هل من حق الأخ أن يعترض على زواج أخته ويهدد بمقاطعتها مع موافقة والدها ؟
السؤال: 176361
امرأة مسلمة كانت متزوجة برجل مسلم ورزقا بطفل ، ثم ما لبثت أن استزلها الشيطان فبدأت بارتياد النوادي الليلية فتعرفت هناك على رجل كافر ، وتطورت العلاقة فأخذت ابنها وعاشت مع ذلك الرجل في الحرام بعد أن تركت دينها وتخلت عن الإسلام ، ثم بعد عام من ذلك تابت وتركت صديقها ، ودخلت الإسلام من جديد والتزمت بلبس الحجاب والصلاة وحسن حالها تماماً ، وعادت إلى أبويها وطلبت منهما العفو والصفح فصفحا عنها .
ثم بعد ذلك بعدة سنوات أسلم صديقها ذاك وجاء إلى بيتها وطلب يدها للزواج من أبيها فوافق الأب ووافقت هي ، غير أن أخاها لم يوافق ، فقد ثقل على نفسه أن يرى الرجل الذي ارتكب الفاحشة مع أخته والذي تركت الإسلام وتخلت عن زوجها من أجله ؛ ثقل عليه أن يراه زوجاً لأخته لذا لم يوافق على الزواج مطلقاً ، وهدد بأن يقطع علاقته بأخته نهائيّاً إذا تزوجته ولن يكلمها بعد اليوم .
لقد جرح هذا التصرف أبويه كثيراً ، فهما لا يريدان أن يريا أبناءهما متخاصمين ، لذا حاول الأب تذكير الابن بحق الرحم ، وأنه لا يجوز قطعها وأن الله وصّى بها ، ولكن الابن أبى الاستجابة وقال : إن من حقه مقاطعتها وأن هذا حق كفله له الشرع .
سؤالي هو : هل هذا حقّاً حقٌّ كفله له الشرع ؟ .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
إن نعمة الهداية من أجلِّ نعم الله تعالى على عبده ، ومن واجب العبد المهتدي أن
يكثر من شكر ربِّه على هذه النعمة الجليلة ، ونحن نفرح لتوبة التائبين وهداية
المهتدين ، فما حصل من هداية ذلك الرجل من الكفر إلى الإسلام ومن هداية تلك المرأة
ورجوعها إلى الإسلام وتركها عيشة الأشقياء مما يفرح قلوبنا ، ونسأل الله تعالى أن
يثبتهما على الإسلام وأن يُصلح قلبيهما .
وإذا كان المسلم البعيد يسعد بخبر هداية تلك الأخت ورجوعها لدينها ، فإن المتوقع أن
يكون أهلها أكثر الناس سعادة ؛ لما في تركها لدينها وبُعدها عنهم ورضاها بأن تعيش
مع كافر أجنبي بالحرام من مشقة بالغة على النفس ، وهو أمر جلل لا تحتمله قلوب وعقول
كثيرين ، ولذا فإننا نوصي هذا الأخ أن يتقي الله تعالى في نفسه ، وأن يتمهَّل في
قراراته وأن لا يكون سبباً في إيذاء أهله وتفريق أسرته ، بل قد يكون سبباً لما هو
أعظم من ذلك ؛ فقد يكون سبباً في فتنة أخته مرة أخرى ، ولا يدري المرء ما يحيكه
الشيطان للمهتدين من سبل غوية وضلال .
وبما أنَّ والد تلك الفتاة
قد وافق على تزوج ذلك الرجل المهتدي للإسلام بابنته ، فليس من حق الأخ أن يعترض على
أبيه ويهدد بمقاطعة أخته ، نعم من حقه أن يبدي رأيه ، ومن حقه أن يقلِّب الرأي مع
أهله وأخته ولكن ليس من الضروري أن يرجعوا لرأيه وأن يقبلوا قوله .
وحينئذ نقول : ليس من حق هذا الأخ مقاطعة أخته ؛ لأن تزوجها بذلك الرجل المهتدي ليس
حراماً ؛ فأي معصية ارتكبتها أخته بالموافقة على التزوج بذلك الرجل حتى يكون له
الحق في مقاطعتها ؟! .
ومع قولنا بأن التزوج بذلك الرجل جائز شرعاً ، وأنه لا اعتبار باعتراض الأخ عليه ،
وبأنه ليس من حقه مقاطعة أخته إذا هي قبلت به زوجاً : فإننا نوصي الأب والأخت
بإعادة النظر في موافقتهم على ذلك الرجل ، والسماع للطرف الآخر المخالف ، وتداول
الأمر مع ذوي العقل من المقربين والعارفين بالحال ، مع وجوب الاستيثاق من حال هذا
الخاطب ، وصدق إسلامه قبل أن يأتي لخطبة هذه الأخت ، وأنه راغب في الإسلام حقا .
نسأل الله تعالى أن يهدي
الجميع لما في خير وصلاح الأسرة ، وأن يوفقهم للرأي الصائب ويجمعهم على العمل به .
والله أعلم
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟