تشكو من زوجها الذي يسهر مع أصدقائه في يوم إجازته ويتركها
السؤال: 148055
امرأة متزوجة وزوجها يعمل طوال الأسبوع، في عطلة آخر الأسبوع، وفي ليلة آخر يوم في الأسبوع يذهب الزوج ويقضي وقته مع أصحابه ويدع زوجته لوحدها: بحجة أن هذا من حقه وأن لها طوال الأسبوع ؟ فهل لها أن تعترض: حيث أنه يدعها طوال الليل يسهر مع أصحابه ولا يضيع الصلاة ، لكن يمضون الوقت بالحديث ولعب الشدة والأرجيلة وهم محافظون على الصلوات ولا يضيعونها؟
وإن كان السهر لشيء في طاعة الله وليس للهو والسهر مع الأصحاب هل له نفس الحكم ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
الواجب في أمور الحياة الزوجية أن تتم بالتفاهم والمودة ببن الزوجين ، وأن يكون
هناك فرصة للحوار ، وتبادل وجهات النظر بينهما ، وأن ينقل كل منهما للآخر ما في
نفسه ، وما يعانيه من مشكلات ومتاعب ، وأن يجتهدا في التعاون على حل ذلك .
وليس من شك في أن الزوج الذي يعمل طوال الأسبوع ، يحتاج إلى فترة من الترويح عن
نفسه ، وملاقاة إخوانه وأصدقائه ، وربما لا يتيسر ذلك إلا في عطلة نهاية الأسبوع ،
ولذلك فليس هناك مانع من أن يجتمع الرجل مع أصدقائه ، ليأنسوا ببعضهم ، ويتبادلوا
الحديث المباح ، لكن بشرط ألا يكون هناك منكر ولا معصية في هذا الاجتماع .
وبالنسبة لهذا الاجتماع فإن كان فيه أحد يشرب الأرجيلة ، كما ورد في السؤال ، فلا
يجوز لزوجك أن يشاركهم فيه ، بهذه الصورة المعتادة ، حتى ولو لم يكن هو يشربها ،
فإن المكان مكان منكر ، لا يجوز له أن يغشاه ، ثم إنه يوشك أن يعتاد شربها منهم .
وهكذا لعب الشدة هي دائرة بين الحرمة والكراهة ، في أقل أحوالها ، إذا لم يصاحبها
شيء من القمار ؛ فأما إذا كان معها قمار : فهي محرمة بلا شك .
ثانيا :
الأصل في السهر بعد العشاء أنه مكروه ، لأنه يؤدي إلى التأخر في القيام إلى الصلاة
، وتضييع الحقوق ، ولهذا ترجم الإمام البخاري عليه : ( بَاب مَا يُكْرَهُ مِنْ
السَّمَر بَعْدَ الْعِشَاء ).
قال الإمام ابن حجر رحمه الله في شرحه : أَيْ بَعْدَ صَلَاتهَا … ؛ وَالْمُرَاد
بِالسَّمَرِ فِي التَّرْجَمَة مَا يَكُون فِي أَمْرٍ مُبَاحٍ ، لِأَنَّ
الْمُحَرَّمَ لَا اِخْتِصَاص لِكَرَاهَتِهِ بِمَا بَعْدَ صَلَاة الْعِشَاء ، بَلْ
هُوَ حَرَامٌ فِي الْأَوْقَات كُلِّهَا .
روى
البخاري(599) ومسلم (647) من حديث أبي برزة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم َكَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ الْعِشَاءَ ، وَكَانَ يَكْرَهُ
النَّوْمَ قَبْلَهَا ، وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
” لِأَنَّ النَّوْم قَبْلَهَا قَدْ يُؤَدِّي إِلَى إِخْرَاجهَا عَنْ وَقْتهَا
مُطْلَقًا أَوْ عَنْ الْوَقْت الْمُخْتَار , وَالسَّمَر بَعْدَهَا قَدْ يُؤَدِّي
إِلَى النَّوْم عَنْ الصُّبْح أَوْ عَنْ وَقْتهَا الْمُخْتَار أَوْ عَنْ قِيَام
اللَّيْل .
وَكَانَ عُمَر بْن الْخَطَّابِ يَضْرِب النَّاس عَلَى ذَلِكَ وَيَقُول : أَسَمَرًا
أَوَّلَ اللَّيْل وَنَوْمًا آخِرَهُ ؟ وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ عِلَّة النَّهْي
ذَلِكَ ” انتهى .
ثالثا :
السهر بعد العشاء كما قلنا مكروه من حيث الأصل ، فإذا اقترن السهر بشيء محرم ، كان
لا شك في تحريمه ، خاصة إذا أدى إلى تضييع الصلاة ، أو إخراجها عن وقتها .
وأما السهر بعد العشاء في طاعة ، كأن يكون سهر للصلاة ، أو تلاوة القرآن ، أو طلب
العلم النافع ، أو نحو ذلك من المقاصد الشرعية ، فهو أمر محبوب مطلوب ، لكن بشرط
ألا يؤدي إلى تضييع طاعة أولى منها ؛ بمعنى أنه لا يسهر في طلب العلم أو تلاوة
القرآن ، ثم ينام عن صلاة الفجر ، بل له أن يسهر في الطاعة التي يحتاج إلى السهر
فيها ، بشرط ألا يؤدي ذلك إلى تضييع الصلاة ، أو التفريط في حق الأهل أو الضيف ، أو
نحو ذلك .
ولذلك ترجم الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه : ” باب السمر في العلم” ، وذكر بعض
الأحاديث الدالة على ذلك .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
” وقد سمر عمر مع أبي موسى في مذاكرة الفقه ، فقال أبو موسى “الصلاة” ؟ فقال عمر :
إنا في صلاة ” انتهى من “فتح الباري” .
روى أحمد (6589) ـ وصححه الألباني ـ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الصِّيَامُ
وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؛ يَقُولُ الصِّيَامُ :
أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ
، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ : مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ .
قَالَ : فَيُشَفَّعَانِ ) .
والخلاصة :
أن اعتياد السهر بعد العشاء : مكروه من حيث الأصل ، فإن اقترن به أمر محرم : فلا شك
في تحريمه ، وإن كان في طاعة ، فهو مباح ، أو مطلوب ، بحسب الحال .
ولا بأس أن يسهر زوجك أحيانا مع أصدقائه ، على ألا يضيع حق زوجه ، ولا يكون في
السهر شيء محرم من الأقوال والأفعال .
وننصحك أن تتلطفي مع زوجك في التفاهم معه حول ذلك الأمر ، وأن ترفقي به في النصح ،
وطلب تعديل ما يفعله .
ويراجع جواب السؤال رقم (9497)
ورقم (10680)
.
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
موضوعات ذات صلة