أنا فتاة أبلغ من العمر 26 سنة ، درست ببلاد الغرب و قد عدت منذ 7 أشهر إلى وطني والحمد لله بعد أن هداني الله . عدت وأنا أنوي العمل مع والدي ومساعدته في مشروع عائلي ، هو بصدد إنجازه منذ سنين ، و وهو بعث مصحة ، وأنا أنوي أن أجعل من هذا المشروع بابا للخير والدعوة بإذن الله.
غير أني منذ بدأت العمل، أصبحت أرى في عملي معاصي كثيرة ( اختلاط، متبرجات، قروض ربوية لتمويل المشروع …) ، فقررت في بداية الأمر أن أساعد والدي على بعثه ثم أنسحب لبعث مشروع خاص بي يكون على منهج السلف بإذن الله، خاصة وأنني لا أوافق والدي في منهجه المعاصر.
ثم هداني الله إلى النقاب، و بعد أن درست الأدلة على وجوبه و استحبابه اطمأن قلبي للبسه والحمد لله ، وأصبحت أرى وجوبه لتجنب العديد من الفتن في مجتمعنا ، و محيطي العائلي الغير ملتزم وإن كان محافظا ، لكن والدي يرفضان ذلك بشدة ، حتى إنني اضطررت لترك العمل ، وملازمة المنزل لأجل ذلك .
وفي فترة قصيرة تقدم لخطبتي والحمد لله كفء لي ، وقد رضيت به ، وقد وافق والدي في بداية الأمر لما علمه عنه من دين وخلق ونسب ، ولكن اشترط علي التخلي عن النقاب والعودة إلى العمل حتى يزوجني ، خاصة وأن مخاوفه ازدادت لمّا رأى مظاهر الهدي الظاهر على الخاطب وعلم أنه مقتنع بوجوب النقاب والحمد لله. وهو يخشى من ناحية من التطورات الأمنية لما علمه من مضايقات يتعرض لها الملتحون والمنتقبات، ويخاف من ناحية أخرى أن “نتعصب” أكثر لهذا المنهج على حد تعبيره وأن نسعى في طريق الجهاد إذا ما قبل تزويجنا، وبعد مضي شهرين قرر والدي رفضه بحجة أنه يخاف علي ، ولا يرتاح لهذا الزواج.
وما يقلقني هو أن والدي يرفض أن يزوجني من أي شخص يتبع منهج السلف لنفس الأسباب التي ذكرتها ، ويفضل أن أبقى في المنزل إلى أن أرضخ.
فماذا عليّ ؟
والدها لا يقبل تزويجها ممن يتبع المنهج السلفي
السؤال: 175573
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
نهنئك على من الله به عليك من الهداية والاستقامة ورجاحة العقل وحسن الفهم والتصرف ، ونسأله تعالى أن يزيدك من فضله .
ثانيا :
لا يجوز التعامل بالربا ، ولا إعانة أحد عليه ، كما لا يجوز التبرج والاختلاط بالرجال في العمل وغيره ، وينظر لفائدة سؤال رقم: (160195) .
ثالثا :
لا يلزم المرأة طاعة والديها في ترك النقاب إذا كانت مقتنعة بوجوبه ، وينظر سؤال رقم : (98382) .
رابعا :
لا يجوز لولي المرأة أن يمنعها من الزواج من الكفء الذي رضيت به .
قال الله تعالى : (فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ) البقرة/232.
قال ابن قدامة رحمه الله : ” ومعنى العضل منع المرأة من التزويج بكفئها إذا طلبت ذلك ، ورغب كل واحد منهما في صاحبه. قال معقل بن يسار : زوجت أختا لي من رجل ، فطلقها ، حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها ، فقلت له : زوجتك ، وأفرشتك ، وأكرمتك ، فطلقتها ثم جئت تخطبها ! لا والله لا تعود إليك أبداً . وكان رجلاً لا بأس به ، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية : (فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ) فقلت : الآن أفعل يا رسول الله . قال : فزوجها إياه . رواه البخاري .
وسواء طلبت التزويج بمهر مثلها أو دونه ، وبهذا قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد …
فإن رغبت في كفء بعينه ، وأراد تزويجها لغيره من أكفائها ، وامتنع من تزويجها من الذي أرادته ، كان عاضلاً لها .
فأما إن طلبت التزويج بغير كفئها فله منعها من ذلك ، ولا يكون عاضلاً لها ” انتهى من “المغني” (9/383) .
وإذا ثبت امتناع وليها من تزويجها من كفء رضيت به ، فإن الولاية تنتقل إلى من بعده من العصبة ، فإن أبوا جميعا أن يزوجوها ، رفعت أمرها للقاضي ليزوجها .
لكن لا ينبغي للمرأة أن تقدم على ذلك إلا بعد النظر فيما يترتب على ذلك من المفاسد ، فقد يؤدي ذلك إلى القطيعة بينها وبين أبيها وأقاربها ، مع احتمال أن يقبل أبوها كفئا آخر يتقدم لها.
وينظر : سؤال رقم: (115402) .
وعليه : فإن تكرر رفض والدك للكفء المتقدم لك ، أو علمت من تصريحه وتعليله لرفض الخاطب الأول أنه لن يقبل تزويجك من أهل الاستقامة المخالفين له في الرأي ، فإنه يكون بذلك عاضلا ، ولك الرجوع إلى من بعده من الأولياء ليزوجك ، فإن أبى وأبى من بعده من الأولياء ، رفعت الأمر للقاضي الشرعي بعد النظر فيما قد يترتب على ذلك من مفاسد .
وولي المرأة هو : أبوها ، ثم أبوه ، ثم ابنها ثم ابنه (هذا إن كان لها ولد) ، ثم أخوها لأبيها وأمها ، ثم أخوها لأبيها فقط ، ثم أبناؤهما ، ثم العمومة ، ثم أبناؤهم ، ثم عمومة الأب، ثم السلطان. وينظر : “المغني” (9/ 355) .
ونسأل الله لك التوفيق والعون والسداد .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة