي وأشقاك) مكذوب لا أصل له
السؤال: 146031
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (الحمد لله الذي أسعد أمتي وأشقاك إلى يوم معلوم) قال له إبليس اللعين : هيهات ، هيهات .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الحديث المذكور في السؤال هو جزء من قصة منتشرة في المنتديات ومواقع الإنترنت ، قصة
طويلة يزعم واضعها أن حوارا طويلا دار بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين إبليس
اللعين في بيت أحد الأنصار ، يزعم فيه إبليس أن ملكا من الملائكة جاءه من عند الله
يأمره أن يذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويخبره بأمور مهمة وإلا أفناه الله عز
وجل وجعله رمادا .
وهي
قصة مكذوبة موضوعة ، علامات الكذب فيها ظاهرة ، ولم يروها أحد من أهل العلم ، ولا
توجد في شيء من كتب السنة ، اللهم إلا ما رواه الخطيب البغدادي في “تاريخ بغداد”
(3/289ـ290) في ترجمة محمد بن مزيد الخزاعي المعروف بابن أبي الأزهر .
ومن
طريق الخطيب أورده ابن الجوزي في “الموضوعات” (1/386)
من
حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال :
”
بينا نحن بفناء الكعبة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثنا ، إذ خرج علينا مما
يلي الركن اليماني شئ عظيم كأعظم ما يكون من الفيلة ، قال : فتفل رسول الله صلى
الله عليه وسلم ، وقال : لُعنت ، أو قال خُزيت – شك إسحاق – قال : فقال علي بن أبى
طالب عليه السلام : ما هذا يا رسول الله ؟ قال : أو ما تعرفه يا علي ؟ قال : الله
ورسوله أعلم . قال : هذا إبليس . قال : فوثب إليه ، فقبض على ناصيته وجذبه ، فقال :
يا رسول الله أقتله ؟ قال : أو ما علمت أنه قد أجل إلى يوم الوقت المعلوم ؟ قال :
فتركه من يده ، فوقف ناحية ثم قال : ما لي ولك يا ابن أبي طالب ، والله ما أبغضك
أحد إلا وقد شاركت أباه فيه ، اقرأ ما قال الله تعالى : (وَشَارِكْهُمْ فِي
الْأَمْوَالِ وَالْأَولَادِ) .
وقال ابن الجوزي : ” هذا حديث موضوع ” انتهى .
وقال السيوطي في “اللآلئ المصنوعة” (1/367ـ 368) وقال : ” موضوع ، وضعه إسحاق بن
محمد النخعي ” انتهى .
ومن
تأمل في الحوار المزعوم بين النبي صلى الله عليه وسلم وإبليس اللعين عرف ما فيه من
الكذب والنكارة ، وذلك أنك تجد فيه :
تسليم إبليس على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه : وليس ذلك من فعل الشياطين.
وذكر أنه يستحيي من عثمان بن عفان : وإبليس لم يستحيي من الله تعالى حين أمره
بالسجود فأبى ، فكيف يستحيي من بشر !
وذكر نزول قوله تعالى : (كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ)
في برصيصا الراهب ، ولم يثبت ذلك في تفسير الآية ، بل ولم تذكره أمهات كتب التفسير
أصلا .
وفيه الحلف بالطلاق : وهو لم يكن معروفا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم .
وفيه عرض النبي صلى الله عليه وسلم على إبليس التوبة ووعده له بالجنة إن فعل : وهذا
أمر منكر ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أن الله قضى في كتابه بدخول إبليس
النار وخلوده فيها .
وفيه تسبيح إبليس في آخر الحديث : وليس ذلك من فعل الشياطين .
وقد
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله سؤالا :
عن
قصة إبليس وإخباره النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد مع جماعة من أصحابه ،
وسؤال النبي صلى الله عليه وسلم له عن أمور كثيرة ، والناس ينظرون إلى صورته عيانا
، ويسمعون كلامه جهرا ، فهل ذلك حديث صحيح أم كذب مختلق ؟ وهل جاء ذلك في شيء من
الصحاح والمسانيد والسنن أم لا ؟ وهل يحل لأحد أن يروى ذلك ؟ وماذا يجب على من يروى
ذلك ويحدثه للناس ويزعم أنه صحيح شرعي ؟
فأجاب :
“الحمد لله ، بل هذا حديث مكذوب مختلق ، ليس هو في شيء من كتب المسلمين المعتمدة ،
لا الصحاح ولا السنن ولا المسانيد ، ومن علم أنه كذب على النبي صلى الله عليه وسلم
لم يحل له أن يرويه عنه ، ومن قال إنه صحيح فإنه يُعلم بحاله ، فإن أصر عوقب على
ذلك ، ولكن فيه كلام كثير قد جُمع من أحاديث نبوية ، فالذي كذبه واختلقه جمعه من
أحاديث بعضها كذب وبعضها صدق ، فلهذا يوجد فيه كلمات متعددة صحيحة ، وإن كان أصل
الحديث وهو مجيء إبليس عيانا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بحضرة أصحابه وسؤاله له
كذبا مختلقا ، لم ينقله أحد من علماء المسلمين” انتهى .
“مجموع الفتاوى” (18/350)
وانظر جواب السؤال رقم :
(133957) .
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
![answer](/_next/image?url=%2F_next%2Fstatic%2Fmedia%2Fanswer.91a384f1.png&w=64&q=75)
موضوعات ذات صلة