0 / 0

هل تَثبت ” صفة الركبة ” لله عز وجل ؟

السؤال: 169676

قرأت في كتاب " نقض عثمان بن سعيد على بشر المريسي " هذا الأثر عن مجاهد : ( يقول داود يوم القيامة : أدنني فيقال له : أدنه ، فيدنو حتى يمس ركبته ) . هل أهل السنَّة والجماعة يثبتون صفة الركبة لله ؟ وهل قال شيخ الإسلام ابن تيمية بهذه الصفة أو ابن باز أو الشيخ ابن عثيمين رحمهم الله جميعاً ؟ وهل هذا الأثر مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ؟ .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

ما ذكره الأخ السائل من أثر مجاهد قد رواه الدارمي رحمه الله في كتابه " النقض " ( ص 463 ) من طريق سفيان بن عيينه عن حميد الأعرج عن مجاهد .
وقد جاء في تحقيق الشيخ منصور السماري لكتاب " النقض " أن الأثر رواه عبد الله بن أحمد بن حنبل في كتابه " السنَّة " ( حديث 1085 ، 1181 ) عن مجاهد ، عن عبيد بن عمير ، ومن غير ذِكر مس الركبة ، وصححه عنه .

وللأثر روايات أخرى بألفاظ مختلفة عن مجاهد وعبيد بن عمير وسعيد بن جبير وغيرهم ، وأسانيد أقوالهم : منها ما هو صحيح ، ومنها ما هو ضعيف .
وكل أولئك من التابعين الأجلاء ، ولو كانت رواية هؤلاء عن النبي صلى الله عليه وسلم لكانت مرسلة ضعيفة ، وهم لم يرووا ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولعلهم نقلوا ذلك عن كتب بني إسرائيل .
وصفات الله عَزَّ وجَلَّ توقيفية ؛ لا يُثبت منها إلا ما أثبته الله لنفسه ، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه لا أحد أعلم بالله من نفسه تعالى ، ولا مخلوقٌ أعلم بخالقه من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وفي الوقت ذاته لا ينفي أهل السنَّة عن الله تعالى إلا ما نفاه الله تعالى عن نفسه أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم .
ولا يبنى القول في باب الأسماء والصفات على غرائب الأقوال ، ومفاريد الآثار ، التي لم يتداولها أهل السنة في مصنفاتهم ، ولم يقرروا ما تضمنته من المعاني .
قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد ، رحمه الله :
" الاستقراء دل على أن التقييد لتقرير الاعتقاد ، ليس كالتقييد للنقض على أهل الفرق ، كالأشاعرة ، وذوي الاعتزال .. ، وبيان هذا :
أن السلف إذا كتبوا الاعتقاد على سبيل التقرير والبيان ، قصروا ذلك على موارد النصوص الثابتة ، ومنها : عقيدة الطحاوي ، وأبي الخطاب الكلوذاني ، وابن تيمية في العقيدة الواسطية ، وغيرها .
وأما إذا كتبوا للرد والنقض ، مثل كتاب : نقض الدارمي عثمان بن سعيد على بشر المريسي العنيد ؛ فإن مقام النقض يفرض الإبطال لكلام الخلفي .
ولهذا ، فلا يهولنك ما يهرج به الخلف على السلف ، من أنهم أطلقوا على الله كذا وكذا ، كما هوَّش بذلك الكوثري في مقالاته على أهل السنة ، بعبارات نقلها الدارمي في نقضه ، وقد قفَّ شعري ، وحصل في النفس حسيكة على الإمام الدارمي من خلال نقول الكوثري عنه نص العبارة ، وبرقم الصفحة ؛ فلما رجعت إلى مقولات المريسي ، وصاحبه ابن الثلجي ، وجدت أن الدارمي رحمه الله تعالى ، أمام عبارات فجة ، وإطلاقات خلفية ، لا تصدر من متماسك في دينه وعقله . فالدارمي لم يبدأ بتلك العبارات ، وإنما هو في مجال النقض ، لا في مجال التقرير" . اهـ من "الأجزاء الحديثية" (228-229) .

والحاصل :
أن " صفة الركبة " لم تثبت في آية أو حديث صحيح فلا نثبتها لله تعالى ؛ كما أننا ـ أيضا ـ لا ننفيها عن الله تعالى ؛ لأنه لم يرد نفيها في نصوص القرآن والسنَّة ، ولو ثبت التوقيف بهذه الصفة ، لما كان عندنا إشكال في القول بها ، كغيرها من الصفات ؛ والإيمان بها ، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تمثيل ولا تكييف .
وانظر جواب السؤال رقم ( 145804 ) .

ولم نرّ هذه الصفة مثبتة في كتب شيخي الإسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله ، كما لم يثبتها مشايخنا المعاصرون ابن باز والعثيمين رحمهما الله .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android