0 / 0

الفردوس وأطيط العرش

السؤال: 146074

ما صحة حديث : ( سلوا الله الفردوس ، فإنها سرة الجنة ، وإن أهل الفردوس يسمعون أطيط العرش ) وما معنى أطيط العرش ، وما هي الفردوس ، وما ميزتها عن الجنة ؟
وجزاكم الله خيرا .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا : نص الحديث

هذا الحديث يُروَى عن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( سَلُوا اللَّهَ الْفِرْدَوْسَ ، فَإِنَّهَا سُرَّةُ الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ أَهْلَ الْفِرْدَوْسِ لَيَسْمَعُونَ أَطِيطَ الْعَرْشِ )

ثانيا : معاني مفردات الحديث

الأطيط : صوت الرحال إذا ثقل عليها الركبان . انظر: ” لسان العرب ” (1/ 92)، مادة : أطط.

سرة الجنة : أي وسطها وجوفها ، من ” سرة ” الإنسان ، فإنها في وسطه .

ثالثا : تخريج الحديث

رواه الطبراني في ” المعجم الكبير ” (8/246) – ومن طريقه أبو نعيم في ” صفة الجنة ” (رقم/469)-، ورواه الروياني في ” المسند ” (رقم/1265)، وابن بطة في ” الإبانة ” (3/176)، وعثمان بن أبي شيبة في كتاب ” العرش ” (رقم/12) وغيرهم .

جميعهم من طريق جعفر بن الزبير ، عن القاسم ، عن أبي أمامة .

رابعا : الحكم على الحديث

إسناد الحديث ضعيف جدا بسبب جعفر بن الزبير ، اتفق الأئمة على ترك حديثه ، حتىروى علي ابن المديني عن غندر : رأيت شعبة راكبا على حمار ، فقيل له : أين تريد يا أبا بسطام ؟ قال : أذهب فأستعدي على هذا – يعنى جعفر بن الزبير -، وَضَعَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع مائة حديث كذب . انظر : ” تهذيب التهذيب ” (2/92)

ولذلك ضعفه الشيخ الألباني في ” السلسلة الضعيفة ” (رقم/3705)، وضعف كل الأحاديث التي ورد فيها ” أطيط العرش “، وانظر: (رقم/866، ورقم/6329)

وقال الإمام الذهبي رحمه الله :

” الأطيط الواقع بذات العرش من جنس الأطيط الحاصل في الرحل ، فذاك صفة للرحل وللعرش ، ومعاذ الله أن نعده صفة لله ، ثم لفظ الأطيط لم يأت به نص ثابت ، وقولنا في هذه الأحاديث أننا نؤمن بما صح منها ، وبما اتفق السلف على إمراره وإقراره ، فأما ما في إسناده مقال ، أو اختلف العلماء في قبوله وتأويله ، فإننا لا نتعرض له بتقرير ، بل نرويه في الجملة ونبين حاله ” انتهى.

” العلو ” (ص/45) طبعة مكتبة أضواء السلف ، وفي (1/415-416) من طبعة دار الوطن بتحقيق الدكتور عبد الله بن صالح البراك .

ويقول الدكتور محمد خليفة التميمي :

“وأما مسألة الأطيط : فلم يثبت في المسألة نص صحيح ” انتهى.

تحقيق كتاب ” العرش ” لابن أبي شيبة (ص/335)

وخالف في ذلك آخرون من أهل العلم ، كشيخ الإسلام ابن تيمية ، وتلميذه ابن القيم ، فقالوا بتصحيح حديث محمد بن إسحاق ، عن يعقوب بن عتبة ، عن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، عن جده ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن عرشه لعلى سماواته وأرضه ، وإنه ليئط أطيط الرحل بالراكب ) ، وهو حديث آخر غير المذكور ، لكنه يشترك معه في ذكر ” الأطيط ” . ولكن مع تنزيه الله عز وجل أن يحمله شيء من خلقه ، أو يحتاج إلى شيء من خلقه ، سبحانه ؛ وإنما هذا اللفظ هي من جزء من حديث أشمل من ذلك ، سيق لبيان عظمة الله جل جلاله ، والإشارة إلى شيء من ملكوته ودلائل قدرته وعظمته ؛ فالسياق قاطع في بيان العظمة والقدرة ، لا الحاجة إلى شيء من الخلق ، جل جلاله سبحانه ، وتقدست أسماؤه .

خامسا : ما هي الفردوس ، وأين مكانها في الجنة ؟

يقول الدكتور محمد خليفة التميمي وفقه الله :

” على الرغم من ضعف الحديث من حيث إسناده ، إلا أن ما جاء فيه من قوله : ( سلوا الله جنة الفردوس فإنها سرة الجنة ) له شاهد من حديث أخرجه البخاري في ” صحيحه ” ، كتاب التوحيد ، باب : ( وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ )، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله ، كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والأرض ، فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس ، فإنه وسط الجنة ، وأعلى الجنة ، وفوقه عرش الرحمن ، ومنه تفجر أنهار الجنة )

واسم الفردوس : قد يطلق ويراد به جميع الجنة .

وقد يطلق ويراد به : أفضل الجنة وأعلاها ، كما في هذا الحديث .

وكأنه بهذا المعنى أحق وأصوب ، قال تعالى : ( أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) المؤمنون/10-11، وقال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً ) الكهف/107. 

والفردوس في اللغة : البستان .

قال الفراء : أصل اللفظ عربي . وقال مجاهد : هو البستان بالرومية ، واختاره الزجاج .

وأما ما جاء في وصف الفردوس من كونه : ( وسط الجنة وأعلى الجنة ):

فالحافظ ابن حجر يقول : ” المراد بالأوسط هنا الأعدل والأفضل : كقوله تعالى : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطا ) البقرة/143، فعلى هذا عطف الأعلى عليه للتأكيد .

وقال الطيبي : المراد بأحدهما العلو الحسي ، وبالآخر العلو المعنوي .

وقال ابن حبان : المراد بالأوسط السعة ، وبالأعلى الفوقية .

والصواب أن تفسير الأوسط على المعنى المعنوي لا المكاني لا يساعد عليه ظاهر النص ، ذلك أن ظاهر النص ينص على أن الفردوس هو وسط الجنة وأعلاها ، بمعنى أن الفردوس هو ربوة الجنة ، وأن الجنان الأخرى عن جوانبه ومن تحته ، وهو أعلاها .

قال قتادة : الفردوس ربوة الجنة ، وأوسطها ، وأعلاها ، وأفضلها ، وأرفعها .

ويدل على ذلك قوله في الحديث : ( وفوقه عرش الرحمن )، فليس فوق الفردوس إلا عرش الرحمن سبحانه وتعالى ، كما يدل عليه أيضا قوله : ( ومنه تفجر أنهار الجنة )؛ لأن الأنهار عادة تنبع من الأعلى . والله أعلم .

وهذه الصفة أي : كون وسط الشيء أعلاه- لا تتصور إلا في المقبب ، فإن أعلى القبة هو أوسطها ، فالجنة والله أعلم تكون كذلك . انظر: “فتح الباري”: (6/ 13)، “حادي الأرواح”: ص 74، 75، “لسان العرب”: (2/ 1069)، “النهاية” لابن كثير: (2/233) ” انتهى .

النقل عن الدكتور محمد خليفة التميمي في تحقيقه لكتاب ” العرش ” لعثمان بن أبي شيبة (ص/335)

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android