ما هو شرح الحديث الصحيح التالي :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أربعون خصلة أعلاهن منيحة العنز ، ما من عامل يعمل بخصلة منها رجاء ثوابها وتصديق موعودها ، إلا أدخله الله بها الجنة )
قال حسان : فعددنا ما دون منيحة العنز ، من رد السلام ، وتشميت العاطس ، وإماطة الأذى عن الطريق ونحوه ، فما استطعنا أن نبلغ خمس عشرة خصلة .
الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص – المحدث: البخاري – المصدر: صحيح البخاري – الصفحة أو الرقم: 2631 – خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
شرح حديث : ( أربعون خصلة أعلاهن منيحة العنز … )
السؤال: 149188
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الحديث المقصود في السؤال يرويه الإمام البخاري في ” صحيحه ” (رقم/2631) ، وقد بوَّب عليه رحمه الله بقوله : باب فضل المنيحة ، وهذا نصه :
عنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ ، عَنْ أَبِي كَبْشَةَ السَّلُولِيِّ ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( أَرْبَعُونَ خَصْلَةً – أَعْلَاهُنَّ مَنِيحَةُ الْعَنْزِ – مَا مِنْ عَامِلٍ يَعْمَلُ بِخَصْلَةٍ مِنْهَا رَجَاءَ ثَوَابِهَا وَتَصْدِيقَ مَوْعُودِهَا إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ بِهَا الْجَنَّةَ )
قَالَ حَسَّانُ : فَعَدَدْنَا مَا دُونَ مَنِيحَةِ الْعَنْزِ مِنْ رَدِّ السَّلَامِ ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ ، وَإِمَاطَةِ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ وَنَحْوِهِ ، فَمَا اسْتَطَعْنَا أَنْ نَبْلُغَ خَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةً .
ومعنى قوله : ( منيحة العنز ) : أي : عطية لبن الشاة . كما في ” فتح الباري ” (1/160)
قال الإمام النووي رحمه الله :
” تستحب المنيحة ، وهي أن تكون له ناقة أو بقرة أو شاة ذات لبن ، فيدفعها إلى من يشرب لبنها مدة ، ثم يردها إليه ، لحديث ابن عمرو بن العاص – ذكر الحديث السابق – ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال ” نعم المنيحة اللقحة الصفي منحة أو الشاة الصفى تغدو بإناء وتروح بإناء ” رواه البخاري وعنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال ” من منح منيحة غدت بصدقة صبوحها وغبوقها ” رواه مسلم وفى المسألة أحاديث أخر صحيحة ” انتهى من ” المجموع ” (6/243)
وقد بين العلماء شراح الحديث أن مقصود هذا الحديث بيان كثرة طرق الخير ، وأن الأعمال الصالحة كثيرة جدا ، من عمل بها رجاء ثوابها مخلصا بها قلبه دخل الجنة .
يقول ابن بطال رحمه الله :
” وأما قوله عَلَيْهِ السَّلام : ( أَرْبَعُونَ خَصْلَةً أَعْلَاهُنَّ مَنِيحَةُ الْعَنْزِ ) ولم يذكر الأربعين خصلة في الحديث – ومعلوم أنه كان عالمًا بها كلها لا محالة – إلا لمعنى هو أنفع لنا من ذكرها ، وذلك ـ والله أعلم ـ خشية أن يكون التعيين لها ، والترغيب فيها ، زهدًا في غيرها من أبواب المعروف وسبل الخير ، وقد جاء عنه عَلَيْهِ السَّلام من الحض على أبواب من أبواب الخير والبر ما لا يحصى كثرة .
وليس قول حسان بن عطية : ( فعددنا ما دون منيحة العنز من رد السلام ، وتشميت العاطس ، وإماطة الأذى عن الطريق ، فما استطعنا أن نبلغ خمس عشرة خصلة ) بمانع أن يجدها غيره ، وقد بلغني عن بعض أهل عصرنا أنه طلبها في الأحاديث ، فوجد حسابها يبلغ أزيد من أربعين خصلة :
فمنها : – منحة الركوب ، إطعام الجائع ، وسقاية الظمآن –، ومنها : السلام على من لقيت ، وتشميت العاطس ، وإعانة الصانع ، والصنعة للأخرق ، وإعطاء صلة الحبل ، وإعطاء شسع النعل ، وأن يؤنس الوحشان ، وكشف الكربة عن مسلم ، وكون المرء في حاجة أخيه ، وستر المسلم ، والتفسح لأخيك في المجلس ، وإدخال السرور على المسلم ، ونصر المظلوم ، والأخذ على يدي الظالم ، والدلالة على الخير ، والأمر بالمعروف ، والإصلاح بين الناس ، وقول طيب ترد به المسكين ، وأن تفرغ من دلوك في إناء المستقي ، وغرس المسلم وزرعه ، والهدية إلى الجار ، والشفاعة للمسلم ، ورحمة عزيز ذل ، وغني افتقر ، وعالم بين جهال ، وعيادة المرضى ، والرد على من يغتاب أخاك المسلم ، ومصافحة المسلم ، والتحاب في الله ، والتجالس في الله ، والتزاور في الله ، والتبادل في الله ، وعون الرجل الرجلَ في دابته يحمله عليها ، أو يرفع عليها متاعه صدقة ، والنصح لكل مسلم ” انتهى باختصار
” شرح ابن بطال ” (7/151-154) .
وقد نازع بعضُ أهل العلم ابنَ بطال فيما نقله من محاولة لتعداد بعض الخصال المقصودة في الحديث ، ولكن لا تضر هذه المنازعة ، فمرادنا من النقل السابق أن هذه الخصال هي من خصال الخير ، من الأعمال الصالحة ، والأخلاق الحسنة ، وأما تعيينها كاملة فلا يمكن الجزم به .
وقد نقل الكرماني كلام ابن بطال السابق ، ثم علق عليه بقوله :
” هذا الكلام رجم بالغيب لاحتمال أن يكون المراد غير المذكورات من سائر الأعمال الخيرية ، ثم إنه من أين عرف أن هذه أدنى من المنحة ، لجواز أن تكون مثلها ، أو أعلى منها ، ثم فيه تحكم ، حيث جعل السلام منه ، ولم يجعل رد السلام منه ، مع أنه صرح في هذا الحديث الذي نحن فيه به ، وكذا جعل الأمر بالمعروف منه ، بخلاف النهي عن المنكر ، وفيه أيضا تكرار ، لدخول الأخير – وهو الأربعون – تحت ما تقدم ، فتأمل ” انتهى.
” الكواكب الدراري شرح صحيح البخاري ” (11/153)
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله – بعد أن نقل كلام ابن بطال السابق واختصره -:
” وكلها في الأحاديث الصحيحة ، وفيها ما قد يُنازَع في كونه دون منيحة العنز ، وحذفت مما ذكره أشياء قد تعقب ابن المنير بعضها .
وقال الكرماني : جميع ما ذكره رجم بالغيب ، ثم من أين عرف أنها أدنى من المنيحة ؟
قلت – يعني الحافظ ابن حجر – : وإنما أردت بما ذكرته منها تقريب الخمس عشرة التي عدها حسان بن عطية ، وهي إن شاء الله تعالى لا تخرج عما ذكرته ، ومع ذلك فأنا موافق لابن بطال في إمكان تتبع أربعين خصلة من خصال الخير أدناها منيحة العنز ، وموافق لابن المنير في رد كثير مما ذكره ابن بطال مما هو ظاهر أنه فوق المنيحة . والله أعلم ” انتهى.
” فتح الباري ” (5/245)
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب