0 / 0

حديث لا تقتلوا أولادكم سرا فإن الغيل يدرك الفارس فيدعثره عن فرسه

السؤال: 162981

حديث : ( لا تقتلوا أولادكم سرا ، فإن الغيل يدرك الفارس فيدعثره عن فرسه ) أخرجه أبو داود وابن ماجه في سننهما . ما درجة صحة الحديث ، وأرجو تفسيره تفسيرا دقيقا ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
الحديث الوارد في السؤال يروى عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ رضي الله عنها قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
( لَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ سِرًّا ، فَإِنَّ الْغَيْلَ يُدْرِكُ الْفَارِسَ فَيُدَعْثِرُهُ عَنْ فَرَسِهِ )
رواه الإمام أحمد في ” المسند ” (45/543)، وأبو داود (3881)، ومن طريقه البيهقي في ” السنن الكبرى ” (7/464)، ورواه ابن ماجة في ” السنن ” (2012)، والطبراني في ” المعجم الكبير ” (24/183)، وابن حبان في ” صحيحه ” (13/322)، وآخرون غيرهم .
جميعهم من طريق مهاجر بن أبي مسلم ، عن أسماء بنت يزيد بن السكن رضي الله عنها ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وهذا إسناد لا يثبت ، بسبب مهاجر بن أبي مسلم ، حيث ترجم له الحافظ ابن حجر في ” تهذيب التهذيب ” (10/287) ولم يذكر في ترجمته جرحا ولا تعديلا ، كما بحثنا عن القرائن التي يمكن الاستدلال من خلالها على ثقة الراوي فلم نقف عليها ، فمثله لا يُقبَل تفرده .
ولذلك صرح غير واحد من أهل العلم بضعف الحديث وعدم ثبوته :
قال الشيخ الألباني رحمه الله ، بعد أن نقل ذكر ابن حبان مهاجر بن أبي مسلم في ” الثقات “:
” وهو معروف بتساهله في التوثيق ، ولم نر أحداً قد وافقه على توثيقه ، بل إن ابن أبي حاتم لما أورده في كتابه سكت عنه ، مشيراً بذلك إلى أنه غير معروف عنده ، ولذلك لم يعتمد توثيقه الحافظ ابن حجر ، فقال في التقريب : مقبول . يعني عند المتابعة ، وإلا فلين الحديث ، كما نص على ذلك في المقدمة ، ولذلك فإن القلب لا يطمئن لصحة هذا الحديث ، وقد أشار إلى تضعيفه العلامة ابن القيم في “تهذيب السنن” بقوله : إن كان صحيحا ” انتهى من تحقيق ” القائد إلى تصحيح العقائد ” للمعلمي (ص/101)
وقال رحمه الله في كتابه : “غاية المرام ” (رقم/242) : ” ضعيف ” .

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
” ضعيف ” انتهى من ” التحفة الكريمة في بيان كثير من الأحاديث الموضوعة والسقيمة ” (188)
وقال محققو مسند الإمام أحمد في طبعة مؤسسة الرسالة :
” إسناده ضعيف ، مُهاجر – وهو ابن أبي مسلم الأنصاري ، وإن روى عنه جمع ، وذكره ابن حبان في ” ثقاته ” – قد انفردَ به ، ومثلُه لا يُحتمل تفرُّده ، ثم إنه معارَضٌ بحديث صحيح ، وبقية رجال الإسناد ثقات ” انتهى من ” مسند أحمد ” (45/543) .

ثانيا :
تعددت أقوال الفقهاء وشراح الحديث في معنى ” الغيل “، وذلك على قولين :
القول الأول : هو أن يجامع الزوج زوجته المرضع ، وهو تفسير أكثر العلماء .
ذكر ذلك الإمام مالك رحمه الله في ” الموطأ ” وعلق عليه ابن عبد البر بقوله :
” وأما الغيلة فكما فسرها مالك ، وعلى تفسير ذلك أكثر الناس من أهل اللغة وغيرهم ” انتهى من ” الاستذكار ” (6/259)

القول الثاني : إرضاع المرأة الحامل في فترة حملها لطفل آخر رضيع ، وهو تفسير بعض اللغويين كابن السكيت .
قال أبو العباس القرطبي – وقد نقل القولين السابقين في تفسير ” الغَيل ” – :
” مراده صلى الله عليه وسلم بالحديث المعنى الأول دون الثاني ؛ لأنه هو الذي يحتاج إلى نظر في كونه يضرُّ الولد ؛ حتى احتاج النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن ينظر إلى أحوال غير العرب الذين يصنعون ذلك ، فلمَّا رأى أنَّه لا يضرُّ أولادهم لم يَنْه عنه .
وأمَّا الثاني فضرره معلومٌ للعرب وغيرهم ، بحيث لا يحتاج إلى نظر ولا فكر ” انتهى من ” المفهم لما أشكل من تلخيص صحيح مسلم ” (4/174-175)

ثالثا :
والحاصل أنه لا حرج على الأزواج في وطء زوجاتهم في فترة إرضاعها ؛ إذ لم يصح النهي عن ذلك ، بل صح الحديث في جوازه ، وإليه ذهب جمهور أهل العلم .
ثم على فرض صحة الحديث ، فللعلماء أقوال في توجيهه :
1- أن المقصود به الإرشاد والاحتياط ، وليس نهي المنع والتحريم .
2- النهي كان في بداية الأمر ، ثم نسخه حديث الجواز .
3- النهي لم يصدر على وجه الديانة ، وإنما على وجه الظن المتعلق بأمور الدنيا التي لا يلزم الأمة امتثاله ، كما وقع في حديث النهي عن تأبير النخل .
قال ابن عبد البر رحمه الله :
” من نهيه عليه السلام ما يكون أدبا ورفقا وإحسانا إلى أمته ، ليس من باب الديانة ، ولو نهى عن الغيلة كان ذلك وجه نهيه عنها ” انتهى من ” التمهيد ” (13/93)
وقال أيضا رحمه الله :
” ولو كان ذلك حقا لنهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم على جهة الإرشاد والأدب ” انتهى باختصار من ” الاستذكار ” (6/259)

وينظر ما سبق تقريره في موقعنا في الجواب رقم : (70350) ، (133325) ، (148273)

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android