رجل توفيت حماته – أم زوجته – وبعد أن فرغ من دفنها عاد لزوجته – التي لم تذهب للمقابر – فطلب أن يجامعها ، فأبت ، كاد الموضوع أن يصل إلى الطلاق ، هو حجته أنه يطالب بحقه الشرعي , وهي حجتها أنها حزينة على وفاة أمها ، ترى أيهما الحق بجانبه ؟
امتنعت عن فراش زوجها بسبب حزنها على وفاة والدتها
السؤال: 160090
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
في هذا السؤال جانبان متقابلان : جانب أخلاقي ، وجانب حقوقي .
أما الجانب الأخلاقي فكان ينبغي للزوج أن يراعي مشاعر زوجته ، ومصابها بوالدتها .
والموت من أعظم المصائب ، ومن مات له قريب كوالد أو والدة أو ولد انكسر قلبه ، وسكنت جوارحه، وأحجمت روحه عن متع الدنيا ، حتى يكرمه الله عز وجل بالسلوان والرضا بالقضاء والقدر .
فكان الأحسن بهذا الزوج أن يكون رفيقاً بزوجته فلا يطلب منها ما يشق عليها فعله .
ولا ينبغي أن يكون كل ما يريده الرجل هو قضاء شهوته من غير اعتبار للظروف التي تمر بها زوجته .
وإذا امتنعت الزوجة من أداء حق زوجها في الفراش في وقت ما لضيق نفس تمر به ، فعلى زوجها أن يراعي حالتها ، ويلتمس لها العذر .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
هل يقع على المرأة إثم إن امتنعت عن زوجها حين يطلبها بسبب حالة نفسية عابرة تمر بها ، أو لمرض ألمّ بها ؟
فأجاب :
“يجب على المرأة أن تجيب زوجها إذا دعاها إلى فراشه ، ولكن إذا كانت مريضة بمرض نفسي لا تتمكن من مقابلة الزوج معه ، أو مريضة بمرض نفسي ، فإن الزوج في هذه الحالة لا يحل له أن يطلب منها ذلك ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا ضرر ولا ضرار) وعليه أن يتوقف أو يستمتع بها على وجه لا يؤدي إلى ضرر” انتهى من “فتاوى المرأة المسلمة” (2/660) .
أما الجانب الحقوقي فهو ما تخاطب به الزوجة التي ابتليت بفقد والدتها ، فقد كان ينبغي لها أن تطيع زوجها ، تجنباً للشقاق والنزاع .
وأداءً لحق الزوج الذي هو أعظم الحقوق .
قال الكمال ابن الهمام رحمه الله :
” وينبغي أنها لو أرادت أن تحد على قرابة ثلاثة أيام – ولها زوج – : له أن يمنعها ؛ لأن الزينة حقه ، حتى كان له أن يضربها على تركها إذا امتنعت وهو يريدها ، وهذا الإحداد مباح لها لا واجب عليها ، وبه يفوت حقه ” انتهى من ” فتح القدير ” (4/336) .
وقال ابن حجر الهيتمي رحمه الله :
” لو منعها – يعني زوجها – مما ينقص به تمتعه – بسبب الإحداد – حرم عليها فعله ” انتهى باختصار من ” تحفة المحتاج ” (8/259) .
وقال ابن بطال رحمه الله :
” الإحداد : ترك المرأة الزينة كلها من اللباس والطيب والحلى والكحل ، وكل ما كان من دواعي الجماع ، يقال : امرأة حادّ ومحدّ .
وأباح النبي صلى الله عليه وسلم أن تحد المرأة على غير زوجها من ذوى محارمها ثلاثة أيام ، لما يغلب من لوعة الحزن ، ويهجم من أليم الوجد ، ولم يوجب ذلك عليها ، وهذا مذهب الفقهاء ، وحرم عليها من الإحداد ما فوق ذلك .
ومما يدل على أن الإحداد فى الثلاثة أيام على غير الزوج غير واجب إجماع العلماء على أن من مات أبوها ، أو ابنها ، وكانت ذات زوج ، وطالبها زوجها بالجماع فى الثلاثة الأيام التى أبيح لها الإحداد فيها أنه يقضى له عليها بالجماع فيها ، ونص التنزيل أن الإحداد على ذوات الأزواج أربعة أشهر وعشرًا واجب ” انتهى من ” شرح صحيح البخاري ” (3/268-269) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب