سأعقد على خطيبتي في القريب العاجل إن شاء الله ، وقد اخترت يوم الجمعة كموعد للعقد ، ثم علمت أنّ بعض أهل العلم يرى أنّه يستحب العقد يوم الجمعة ، في حين أنّ البعض الآخر يرى أنّه بدعة ، فبم تنصحونني ، هل ألتزم بنفس الموعد أم أغيّره تجنّبا للوقوع في بدعة ؟
عقد النكاح يوم الجمعة
السؤال: 147198
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
لا يتعين لعقد النكاح يوم معين من أيام الأسبوع ، ولا أيام السنة ، بل للمرء أن يعقد نكاحه في أي يوم اتفق له ، سواء كان ذلك يوم جمعة ، أو غيره من الأيام ، وما دام قد حدده لحاجته هو ، أو لأن ذلك هو الأنسب له ، فليس في ذلك الأمر ـ بحد ذاته ـ سنة ولا بدعة .
وهذا هو الظاهر من سؤالك ، أنك حددت يوم الجمعة ـ أولا ـ ثم سمعت الكلام فيه ، وعليه : فليس عليك أن تغير من ذلك الموعد ، وليس في ذلك شيء من البدعة ، إن شاء الله .
وأما استحباب أن يكون عقد النكاح في ذلك اليوم ، وتعمد ذلك ؛ فقد نص عليه غير واحد من الفقهاء ، من أتباع المذاهب الأربعة .
قال ابن قدامة رحمه الله :
” يستحب عقد النكاح يوم الجمعة ” انتهى .
” المغني ” (7/64) .
وقال النفراوي المالكي رحمه الله :
” ويستحب كون الخطبة والعقد يوم الجمعة ” انتهى.
” الفواكه الدواني ” (2/11) .
وينظر : ” أسنى المطالب ” للشيخ زكريا الأنصاري ، الشافعي (3/108) ، و” فتح القدير ” لابن الهمام الحنفي (3/189) .
واستدلوا على ذلك بعمل جماعة من السلف ، منهم ضمرة بن حبيب , وراشد بن سعد , وحبيب بن عتبة ” ، وبأن يوم الجمعة يوم مبارك ، فيرجى أن يبارك الله الزواج إذا وقع في اليوم المبارك ، ولأنه يوم شريف , ويوم عيد .
وينبغي أن نلاحظ هنا أن عبارة الفقهاء جاءت بلفظ : ” يستحب ” وليس بلفظ : ” يسن “، لأنهم يعلمون أن الحث على العقد يوم الجمعة لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما ورد عن بعض السلف والفقهاء المتقدمين ، اجتهادا منهم في تحصيل بركة النكاح بموافقة بركة يوم الجمعة ، ورجاء أن يستجيب الله عز وجل الدعاء في ذلك اليوم .
والفقهاء كثيرا ما يتوسعون في إطلاق ” الاستحباب ” على أمر لم يرد فيه دليل بخصوصه ؛ فالمستحب عندهم أوسع من لفظ ” سنة ” الذي يحتاج إلى ثبوت سنيته عن النبي صلى الله عليه وسلم بحديث مرفوع صحيح .
ولذلك نبه بعض أهل العلم على عدم اعتماد هذا الاستحباب على سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لئلا يُظن أنه سنة ، بل نبه على أن في هذا الاستحباب نظر .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” لا أعلم في هذا سنة، وقد علَّلوا ذلك بأن يوم الجمعة آخره فيه ساعة الإجابة، فيرجى إجابة الدعاء الذي يكون عادة بين الزوج ومن يبرِّكون عليه، بارك الله لك وعليك.
ولكن يقال: هل النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ من هديه وسنته أنه يتحرى هذا الوقت ؟
إذا ثبت هذا فالقول بالاستحباب ظاهر، وأما إذا لم يثبت فلا ينبغي أن تُسن سنة، ولهذا كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يزوج في أي وقت، ويتزوج في أي وقت، ولم يثبت أنه اختار شيئاً معيناً.
نعم لو صادف هذا الوقت لقلنا: هذا ـ إن شاء الله ـ مصادفة طيبة، وأما تقصُّد هذا الوقت ففيه نظر، حتى يقوم دليل على ذلك .
فالصواب : أنه متى تيسر العقد، سواء في المسجد أو البيت أو السوق أو الطائرة ونحو ذلك، وكذلك ـ أيضاً ـ يعقد في كل زمان” انتهى . من ” الشرح الممتع ” (12/33) .
والخلاصة :
أنك ما دمت قد حددت ذلك اليوم ابتداء ، فلا حرج عليك في ذلك التحديد ، ولا يلزمك تغيير موعده ، ولعل الله أن يرزقك بركة هذا اليوم وفضله .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب