0 / 0

هل ثمة تعارض بين ما ثبت في أن المؤمنين يرون ربَّهم في الجنة وأنهم يرون وجهه ؟

السؤال: 150865

هل المؤمنين يرَون الله عز وجل في الجنة بكامل صفاته سبحانه أم أنهم يرون وجهه الجليل فقط ؟ وهل رؤية الله في الجنة تتعدد ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :
قد بينَّا اعتقاد أهل السنَّة في رؤية الله تعالى في الجنَّة بأدلة من القرآن والسنَّة والإجماع ، وذلك في جوابي السؤالين رقم : (14252 ) ، ورقم (144199 ) فلينظرا .

ثانياً :
جاءت نصوص الوحي تبيِّن أن الاعتقاد الصحيح في رؤية المؤمنين ربَّهم تعالى ، وبعضها في كون الرؤية لله تعالى ، وأخرى لرؤية وجهه الكريم .

فمن الأول : قوله تعالى ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ . إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ) القيامة/ 22 ، 23 .

ومن الثاني : ما جاء من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه في دعاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ ) رواه النسائي ( 1305 ) ، وصححه الألباني في ” صحيح سنن النسائي ” .

ولا فرق فيما ورد في نصوص الوحي بين ما جاء أن المؤمنين يرون ربهم تعالى وبين ما ورد أنهم يرون وجهه عز وجل ؛ لأن الوجه من صفات الله تعالى القائمة به ، فمن رأى وجهه عز وجل فقد رأى ربَّه تعالى .

فقد سئل الشيخ عبد المحسن العبَّاد – حفظه الله – :
ورد في بعض أحاديث الرؤية أن الرؤية لله سبحانه وفي بعضها أن الرؤية لوجه الله ، فكيف الجمع بينهم ؟

فأجاب :
” رؤية الله ، ورؤية وجه الله ، كلها رؤية لله عز وجل ، الله عز وجل من صفاته الوجه ، فرؤية الله عز وجل رؤية وجه الله ” انتهى من ” شرح سنن ابن ماجه ” ( شريط 23 ) .

ثالثاً :
يجب أن يَعتقد المسلم أن الخلق لا يحيطون بربهم جل جلاله ، لا رؤية ، ولا علما ، ولا بأي معنى من معاني الإحاطة ، كما قال الله تعالى : ( يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ) طه/110 ، وقال تعالى : ( لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ ) الأنعام/ 103 .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” وحينئذ فتكون الآية دالَّة على إثبات الرؤية ، وهو أنه يُرى ولا يُدرك ، فيُرى من غير إحاطة ولا حصر ، وبهذا يحصل المدح ؛ فإنه وصفٌ لعظمته أنه لا تدركه أبصار العباد وإن رأته ، وهو يدرك أبصارهم ، قال ابن عباس – وعكرمة بحضرته – لمن عارض بهذه الآية : ” ألست ترى السماء ؟ ” . قال : بلى ، قال : ” أفكلها ترى ؟ ” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (16/88) .

وقال الشيخ عبد الرحمن البراك ، حفظه الله :
” يرونه ولا يحيطون به ، فلا يرونه رؤية يدركونه بها من كل وجه ، فهو تعالى أعظم من أن يحيط به العباد ؛ فإنهم : ( َلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ) ، وكذلك لا يحيطون به رؤية ؛ قال تعالى : ( لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ ) أي : لا تحيط به الأبصار ” انتهى من ” شرح العقيدة الطحاوية ” .

رابعاً :
إذا فهمنا أن رؤية وجه الله تعالى في الجنة ، هي – أيضا – رؤية لله تعالى ، فلا مانع من أن يُرَى غير الوجه من صفاته الذاتية ، ونحو ذلك .

وقد ورد أن المؤمنين في عرصات القيامة ، قبل دخول الجنة ، يرون ربهم عز وجل ، ويعرفونه بساقه حين يكشف لهم عنها ، كما في حديث الشفاعة الطويل :
( فَلاَ يُكَلِّمُهُ إِلاَّ الأَنْبِيَاءُ ، فَيَقُولُ : هَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ آيَةٌ تَعْرِفُونَهُ ؟ فَيَقُولُونَ السَّاقُ . فَيَكْشِفُ عَنْ سَاقِهِ ، فَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ … ) رواه البخاري (7440) – واللفظ له – ، ومسلم (183) .

لكن هل يرى غير ذلك من الصفات ؟!
مثل هذا لا يصح القول فيه إلا بتوقيف ، وليس هو من مجال الخوض بالآراء والظنون ، وليس في البحث عنه كبير فائدة ، بعد أن يكون المسلم قد أثبت ما دلت عليه النصوص من رؤية الله جل جلاله ، والنظر إلى وجهه الكريم في الجنة .

خامساً :
وأما مسألة تعدد رؤية الرب تعالى في الجنَّة : فقد ذكرناها في جواب السؤال رقم: ( 144199 ) فلتنظر هناك .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android