أنا أصلي الظهر في مسجد الشركة التي أعمل بها ، وعندما يحين وقت الصلاة أذهب للوضوء في موضأ المسجد ، فهل يعتبر الدخول إلى المسجد والخروج من الطرف الآخر للوصول للموضأ من اتخاذ المساجد طرقا ، علما أنه بإمكاني الذهاب للموضأ دون الاضطرار للدخول عبر المسجد ، ولكن المسافة ستكون أطول ؟
حكم اتخاذ المساجد طرقًا
السؤال: 149443
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن اتخاذ المساجد طرقاً .
فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تتخذوا المساجد طرقا ، إلا لذكر أو صلاة ) رواه الطبراني في ” المعجم الكبير ” (12/314) ، وفي ” المعجم الأوسط ” (1/14) .
قال الشيخ الألباني رحمه الله : ” هذا سند حسن . رجاله كلهم ثقات ” انتهى .
” السلسلة الصحيحة ” (1001) .
وقال ” الثمر المستطاب ” (صـ 724) :
” هذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات ” انتهى .
والمقصود بـ ” اتخاذ المساجد طرقا ” جعلها ممرا يجتازها الناس للوصول إلى حاجاتهم ، فيدخلون من باب ويخرجون من آخر من غير صلاة ، أما من فعل ذلك وصلى فيه ركعتين فلم يتخذ المسجد طريقا .
وقد ورد كراهة ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
وقال ابن مسعود رضي الله عنه : إن من أشراط الساعة أن يمر المار بمسجد فلا يركع فيه ركعتين .
وقيل للحسن البصري : أما تكره أن يمر الرجل في المسجد فلا يصلي فيه ؟ قال : بلى .
انظر : “المصنف” لعبد الرزاق (3/154-158) .
ثانياً :
أما حكم المرور في المسجد من غير صلاة ، فإن كان ذلك لعذر أو حاجة كالمشقة في سلوك طريق آخر فلا بأس بذلك ، وإن كان من غير عذر فهو مكروه .
وقد دل على هذا التفصيل بعض الأحاديث والآثار الواردة في جواز المرور في المسجد ، وقد بَوَّب البخاري رحمه الله في ” صحيحه ” بقوله : ” باب المرور في المسجد “، وذكر فيه حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مَنْ مَرَّ فِي شَيْءٍ مِنْ مَسَاجِدِنَا أَوْ أَسْوَاقِنَا بِنَبْلٍ فَلْيَأْخُذْ عَلَى نِصَالِهَا لَا يَعْقِرْ بِكَفِّهِ مُسْلِمًا ) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
” ( باب المرور في المسجد ) أي : جوازه ، وهو مستنبط من حديث الباب من جهة الأولوية ” انتهى من ” فتح الباري ” (1/547) .
فهذا الحديث يدل على جواز المرور في المسجد ، ويُحْمَل أنه لعذر أو حاجة .
وقال ابن الهمام رحمه الله :
” لا يجوز أن يتخذه [يعني : المسجد] طريقا بغير عذر , فإن كان بعذر لا بأس ” انتهى من
” فتح القدير ” (1/422) .
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله :
” أما أنه ( لا يتخذ طريقًا ) فقد كره بعض العلماء المرور فيه إلا لحاجة ، إذا وَجَد مندوحة عنه ” انتهى من ” تفسير القرآن العظيم ” (6/64) .
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
عن دخول النصراني أو اليهودي في المسجد بإذن المسلم , أو بغير إذنه أو يتخذه طريقا . فهل يجوز ؟
فأجاب :
“ليس للمسلم أن يتخذ المسجد طريقا , فكيف إذا اتخذه الكافر طريقا , فإن هذا يمنع بلا ريب . وأما إذا كان دخله ذمي لمصلحة , فهذا فيه قولان للعلماء ” انتهى باختصار من ” الفتاوى الكبرى ” (2/80) .
وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
” ينبغي أن يحمل [يعني : جواز المرور في المسجد] على الحاجة والندرة ، بحيث لا يؤدي إلى استطراق المسجد المنهي عنه كما سبق ” انتهى من ” الثمر المستطاب ” (ص/727) .
وعلى هذا ، فإذا كان سلوكك الطريق الآخر (الأطول) فيه مشقة ، فهذه المشقة تبيح لك المرور في المسجد ، ولا يكون هذا الفعل مكروهاً في هذه الحالة .
وإن كان ذلك ليس فيه مشقة ، فالظاهر أيضاً في حالتك هذه أن المرور في المسجد لا بأس به ، لأنك إنما تريد بذلك الوضوء للصلاة لتعود إلى المسجد وتصلي فيه ، ومثل هذا لا يعد انتهاكاً لحرمة المسجد ، فأنت دخلت المسجد وخرجت منه لتعود إليه متطهراً للصلاة .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب