أنا شاب أبلغ من العمر 33 عاماً ، متزوج ، ولي مسكن خاص بي ، وقد عزمت هذا العام أن أذهب لأداء فريضة الحج ( حجة الإسلام ) أسأل الله عز وجل أن يتقبلها مني ، ولكن تراودني هواجس من ناحية القبول لأني أعتقد أن والدي رحمه الله قد أنفق عليَّ من مولدي حتى وصلت لسن 18 عاماً من مال حرام أو فيه شبَه كبيرة على الأقل ( كان يعمل موظفا في شركة تقوم بصناعة الدخان والسجاير والمعسل وخلافه ) لمدة 40 عاماً حتى وفاته ، وقد أنفق علينا أنا وأخوتي وأمي من راتبه من هذا العمل طوال حياته ، فهل يتقبل الله عز وجل من جسدٍ غُذِّي بالحرام مثلي حجّاً مبروراً أو دعاءً أو عملاً صالحاً ؟ وكيف أطهر نفسي من لحم نبت من حرام وقد أعددت نفقة الحج من عملي الخاص بي وهو حلال ؟ ثم إن والدتي تأخذ معاشاً من وراء عمل والدي ولي أخ أكبر يعمل في نفس الشركة التي كان يعمل بها والدي ويسكن مع أمي فهل يجوز لي أثناء زيارتهم أن أطعم من طعامهم أم أحرمه على نفسي ولا أقربه وأقتصر على الزيارة فقط ؟ وجزاكم الله خيراً لسعة صدركم .
هل ينتشر أثر التغذية بالحرام إلى أولاد المكتسب بالحرام ؟ وهل يحل تقاعده ؟
السؤال: 175540
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
العمل في مصانع السجائر محرَّم ، والكسب الذي يُكسب منها محرَّم ، فيجب عليك أن تنصح أخاك أن يتقي الله تعالى ربَّه وأن يطيب كسبه وماله.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – :
” لا يحل لك أن تعمل في هذه الشركة التي تصنع السجاير وذلك لأن صنع السجاير والاتجار بها بيعا وشراء محرم ، والعمل في الشركة التي تصنع إعانه على هذا الحرام وقد قال الله تعالى في كتابه (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ).
فبقاؤك في هذه الشركة محرم ، والأجرة التي تكسبها بعملك محرمة أيضاً وعليك أن تتوب إلى الله وأن تدع العمل في هذه الشركة ، والأجرة اليسيرة الحلال خير من الأجرة الكثيرة الحرام … .
فنصيحتي لك أيها الأخ أن تتقي الله – عز وجل – وأن تخرج من هذه الشركة وأن تطلب رزقاً حلالاً ليبارك الله لك فيه ” ، انتهى من ” فتاوى إسلامية ” ( 4 / 310 ، 311 ) .
ثانياً :
كون العمل الذي كان يعمله والدك – رحمه الله – محرَّماً وكسبه منه محرَّم لا يؤثر على أفراد أسرته من وجوه :
الأول : من حيث النفقة عليهم ، فكل ما كان ينفقه والدكم عليكم هو حلال لكم ، وبذا تعلم أنه لا ينطبق عليكم حديث ( وَغُذيَ بِالحَرَام ) بل هو ينطبق على من اكتسب مالاً بالحرام ، وعلى من استفاد من المال المحرَّم لذاته كالمال المسروق والمغصوب وهو يعلم حرمته.
وعليه ، فلا أثر لهذه النفقة على عبادتك من صلاة ودعاء وحج وغيرها ، ونرجو الله أن يتقبل منك صالح عملك .
والتفريق بين المال المحرم لذاته والمحرم لكسبه يفيدك في معرفة حكم الأكل من بيت أخيك وأنه جائز لك ، فلك غُنمه وعليه غُرمه ، كما قد بينَّاه في جواب السؤال (104198 ) وفي الجواب بيانُ حلِّ المال المكتسب من حرام على أهل المكتسِب.
الثاني : من حيث الميراث ، فما تركه والدكم وراءه من تركة هو حلال لورثته من أفراد أسرته ، وحلال لمن أوصى له بشيء منه .
قال الشيخ العثيمين – رحمه الله – في تتمة كلامه في الفتوى السابقة – : ” الرجل إذا اكتسب مالاً حراماً لم يبارك الله له فيه ، وإن تصدق به لم يقبله الله منه ، وإن خلَّفه بعده كان عليه غُرمه ولورثته من بعده غُنمه ” انتهى من ” فتاوى إسلامية ” ( 4 / 311 ) .
الثالث : لا تأثير لحرمة عمل الأب على المعاش الذي تأخذه والدتك الآن من الشركة التي كان يعمل بها ؛ لأنه ليس من كسب الوالدة بل من كسب زوجها ، ولأن سبب الاستحقاق مختلف.
وينظر جواب السؤال (184222)
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة