0 / 0

خلعت نفسها من زوجها الأول بغير رضاه وتزوجت بآخر ، ثم عادت إلى زوجها الأول

السؤال: 172510


تزوجت منذ 27 سنة ، ولدينا ولدان راشدان وحفيدة ، لقد تغير زوجي كثيراً ، وأصبح يتعاطى المخدرات ، فبدأت أضيق منه تدريجياً، وذات يوم كنت أبحث على النت عن حل لمشكلتي معه فصادفت أخاً على قدر من العلم، وقال لي : أنه قد كتب الكثير من الكتب الدينية، وبدأ يتحدث معي عن ما يسمى بـ” الرقائق”، وكان كلامه رائعاً فأعجبني ، ووصلنا إلى درجة أن طلب مني أن أترك زوجي وأتزوجه .
وقد ذهبت وتحدثت مع زوجي بكل صراحة عما حدث ، وطلبت منه الطلاق فرفض، فاضطررت إلى مخالعته ، فكتبت إليه رسالة أحرر نفسي منه ، وذهبت وتزوجت ذلك الرجل ، وقد شجعني كثيراً على هذا التصرف ، وقال : بما أن زوجي مدمن فإنه لا حق له عليّ، وأني حرة أفعل ما أشاء ، وأن ما اتخذته من قرار بالخلع هو القرار الصائب .
ثم ما إن مضى شهران فقط حتى وجدنا أننا لا نصلح لبعض فطلقني، فعلم زوجي الأول بما حدث فجاء يطلب مني أن أقبله زوجاً من جديد ، ففكرت في الأمر ، ثم قبلت أخيراً وعدنا لبعض .
وقد أقنعني أنه لا حاجة لأن نقيم حفلاً إسلامياً جديداً ، لا سيّما وأن الخلع لم يكن خلعاً صحيحاً لأني لم أعطه عوضاً ، واتفقنا على هذا الكلام ولكن سرعان ما بدأت أشك في صحة الوضع الذي نحن فيه الآن ، ومدى موافقته للشرع ، فأرجوا منكم النصح.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الخلع الذي قمت به من طرفك أنت باطل لا أثر له ؛ فالمرأة لا تملك بنفسها فسخ عقد النكاح ، سواء كان بالخلع أو الطلاق ، كما أنها لا تملك عقده ؛ بل إن المرأة تختلع من زوجها ، إن
وجد ما يدعو للخلع ، فإن قبل، فهو الذي يوقع عليها الخلع، أو الطلاق، وإن لم يقبل ترفع أمرها إلى القاضي الشرعي؛ فإما أن يرغمه على الخلع، أو الطلاق، أو لا .
فإذا تزوجت المرأة بغير زوجها الأول، قبل أن تفارقه فرقة صحيحة، إما بطلاق ، أو فسخ ، أو وفاة : فنكاحها باطل ، بإجماع أهل العلم ؛ فإن كانت عالمة ببطلانه : فهي زانية ، يجب عليها الحد ، وهو كذلك . وإن لم تكن تعلم ذلك ، أو كانت تظن أن من حقها أن تختلع بنفسها ، وأن خلعها ذلك ماض ، فهي معذورة بجهلها ، ولا يقام عليها الحد ؛ لكن نكاحها الثاني باطل أيضا ، فيلزمه أن تفارقه ، وتعتد منه ، ثم تعود إلى زوجها الأول .
قال ابن قدامة رحمه الله :
” فَأَمَّا الْأَنْكِحَةُ الْبَاطِلَةُ، كَنِكَاحِ الْمَرْأَةِ الْمُزَوَّجَةِ أَوْ الْمُعْتَدَّةِ، أَوْ شِبْهِهِ، فَإِذَا عَلِمَا الْحِلَّ وَالتَّحْرِيمَ، فَهُمَا زَانِيَانِ، وَعَلَيْهِمَا الْحَدُّ، وَلَا يَلْحَقُ النَّسَبُ فِيهِ … ، وَتَجِبُ الْعِدَّةُ بِالْخَلْوَةِ فِيهِ، وَعِدَّةُ الْوَفَاةِ بِالْمَوْتِ فِيهِ، وَالْإِحْدَادُ، وَكُلُّ ذَلِكَ احْتِيَاطًا لَهَا ” انتهى من “المغني” (7/13) .
وجاء في “الموسوعة الفقهية” (8/123-124) :
” اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ الْعِدَّةِ وَثُبُوتِ النَّسَبِ بِالْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ ، كَالنِّكَاحِ بِدُونِ شُهُودٍ ، أَوْ بِدُونِ وَلِيٍّ ، وَكَنِكَاحِ الْمُحْرِمِ بِالْحَجِّ ، وَنِكَاحِ الشِّغَارِ . وَيَزِيدُ الْحَنَابِلَةُ ثُبُوتَهُمَا بِالْخَلْوَةِ ؛ لأَنَّهُ يَنْفُذُ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ أَشْبَهَ الصَّحِيحَ .
وَيَتَّفِقُونَ كَذَلِكَ عَلَى وُجُوبِ الْعِدَّةِ وَثُبُوتِ النَّسَبِ فِي النِّكَاحِ الْمُجْمَعِ عَلَى فَسَادِهِ : بِالْوَطْءِ ، كَنِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ ، وَزَوْجَةِ الْغَيْرِ ، وَالْمَحَارِمِ ، إِذَا كَانَتْ هُنَاكَ شُبْهَةٌ تُسْقِطُ الْحَدَّ ، بِأَنْ كَانَ لا يَعْلَمُ بِالْحُرْمَةِ ؛ وَلأَنَّ الأَصْلَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ : أَنَّ كُلَّ نِكَاحٍ يُدْرَأُ فِيهِ الْحَدُّ فَالْوَلَدُ لاحِقٌ بِالْوَاطِئِ .
أَمَّا إِذَا لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ شُبْهَةٌ تُسْقِطُ الْحَدَّ ، بِأَنْ كَانَ عَالِمًا بِالْحُرْمَةِ ، فَلا يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ ، وَكَذَلِكَ عِنْدَ بَعْضِ مَشَايِخِ الْحَنَفِيَّةِ ؛ لأَنَّهُ حَيْثُ وَجَبَ الْحَدُّ فَلا يَثْبُتُ النَّسَبُ . وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَبَعْضِ مَشَايِخِ الْحَنَفِيَّةِ يَثْبُتُ النَّسَبُ لأَنَّ الْعَقْدَ شُبْهَةٌ.
وينظر أيضا: “الموسوعة الفقهية” (29/339).
وينظر جواب السؤال رقم (171791).
والحاصل:
أن المرأة في كل الأحوال: لا تملك أن تخلع نفسها من زوجها بمفردها، كما حصل منك.
وعليه: فزواجك الثاني من هذا الرجل الكاذب المتلاعب: باطل، لا حكم له؛ ويلزمك أن تعتدي منه، كالمطلقة .
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يكفي في ذلك أن تستبرئ رحمها بحيضة واحدة .
ينظر : “الشرح الممتع” (13/381-383) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android