تنزيل
0 / 0
49,60029/11/2010

ما الفرق بين قوله تعالى :(ويكون الدين لله) وقوله عز وجل :(ويكون الدين كله لله)

السؤال: 154724

قال تعالى : ( وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلا عَلَى الظَّالِمِينَ ) البقرة/193
وقال تعالى : ( وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) الأنفال/39.
لماذا أتت الآية الكريمة الأولى ( الدين لله ) وفي الآية الكريمة الثانية : ( الدين كله لله )؟
وجزاكم الله خيرا .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الباحث في بلاغة القرآن الكريم لا بد أن يتأمل في السياق الذي وردت فيه الآيات ،
فكثيرا ما يحمل في طياته بيانا أو إشارة إلى الوجه البلاغي أو التفسيري لما ورد
فيها .
وفي الآيات الواردة في السؤال يحمل السياق في طياته إشارة يحتمل أن تكون هي الجواب
عن الفرق بين قوله تعالى : (وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ ) البقرة، وقوله عز وجل :
(وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ) الأنفال .
فآية البقرة سياقها يتحدث عن كفار قريش ، والأمر بقتال المعتدين منهم ، ومقابلة
اعتدائهم بالصد والدفاع ، فقد انتهكوا الحرمات ، واعتدوا وظلموا ، والله لا يجب
المعتدين .
يقول الله عز وجل :
( وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا
إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ . وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ
وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ
وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ
فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ . فَإِنِ
انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ . وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ
فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلا عَلَى
الظَّالِمِينَ . الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ
قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى
عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ )
البقرة/190-194.
وأما سورة الأنفال فهي من السور التي تفصل أحكام الجهاد والقتال ضد عموم الكفار ،
وليس كفار قريش خصوصا ، وتشرع الحكم الذي يعم الأحوال والأزمان والأشخاص ، فكان
سياقها عاما يراد به جميع الكفار .
يقول الله تعالى :
( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ
وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ . وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا
تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ
اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ . وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ
مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ) الأنفال/ 38-40.
فإذا تبين اختلاف السياقين عرفنا أن السياق الذي يتحدث عن عموم الكفار ، سواء كانوا
مشركين أم أصحاب ديانات أخرى : يناسبه أن يقال فيه ( وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ
لِلَّهِ ) فالإسلام يعلو ولا يعلى عليه ، وعلو الإسلام يقضي أن يكون هو الدين
الظاهر على جميع الديانات ، إما بعدد المسلمين ، أو بالحكم بالشريعة ، أو بفسح
المجال لتبليغ الدعوة الحقة .
وأما السياق الذي يتحدث عن مشركي أهل مكة ، وليس فيهم أي دين آخر ، فيناسبه قوله عز
وجل فيه : ( وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ )، فلا حاجة لكلمة ( كله ) لأنه دين واحد
في مكة ، وهو دين عبادة الأصنام .
هذا هو حاصل ما ذكره بعض المفسرين في بيان الحكمة في الفرق بين الآيتين .
يقول أبو حيان الأندلسي رحمه الله :
” قيل : وجاء في الأنفال : ( وَيَكُونَ الدّينُ كُلُّهُ لِلهِ ) ولم يجئ هنا : (
كله )؛ لأن آية الأنفال في الكفار عموماً ، وهنا في مشركي مكة ، فناسب هناك التعميم
، ولم يحتج هنا إليه . قيل : وهذا لا يتوجه إلاَّ على قول من جعل الضمير في : (
وقاتلوهم ) ، عائداً على أهل مكة على أحد القولين ” انتهى.
” البحر المحيط ” (2/76)
ويقول ابن عرفة المالكي رحمه الله :
” قوله تعالى : ( وَيَكُونَ الدين لِلَّهِ ) وفي الأنفال : ( وَيَكُونَ الدِّينُ
كُلُّهُ لِلَّهِ ) وأجاب بعضهم : بأن هذه في قتال كفار قريش ، وتلك في قتال جميع
الكفار ؛ لأن قبلها ( قُل لِّلَّذِينَ كفروا إِن يَنتَهُواْ يُغْفَرْ لَهُمْ مَّا
قَدْ سَلَفَ )، فالمراد في آية البقرة ( ويكون الدّين ) الّذي هم عليه لله ، ودينهم
بعض الدين لا كله ، بخلاف آية الأنفال ” انتهى.
” تفسير ابن عرفة المالكي ” (2/561) تحقيق حسن المناعي ، مركز البحوث .
ويقول الألوسي رحمه الله :
” لم يجئ هنا كلمة ( كله ) كما في آية الأنفال ؛ لأن ما هنا في مشركي العرب ، وما
هناك في الكفار عموماً ، فناسب العموم هناك ، وتركه هنا ” انتهى.
” روح المعاني ” (2/76)
والله أعلم .

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android