0 / 0

حديث إن الله عز وجل خلق خلقه في ظلمة ثم ألقى عليهم من نوره

السؤال: 160145

أنا متحير بخصوص حديث ، هل هو صحيح أم ضعيف ، وهل هو مقبول أم لا يتوافق مع القرآن والسنة .
روى ابن عمر – في الترمذي وعند أحمد والطبراني والحاكم في المستدرك والبيهقي في السنن الكبرى – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( إن الله عز وجل خلق الخلق في الظلام ثم ألقى عليهم من نوره ، فمن مسه النور فقد هدي ، ومن لم يمسه النور فقد ضل ، جف القلم …..إلى آخر الحديث ) جزاكم الله خيرا .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
هذا الحديث يرويه الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو بن العاص فيقول : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :
( إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ خَلْقَهُ فِي ظُلْمَةٍ ، ثُمَّ أَلْقَى عَلَيْهِمْ مِنْ نُورِهِ يَوْمَئِذٍ ، فَمَنْ أَصَابَهُ مِنْ نُورِهِ يَوْمَئِذٍ اهْتَدَى ، وَمَنْ أَخْطَأَهُ ضَلَّ ) فَلِذَلِكَ أَقُولُ – في رواية أن القائل هو عبد الله بن عمرو -: جَفَّ الْقَلَمُ عَلَى عِلْمِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ .
أخرجه الإمام أحمد في ” المسند ” (11/219)، وابن أبي عاصم في ” السنة ” (244)، وابن حبان (14/43)، والحاكم في ” المستدرك ” (1/84) من طريق ربيعة بن يزيد .
وأخرجه الإمام أحمد في ” المسند ” (11/441) والنسائي في ” السنن ” من طريق عروة بن رويم .
وأخرجه الترمذي (2642) والحاكم في ” المستدرك ” (1/84) من طريق يحيى بن أبي عمرو السيباني .
ثلاثتهم ( ربيعة بن يزيد ، وعروة بن رويم ، ويحيى بن أبي عمرو ) عن ابن الديلمي ، عن عبد الله بن عمرو به.
وابن الديلمي اسمه عبد الله بن فيروز : وهو من كبار التابعين ، وثقه ابن معين ولم يجرحه أحد ، والرواة عنه من الثقات الحفاظ .
لذلك قال الترمذي رحمه الله :
” حديث حسن ” انتهى.
وقال الحاكم رحمه الله :
” هذا حديث صحيح قد تداوله الأئمة ، وقد احتجا بجميع رواته ، ثم لم يخرجاه ، ولا أعلم له علة ” انتهى.
وقال الذهبي رحمه الله :
” على شرطهما ، ولا علة له ” انتهى من ” التلخيص “. ولكن ننبه إلى أن عبد الله بن فيروز ليس على شرط البخاري ومسلم .
وقال الهيثمي رحمه الله :
” رجال ثقات ” انتهى باختصار من ” مجمع الزوائد ” (7/193)
وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
” إسناده صحيح رجاله كلهم ثقات ” انتهى من ” السلسلة الصحيحة ” (رقم/1076)
ثانيا :
فإن قال قائل : هذا الحديث يدل على أن سبب دخول الناس الجنة أو النار هو الصدفة والاتفاق وليس الخُلُقُ والعمل ، فالسعيد مَن أصابه مِن نور الله عز وجل بمحض المصادفة في ذلك الموقف الذي خلق الله فيه الخلق ، والشقي مَن حُرِمَ ذلك النور
فالجواب أن مَن أصابه مِن نور الله الذي ألقاه – كما يخبر هذا الحديث الصحيح – لم يصبه على سبيل المصادفة ، وإنما أصابه لأن الله عز وجل كان يعلم – بعلمه الأزلي – أن هذه النسمة ستكون صالحة تقية عابدة لله عز وجل في الدنيا ، فقدر لها أن يصيبها من نور الله في ذلك الموقف .
ومن علم الله عز وجل – بعلمه الأزلي – أنه سيعمل سيئا في حياته ، وسيكون مع الأشقياء الفاسقين ولن يؤمن مع المؤمنين : فهذا يحرمه سبحانه وتعالى من ذلك النور في بداية الخلق . وهذا معنى قول عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما في آخر الحديث : ( جف القلم على علم الله عز وجل )
يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله :
” ( جف القلم ) أي : فرغت الكتابة ، إشارة إلى أن الذي كتب في اللوح المحفوظ لا يتغير حكمه . قوله : ( على علم الله ) أي : على حكمه ؛ لأن معلومه لا بد أن يقع ، فعلمه بمعلوم يستلزم الحكم بوقوعه ” انتهى من ” فتح الباري ” (11/491)
لذلك بوب الحافظ ابن حبان رحمه الله على الحديث بقوله :
” ذكر الإخبار عن علم الله جل وعلا مَن يصيبه مِن ذلك النور أو يخطئه عند خلقه الخلق في الظلمة ” انتهى من ” صحيح ابن حبان ” (14/44)
وبوب عليه الآجري رحمه الله بقوله :
” باب ذكر السنن والآثار المبينة بأن الله عز وجل خلق خلقه ، من شاء خلقه للجنة ، ومن شاء خلقه للنار ، في علم قد سبق ” انتهى من ” الشريعة ” (ص/741) دار الوطن – تحقيق عبد الله الدميجي.
وقال البيهقي رحمه الله :
” باب ذكر البيان أن الله عز وجل خلق خلقه في ظلمة ، ثم ألقى عليهم من نوره :
فمن علم الله إيمانه ، وأمر القلم فجرى به وكتب من السعداء : أصابه من ذلك النور فاهتدى . ومن علم الله كفره ، وأمر القلم فجرى به وكتب من الأشقياء : أخطأه ذلك النور فضل .
قال الله عز وجل : ( أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا ) الأنعام/122.
وقال الله عز وجل : ( اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ) البقرة/257.
وقال : ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ ) الجاثية/23 ” انتهى من ” القضاء والقدر ” (1/256) طبعة مكتبة الرشد

ولمزيد من الفائدة حول القدر ، ينظر جواب السؤال رقم (34732) ، و (20806) ، و (96978)
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android