تنزيل
0 / 0

ليس هناك تعارض في القرآن حول تبديل كلام الله وعدم تبديله

السؤال: 147330

تلك أقوال بعض النصارى أن تلك الآيات تتناقض في القرآن فهل هي كذلك ؟
(لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَـا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيـلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) يونس/64 .
(وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَـابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا) الكهف/27 .
تناقضها سورة النحل وسورة الرعد وسوره البقرة :
(وَإِذَا بَدَّلْنَـا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَـا يُنَزِّلُ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ) النحل/101 .
(يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) الرعد/39 .
(مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)البقرة/106 .
تلك الآيات السابقة يقولون إن هذا تناقض في القرآن ، فهل هو تناقض أم ماذا؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

القرآن الكريم كلام الله تعالى ، لا يمكن أن يقع
فيه التناقض والاختلاف ، وإنما يقع التناقض إذا كان المتكلم ممن يجوز عليه الخطأ ،
والله تعالى منزه عن ذلك . قال الله سبحانه : (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ
وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا)
النساء/82 .

ولهذا وقع الاختلاف والتناقض في الأناجيل التي بين
أيدي النصارى لأنها كتبها أناس غير معصومين ، وقد بَيَّن العلامة رحمة الله الهندي
رحمه الله في كتابه “إظهار الحق” وجود 125 اختلافاً وتناقضاً في كتابهم المقدس .

والشبهة التي ذكرتها شبهة ضعيفة في غاية الضعف ،
وجوابها من وجهين :

الأول : أن الآيات التي فيها نفي التبديل لكلمات
الله ، كقوله تعالى : (لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَـا وَفِي
الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيـلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)
يونس/64 .
وقوله تعالى : (وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَـابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ
لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا) الكهف/27 ، المقصود منها أنه
لا أحد يبدّل كلمات الله ، أما الله تعالى فله أن يبدل آية مكان آية ، وهو النسخ ،
كما قال سبحانه : (وَإِذَا بَدَّلْنَـا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ
بِمَـا يُنَزِّلُ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ
يَعْلَمُونَ) النحل/101 .
وقال تعالى : (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ
مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) البقرة/106 .

وأما قوله تعالى : : (يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء
وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) الرعد/39 . فالمراد به المحو والإثبات في
صحف الملائكة ، وينظر جواب السؤال رقم (43021)
.

والوجه الثاني : أن المراد بكلمات الله التي لا تبدل : كلماته الكونية ، كسننه في
خلقه ، وما أخبر به من إثابة الطائعين ومعاقبة العاصين ودخول أهل الجنة الجنة وأهل
النار النار ، فلا أحد يمكنه أن يبدل سنة الله وكلمته القدرية . ولهذا جاء في أول
الآية : (لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَـا وَفِي الآخِرَةِ لاَ
تَبْدِيـلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) ، فسنة الله
وكلمته القدرية هنا : هي أن المؤمنين المتقين لهم البشرى في الحياة وبعد الممات ،
فمن يمكنه أن يغير ذلك ؟!

وأما قوله تعالى : (وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَـابِ رَبِّكَ لَا
مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا) فإن حمل المعنى على
الكلمات الكونية ، فالأمر كما سبق . وإن حمل على الكلمات الشرعية ، أي القرآن
الكريم الذي أوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فلا مبدل لهذا القرآن ، فقد تكفل
الله سبحانه بحفظه .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : “قوله : (وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ
كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ) الكهف/27 .
قوله : (مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ) ؛ يعني : القرآن ، والوحي لا يكون إلا قولا ؛ فهو
إذا غير مخلوق .
وقوله : (مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ) : أضافه إليه سبحانه وتعالى ؛ لأنه هو الذي تكلم به
، أنزله على محمد ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بواسطة جبريل الأمين .
(لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ) يعني : لا أحد يبدل كلمات الله ، أما الله عز وجل ؛
فيبدل آية مكان آية ؛ كما قال تعالى : (وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ
أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) النحل/101 .
وقوله : (لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ) : يشمل الكلمات الكونية والشرعية :
– أما الكونية : فلا يستثنى منها شيء ، لا يمكن لأحد أن يبدل كلمات الله الكونية :
إذا قضى الله على شخص بالموت ؛ ما استطاع أحد أن يبدل ذلك .
إذا قضى الله تعالى بالفقر ؛ ما استطاع أحد أن يبدل ذلك .
إذا قضى الله تعالى بالجدب ؛ ما استطاع أحد أن يبدل ذلك .
وكل هذه الأمور التي تحدث في الكون ؛ فإنها بقوله ؛ لقوله تعالى : (إِنَّمَا
أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) يس/82 .
– أما الكلمات الشرعية ؛ فإنها قد تبدل من قبل أهل الكفر والنفاق ، فيبدلون الكلمات
: إما بالمعنى ، وإما باللفظ إن استطاعوا ، أو بهما” انتهى من “مجموع فتاوى ابن
عثيمين” (8/ 370).

والحاصل : أن كلمات الله تعالى الكونية لا يستطيع أحد تبديلها ، وكذلك كلماته
الشرعية التي تكفل بحفظها وهي القرآن الكريم ، وهذا لا يعارض أن الله سبحانه ينسخ
منها ما شاء ، وينزل آية مكان آية إذا أراد ، لأنه كما قال : (أَلَمْ تَعْلَمْ
أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) .

والله أعلم .

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android