أنا طالب في كلية العلوم ، وأريد أن أختار تخصصاً لا يعارض الشرع ، فما رأيكم في تخصص " علم الوراثة " ؟ هل يجوز لي أن أتخصص في هذا التخصص ؟ .
يريد دراسة ” علم الوراثة ” فهل في ذلك حرج شرعي ؟
السؤال: 155691
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
كل علم مما يحتاج الناس إليه في دينهم أو دنياهم فليس ممنوعاً لذاته من حيث الاطلاع والنظر والإحاطة ، ولكن الذي يخشى منه هو التطبيق العملي الممنوع لبعض تلك العلوم ، فعلم المحاسبة ـ مثلا ـ لا شيء في دراسته ، لكن المشكلة في التطبيق العملي له في واقع الحياة المالية ، كالعمل في البنوك والمؤسسات الربوية ، وهكذا يقال في علم الطب ، فهو علم رائع مهم ، لا غنى للناس عنه ، لكنه أحيانا ما يستعمل في الواقع العملي في أشياء يمنع منها الشرع كالجراحة التجميلية التحسينية والإجهاض ، وغير ذلك .
ومثل هذا يقال في " علم الوراثة " – وقد جاء تعريفه في " المعجم الوسيط " ( 2 / 1024 ) أنه " العلم الذي يبحث في انتقال صفات الكائن الحي من جيل إلى آخر وتفسير الظواهر المتعلقة بطريقة هذا الانتقال " – فهو علم مهم ، ومن أعظم منافعه وفوائده العلم بالأمراض الوراثية وكيفية الوقاية منها وعلاجها ، كما يمكن استعماله في النافع المفيد في النباتات والحيوانات ، وفي الوقت ذاته فإنه مجال للعابثين بما يُسمَّى " الاستنساخ " ، وقد بينَّا شيئاً من الجائز والممنوع في " الاستنساخ " وفي علم " الهندسة الوراثية " في جوابي السؤالين ( 103335 ) و ( 21582 ) فلينظرا .
فالعبرة إذاً ليست بالدراسة النظرية لعلم الوراثة ، بل في التطبيق العملي ، فما كان منه جائزاً مباحاً نافعاً : فالشرع يحض عليه ويشجعه ، وما كان منه محرَّماً ضارّاً : فالشرع يمنعه .
وقد جاء في ندوة " المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بالكويت " والتي كانت بعنوان " الوراثة والهندسة الوراثية والجينوم البشري والعلاج الجيني – رؤية إسلامية " – وذلك بمشاركة " مجمع الفقه الإسلامي " بجدة ، و " المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية " بالإسكندرية ، و " المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة " ، وذلك في الفترة من 23 – 25 جمادى الآخرة 1419هـ الذي يوافق 13 – 15 من شهر تشرين الأول – أكتوبر 1998م – ما نصُّه :
الإسلام دين العلم والمعرفة كما جاء في قوله تعالى ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ) الزمر/ 9 ، وهو لا يحجر على العقل الإنساني في مجال البحث العلمي النافع ، ولكن حصيلة هذا البحث ونتائجه لا يجوز أن تنتقل تلقائيًّا إلى مجال التطبيقات العملية حتى تُعرض على الضوابط الشرعية ، فما وافق الشريعة منها : أُجيز ، وما خالفها : لم يجز ، وإن علم الوراثة بجوانبه المختلفة هو – ككل إضافة إلى المعرفة – مما يحض عليه الإسلام ، وكان أولى بعلماء المسلمين أن يكونوا فيه على رأس الركب .
انتهى
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة