امرأة مسلمة كانت متزوجة برجل مسلم ورزقا بطفل ، ثم ما لبثت أن استزلها الشيطان فبدأت بارتياد النوادي الليلية فتعرفت هناك على رجل كافر ، وتطورت العلاقة فأخذت ابنها وعاشت مع ذلك الرجل في الحرام بعد أن تركت دينها وتخلت عن الإسلام ، ثم بعد عام من ذلك تابت وتركت صديقها ، ودخلت الإسلام من جديد والتزمت بلبس الحجاب والصلاة وحسن حالها تماماً ، وعادت إلى أبويها وطلبت منهما العفو والصفح فصفحا عنها .
ثم بعد ذلك بعدة سنوات أسلم صديقها ذاك وجاء إلى بيتها وطلب يدها للزواج من أبيها فوافق الأب ووافقت هي ، غير أن أخاها لم يوافق ، فقد ثقل على نفسه أن يرى الرجل الذي ارتكب الفاحشة مع أخته والذي تركت الإسلام وتخلت عن زوجها من أجله ؛ ثقل عليه أن يراه زوجاً لأخته لذا لم يوافق على الزواج مطلقاً ، وهدد بأن يقطع علاقته بأخته نهائيّاً إذا تزوجته ولن يكلمها بعد اليوم .
لقد جرح هذا التصرف أبويه كثيراً ، فهما لا يريدان أن يريا أبناءهما متخاصمين ، لذا حاول الأب تذكير الابن بحق الرحم ، وأنه لا يجوز قطعها وأن الله وصّى بها ، ولكن الابن أبى الاستجابة وقال : إن من حقه مقاطعتها وأن هذا حق كفله له الشرع .
سؤالي هو : هل هذا حقّاً حقٌّ كفله له الشرع ؟ .
هل من حق الأخ أن يعترض على زواج أخته ويهدد بمقاطعتها مع موافقة والدها ؟
السؤال: 176361
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
إن نعمة الهداية من أجلِّ نعم الله تعالى على عبده ، ومن واجب العبد المهتدي أن يكثر من شكر ربِّه على هذه النعمة الجليلة ، ونحن نفرح لتوبة التائبين وهداية المهتدين ، فما حصل من هداية ذلك الرجل من الكفر إلى الإسلام ومن هداية تلك المرأة ورجوعها إلى الإسلام وتركها عيشة الأشقياء مما يفرح قلوبنا ، ونسأل الله تعالى أن يثبتهما على الإسلام وأن يُصلح قلبيهما .
وإذا كان المسلم البعيد يسعد بخبر هداية تلك الأخت ورجوعها لدينها ، فإن المتوقع أن يكون أهلها أكثر الناس سعادة ؛ لما في تركها لدينها وبُعدها عنهم ورضاها بأن تعيش مع كافر أجنبي بالحرام من مشقة بالغة على النفس ، وهو أمر جلل لا تحتمله قلوب وعقول كثيرين ، ولذا فإننا نوصي هذا الأخ أن يتقي الله تعالى في نفسه ، وأن يتمهَّل في قراراته وأن لا يكون سبباً في إيذاء أهله وتفريق أسرته ، بل قد يكون سبباً لما هو أعظم من ذلك ؛ فقد يكون سبباً في فتنة أخته مرة أخرى ، ولا يدري المرء ما يحيكه الشيطان للمهتدين من سبل غوية وضلال .
وبما أنَّ والد تلك الفتاة قد وافق على تزوج ذلك الرجل المهتدي للإسلام بابنته ، فليس من حق الأخ أن يعترض على أبيه ويهدد بمقاطعة أخته ، نعم من حقه أن يبدي رأيه ، ومن حقه أن يقلِّب الرأي مع أهله وأخته ولكن ليس من الضروري أن يرجعوا لرأيه وأن يقبلوا قوله .
وحينئذ نقول : ليس من حق هذا الأخ مقاطعة أخته ؛ لأن تزوجها بذلك الرجل المهتدي ليس حراماً ؛ فأي معصية ارتكبتها أخته بالموافقة على التزوج بذلك الرجل حتى يكون له الحق في مقاطعتها ؟! .
ومع قولنا بأن التزوج بذلك الرجل جائز شرعاً ، وأنه لا اعتبار باعتراض الأخ عليه ، وبأنه ليس من حقه مقاطعة أخته إذا هي قبلت به زوجاً : فإننا نوصي الأب والأخت بإعادة النظر في موافقتهم على ذلك الرجل ، والسماع للطرف الآخر المخالف ، وتداول الأمر مع ذوي العقل من المقربين والعارفين بالحال ، مع وجوب الاستيثاق من حال هذا الخاطب ، وصدق إسلامه قبل أن يأتي لخطبة هذه الأخت ، وأنه راغب في الإسلام حقا .
نسأل الله تعالى أن يهدي الجميع لما في خير وصلاح الأسرة ، وأن يوفقهم للرأي الصائب ويجمعهم على العمل به .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب