في التاريخ نجد أن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم وورقة بن نوفل وكتبة الوحي أن جميعهم كانوا يقرأون ويكتبون … فكيف تعلموا القراءة والكتابة في البيئة الجاهلية وهل كانت هناك مدارس في الحجاز أم يتعلمون في العراق والشام .
كيف تعلم بعض الصحابة القراءة والكتابة قبل الإسلام ؟
السؤال: 154110
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
عرفت العرب الكتابة منذ زمن بعيد ، فكان منهم الكتبة في باديتهم وحاضرتهم ، وقد عثر على بعض تلك النصوص التي كتبوها ، وذلك قبل ميلاد المسيح عليه السلام وبعده .
“المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام” (15 /107) .
وقيل : إن أول ما ظهرت الكتابة العربية بمكة من قِبل حرب بن أمية ، وأنه تعلم الكتابة من أهل اليمن .
وقيل : بل أول ما ظهرت باليمن من قبل سفيان بن أمية عم أبي سفيان بن حرب ، وأتته من قبل رجل من أهل الحيرة ، وقال أهل الحيرة : أخذناها من أهل الأنبار .
وقال أبو بكر بن أبي داود عن علي بن حرب عن هشام بن محمد بن السائب قال : تعلم بشر بن عبد الملك الكتابة من أهل الأنبار ، وخرج إلى مكة وتزوج الصهباء بنت حرب .
وقيل : إنه لما تعلم أبو سفيان بن حرب الخط من أبيه تعلمه منه عمر بن الخطاب رضي الله عنه وجماعة من قريش ، وتعلمه معاوية بن أبي سفيان من عمه سفيان .
أما الأوس والخزرج : فعن سعد بن سعيد قال : كانت الكتابة العربية قليلا في الأوس والخزرج ، وكان يهودي من يهود ماسكة قد علمها فكان يعلمها الصبيان ، فجاء الإسلام وفيهم بضعة عشر يكتبون ، منهم سعد بن زرارة والمنذر بن عمرو وأبي بن كعب وزيد بن ثابت – يكتب الكتابين جميعا العربية والعبرانية – ورافع بن مالك وأسيد بن حضير ومعن بن عدي وأبو عبس بن كثير وأوس بن خولي وبشير بن سعد .
“صبح الأعشى” (3 /13-15) .
وعن الشرقي بن القطامى قال: اجتمع ثلاثة نفر من طيئ ، وهم مرامر بن مرة ، وأسلم بن سدرة وعامر بن جدرة فوضعوا الخط ، وقاسوا هجاء العربية على هجاء السريانية .
فتعلمه منهم قوم من أهل الأنبار ، ثم تعلمه أهل الحيرة من أهل الأنبار .
وقيل : إن بشر بن عبد الملك أخو أكيدر بن عبد الملك الكندى ثم السكوني صاحب دومة الجندل كان يأتي الحيرة فيقيم بها الحين ، وكان نصرانيا ، فتعلم بشر الخط العربي من أهل الحيرة ، ثم أتى مكة في بعض شأنه فرآه سفيان بن أمية بن عبد شمس ، وأبو قيس بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب يكتب ، فسألاه أن يعلمهما الخط ، فعلمهما الهجاء ، ثم أراهما الخط فكتبا .
ثم إن بشرا وسفيان وأبا قيس أتوا الطائف في تجارة فصحبهم غيلان بن سلمة الثقفى فتعلم الخط منهم .
وفارقهم بشر ومضى إلى ديار مضر فتعلم الخط منه عمرو بن زرارة بن عدس ، فسمى عمرو الكاتب .
ثم أتى بشر الشام فتعلم الخط منه ناس هناك .
وتعلم الخط من الثلاثة الطائيين أيضا رجل من طابخة كلب ، فعلمه رجلا من أهل وادى القرى ، فأتى الوادي يتردد فأقام بها وعلم الخط قوما من أهلها .
وعن أبى بكر بن عبد الله بن أبى جهم العدوى قال : دخل الاسلام وفى قريش سبعة عشر رجلا كلهم يكتب : عمر بن الخطاب ، وعلى بن أبى طالب ، وعثمان بن عفان ، وأبو عبيدة بن الجراح ، وطلحة ، ويزيد بن أبى سفيان ، وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة ، وحاطب بن عمرو أخو سهيل بن عمرو العامري من قريش ، وأبو سلمة بن عبد الأسد المخزومى ، وأبان بن سعيد ابن العاصى بن أمية ، وخالد بن سعيد أخوه ، وعبد الله بن سعد بن أبى سرح العامري ، وحويطب بن عبد العزى العامري ، وأبو سفيان بن حرب بن أمية ، ومعاوية بن أبى سفيان ، وجهيم بن الصلت بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف ، ومن حلفاء قريش العلاء بن الحضرمي .
وقال الواقدي : كان الكتاب بالعربية في الأوس والخزرج قليلا ، وكان بعض اليهود قد علم كتاب العربية ، وكان تعلمه الصبيان بالمدينة في الزمن الأول ، فجاء الإسلام وفى الأوس والخزرج عدة يكتبون .
“فتوح البلدان” (3 /579) .
وقال الدكتور جواد علي :
” ويظهر أن اليهود قد تعلموا الخط العربي من عرب العراق وبلاد الشام ، أو من التجار والمبشرين الذين كانوا يفدون إلى الحجاز ، وأما القلم المسند ، الذي هو قلم العرب الجنوبيين ، فلم يكن مستعملًا في يثرب .
وفي جملة من كان يكتب ويقرأ من أهل مكة “حرب بن أمية “. وإليه ينسب قوم من أهل الأخبار إدخال الكتابة بين قريش . وهو أبو ” أبي سفيان بن حرب ” . وورد أن الذي حمل الكتابة إلى قريش بمكة ” أبو قيس بن عبد مناف بن زهرة ” . فهو ناشر الكتابة على هذه الرواية بين أهل مكة ، والاثنان على رأي أهل الأخبار من أقدم كتّاب مكة إذن ، بل هما ناشرا الكتابة بها . وقد ذهب ” ابن قتيبة ” إلى أن ” بشر بن عبد الملك العبادي ” علم ” أبا سفيان بن أمية “، و ” أبا قيس بن عبد مناف بن زُهرة “
وقد ذكر ” السيوطي ” عن أبي طاهر السلفي في “الطيوريات” بسنده عن الشعبي ، أنه قال : أول العرب الذي كتب بالعربية حرب بن أمية بن عبد شمس . تعلم من أهل الحيرة ، وتعلم أهل الحيرة من أهل الأنبار ” .
وكان “حنظلة بن أبي سفيان” ممن يحسن الكتابة والقراءة بمكة . فقد ورد في الأخبار أنه كتب من مكة إلى والده أبو سفيان ” انتهى باختصار .
“المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام” (15 /115-118) .
والخلاصة :
أن الكتابة كانت موجودة في العرب قبل الإسلام ، وكان الكتبة منهم قليلين ، ولم تكن هناك مدارس لتعليم الكتابة ، وإنما كان الرجل يعلم الواحد تلو الآخر .
ثم لما جاء الإسلام اهتم المسلمون بالكتابة وانتشرت بينهم .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب